خلال زيارتي إلى لبنان، اختبرت تجربة مريرة يعيشها اللبنانيون يومياً على الطرقات، هي أن "تعلق بعجقة السير" أي أن تُضيّع الكثير من وقتك متى تريد الانتقال من مكان إلى آخر. استقللت سيارة الأجرة من منطقة جونيه، ووجهتي الأخيرة وسط المدينة بيروت. مسافة تحتاج إلى عشرين أو ثلاثين دقيقة كحد أقصى إلا أنها، في ذاك اليوم، احتاجت إلى ساعتين.
ساعتان أحسست أنهما دهراً، نمت واستيقظت عشرات المرات، اتصلت بمعظم الناس الذين أعرفهم لأطمئنّ عليهم، وشعرت مرات أخرى أنني أريد أن "أطلع من ثيابي"، وأن أضرب أحد السائقين لتجاهله قوانين السير أو أن أنهال على آخر بالشتائم. ساعتان وسائق سيارة الأجرة لم يتلفظ بكلمة "خارج الحدود"، ولم يفقد دقيقة واحدة من هدوئه أو ابتسامته، مدندناً ألحان أغانٍ تلعبها إحدى الإذاعات.
وعندما اقتربنا من نهاية هذه المحنة، لم أتمالك نفسي، فسألته عن سر رباطة جأشه ليجيبني: "يا ابنتي، هذا عملي، أمضي ساعات طويلة في السيارة ضحية زحمة السير. أتتخيّلين لو أنني فقدت أعصابي في كل لحظة اجتازتني سيارة ما أو أساء أحد السائقين التصرف… لكنت أمضيت حياتي وأنا أشتم ولكانت تدهورت صحتي. أحاول ألا أتأثر بما يحصل في الخارج وأن لا أشتم احتراماً للزبائن وكأنني لا أرى أو يهمّني سوى سلامة ركّابي والأغاني الجميلة التي أغنيها".
يحاول هذا السائق أن يُحافظ على هدوئه في زحمة السير اليومية، من خلال الأغاني. لكنه استثناء بين السائقين، الذين يفقدون أعصابهم غالباً، ويتوترون في وجه هذه المشكلة الدائمة في مختلف مدن العالم، التي تعرف ذروتها في ساعات، غالباً ما تكون محددة أي في الصباح، حين يتوجه الناس إلى أشغالهم وفي المساء عند عودتهم إلى منازلهم، وخلال الأعياد والعطل، أو حتى متى تتعطل سيارة أو تُغلق إحدى الطرقات، أو متى تُمطر في بعض المدن العربية غير المؤهلة.
مجموعة من الحيل والنصائح التي قد تساعدكم خلال زحمة السير المعتادة...هذه المشكلة لا تقتصر تبعاتها على التوتر والتشنج، بل تسبب العديد من المشاكل الصحية. فأظهرت عدة دراسات أن اختبار زحمة السير لساعات طويلة، ولمدة طويلة، يتسبب بالإجهاد المزمن المرتفع، وزيادة الوزن وارتفاع ضغط الدم، وغياب اللياقة البدنية، أو حتى مشاكل صحية أكثر خطورة كأمراض القلب والسكري. قد يملك البعض رفاهية تجنب زحمة السير بفضل تجنب ساعات الذروة، لكن هذا الترف ليس متوفراً للجميع. وبالتالي، لعل أفضل حل هو معرفة كيفية مواجهة ساعات تمضونها سجناء سيارتكم، عوضاً عن فقدان أعصابكم ومواجهة العديد من المشاكل الصحية. via GIPHY في ما يلي، مجموعة من الحيل والنصائح التي قد تساعدكم، ولو قليلاً، في أن تستقلوا سيارتكم وأن تستعدوا لتمضية بعض الوقت برفقتها!
استفيدوا من الوقت لتوطيد علاقتكم بالآخرين
via GIPHY لا تدعوا هذه الدقائق أو الساعات تضيع هدراً، حاولوا أن تستغلوها لبناء الجسور البشرية مع الآخرين، أكانوا أصدقاء أو علاقات عامة أو أفراد عائلتكم. فإذا كنتم برفقة أحد أفراد العائلة، استغلوا الوقت للتحدث معهم وعن أحوالهم، أو لمناقشة موضوع أو مشروع ما. وإذا كنتم في سيارة أجرة، فقد تكون الرحلة فرصة للتعرف إلى السائق واكتشاف أسرار مهنته وأفراحه ومصاعبه. أما إذا كنتم بمفردكم، فاستفد من تقنية البلوتوث أو ضعوا السماعات في أذنيكم، واتصلوا بأصدقائكم لتبادل أطراف الحديث عن نهاركم، أو للتخطيط لمشروعكم المستقبلي. وستفاجؤون كم سيمرّ الوقت سريعاً. وبغفلة عين، تكونون وصلتم إلى وجهتكم!حان وقت القراءة
via GIPHY كلا لا نريدكم أن تقوموا بحادث سير أو تضيعوا تركيزكم بقراءة كتاب أو قراءة الأخبار على هاتفكم المحمول. فالخطر هنا عظيم، ويتسبب بالعديد من الحوادث. لكن، هل تتذكرون كم كنتم تحبون أن تقرأ لكم والدتكم قصة قبل النوم؟ بالفعل، مفعول الاستماع إلى الروايات ما زال سارياً حتى على الكبار. والحل هو الكتب الصوتية التي يمكن الاستماع إليها في السيارة. ولكن، اختاروا قصصاً لا تهدئ من أعصابكم وتجعلكم تنامون، بل قصصاً مشوّقة تساعدكم على تضييع الوقت بشكل ثقافي ومشوّق. أو حتى يمكنكم الاختيار من باقة واسعة من البودكاست، إن كنتم تفضلونها على الكتب الصوتية الطويلة.باشروا العدّ
via GIPHY لا شك أنكم تشعرون بأن السيارات تتقدم ببطء شديد متى تكون على عجلة من أمركم، تجربة غالباً ما نمرّ بها جميعاً. إلا أن الحل الأكيد هو علاج قديم: العدّ. هذه الحيلة التي قد تبدو سخيفة قد تُنقذك من الملل. فإذا كنتم عالقاً خلف السيارات لا تتحركوا، العد يجعلكم تنقلون تركيزكم ويساعدكك على أن تدركوا أنه، في نهاية المطاف، لم تنتظروا وقتاً طويلاً.مارسوا يوغا اليدين
via GIPHY لن تساعدكم زحمة السير على ممارسة كل حركات رياضة اليوغا، إلا أنكم تستطيعون ممارسة بعض الحركات للتخفيف من الإجهاد والتوتر. فتستطيعون ممارسة حركات اليَدين، التي هي من دون أدنى شك مفيدة جداً لصحتكم، لا سيما إن كنتم من الذين يستخدمون أيديهم كثيراً في العمل، في الطباعة على لوحة مفاتيح الحاسوب، أو في ورش العمار أو المصانع أو مجرد حمل الأولاد. كيف ذلك؟ الحركات بسيطة جداً: متى يكون السير واقفاً تماماً، مدوا ذراعيكم على الجزء العلوي من المقود ومدّدوا وابسطوا أصابعكم. أوقفوا الحركة لبضع ثوانِ ثم مددوا معصميكم. كرروا الحركة ثلاث مرات. وبعدها، اثنوا كل إصبع على حدة واضغطوه على ظفر الإبهام المعاكس، من أجل تحسين مرونة المفاصل وتدفق الدم. ولا تفقدوا تركيزكم على الطريق خلال ممارسة هذه الحركات!لا تفوتوا شرب المياه
via GIPHY كثيرون لا يشربون ما يكفي من المياه خلال النهار، وها هي الفرصة للتعويض عن ذلك، وأنتم سجناء سياراتكم. لذا، احتفظوا بزجاجة مياه في سيارتكم دائماً لكي تتمكن من شربها. ولكن لا تشربوا كثيراً وإلا وقعتم في مشكلة أخرى قد يكون حلّها صعب جداً، هي الرغبة الملحة في دخول الحمام! فتُصبح المصيبة مصيبتَين.تجنبوا الأغاني الصاخبة
via GIPHY أشارت الدراسات الى أن الموسيقى السريعة أو الصاخبة، تزيد من معدلات الضغط وتشعركم بالمزيد من التوتر. وبالتالي، استبدلوا هذه الموسيقى، بأخرى هادئة كي تساعدكم على خفض دقات القلب واستعادة هدوئكم. هذه بعض النصائح لكل من يجد نفسه مضطراً لعيش تجربة زحمة السير، علّها تُخفف من وقعها. وإذا كنتم تملكون الخيار، تجنبوا ساعات الذروة وتنقلوا متى تصبح حركة السير "طبيعية"، فيبقى الجلوس في البيت أو المكتب أو عند الأصدقاء أفضل ألف مرة وأكثر راحة من أي سيارة مهما كانت مريحة!رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...