شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
ألف ليلة وليلة بنسختها السورية

ألف ليلة وليلة بنسختها السورية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 20 فبراير 201511:40 ص

إنه العاشر من ديسمبر عام 2013. الشرق الأوسط يستعدّ للعاصفة الثلجية "ألكسا" التي قيل إنّ المنطقة لم تشهد لها مثيلاً منذُ أكثر من عشرين سنة. لكن استثنائية هذا اليوم لا تنبع من هذه الــ "ألكسا" المرتقبة، إذ أنّ العاشر من ديسمبر هذا يحمل في طيّاته معنىً آخر، فهو يعني فيما يعنيه أيضاً أنّ ألف يوم ويوم قد مرّ منذ العاصفة الأكبر، الثورة السورية!

1001، ليس قراراً من قرارات مجلس الأمن.
1001، ليس مرسوماً جمهورياً يقضي بزيادة الرواتب أو مخصصات التدفئة.

وهو ليس رقماً اعتباطياً يمرّ هكذا، بلا أيّ معنى، فالتاريخ يحمل في طيّاته الكثير عن هذا الرقم. يكفيكَ أن تكتبَ 1001 على محرّك البحث google حتّى تحصلَ على آلاف النتائج، من قرارات وأعداد صفحات وتواريخ وفيّات أو ولادات. ألف طريقة وطريقة للحصول على جسم أكثر رشاقة. ألفُ سببٍ وسببٍ للافتخار بالإسلام. ألف مبرر ومبرر لتقوية العلاقات العربية الصينية (حسبَ الشيخ القرضاوي). ألفُ سببٍ وسببٍ للحبّ.… العاشر من ديسمبر يعني 1001، وهو ليس عددَ أهداف الجوهرة السوداء بيليه أيضاً.

أول ما يخطر في البال عند ذكر هذا الرقم سلسلة ألف ليلة وليلة، لكن ثقل الليالي السوريّة أشدّ من أي ثقل عاناهُ شهريار قبل نومه. لا نعلمُ حتّى اللحظة ما الذي ستقوله شهرزادُ السوريّة لمليكها هذه الليلة، لكنّها في الليلة رقم 961 حملت لهُ مجموعة من الأرقام التي توقظ النيام من نومهم، إذ تحدّثت عن 95982 شهيداً، بينهم 1680 فلسطينياً، و8639 طفلاً، و7690 امرأة، و3252 شهيداً تحت التعذيب… لكنّ شهريار نام.

قالت إنّ عدد الجرحى التقريبيّ يفوق 149420 جريحاً، وعدد المعتقلين التقريبي يفوق 284957 معتقلاً، والمفقودين يزيد عن 90920 مفقوداً...ونامَ شهريار.

ذكّرتهُ أنّ من فقدوا منازلهم تهجيراً منها إلى خارج الحدود السورية 3015240 شخصاً يسمّونَ "لاجئين"، أما من سمّوا بالنازحين فهم من فقدوها، لكنهم ظلوا داخل أسوار الرعب السورية وعددهم 6800000 شخصاً... ونام شهريار.

وكأنّ المليك لا ينامُ إلّا حين يتأكّد من أنّ الموت يمارس مهنته بدقّة شديدة. كلّما كبر عدد الضحايا بين قتيلٍ وجريحٍ ومهجّرٍ غلبَ النعاسُ على هذا العالم، شهريار الرواية.

قبل أربعين ليلة وليلة من اليوم، حكت شهرزاد أن الإحصائيات تشير إلى معدلات مثل: كل 4 دقائق يعتقل النظام مواطناً، وكل عشرة يجرحُ آخر، وكلّ ثلاث عشرة دقيقة يُغيّب ثالثاً، وكلّ خمس عشرة يقتل رابعاً، وكل يوم يقتل تسعة أطفال، ويقضي أربعة أشخاص تحت التعذيب، ويهاجر 3137 مواطناً إلى الخارج، بينما ينزح 7075 مواطناً داخلَ أسوار سوريا... ونام شهريار!

كان هذا ما روتهُ شهريارُ السورية للأمير وقتها، ولم تروِ حكاية الليلة الأولى بعد الألف حتى اللحظة.

إنهُ العاشرُ من ديسمبر. كلّ شيءٍ على حاله خارجَ أسوار الحكاية، المؤتمرات تعقدُ بانتظام، الجلسات والندوات والأمسيات، البارات والمراقص والملاهي الليلية، البيانات والقرارات والتنديدات والاستنكارات... كلّ شيء على حاله.

لن يذكرَ هذا التاريخ إلا أولئك الذين لم تعد تعنيهم أبداً أيامُ "جون ريد" العشرة التي هزّت العالم، لأنّ العالمَ نفسَهُ لا يسجلُ أنّ من ولدَ في هذا اليوم فقد ولد في اليوم رقم 1001، بل ما زالَ يُسجّلُ، وسيظلّ، ولادات اليوم بتاريخ 10/12/2013، بدون أن يهتزّ لهُ جفن!

فشهريارُ نائم، وبعمقْ!


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image