شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
هيلاري خذلت النساء.. هل ينتظرن العام 2020 لتنصفهن ميشيل أوباما؟

هيلاري خذلت النساء.. هل ينتظرن العام 2020 لتنصفهن ميشيل أوباما؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 1 يونيو 201710:48 م
لم يفز دونالد ترامب بسبب ذكوريته كما لم تخسر هيلاري كلينتون لكونها امرأة، صحيح ذلك، فجنس المرشحين لم يكن عامل حسم لطرف على حساب الآخر. لكن "العمق الذكوري" الذي صاحب الحملات الانتخابية، أوصل الأمريكيين لخلاصة مفادها أن "الولايات المتحدة ليست جاهزة بعد لانتخاب امرأة". عزّز ذلك تلك الذكورية الفجة التي عبّر عنها ترامب في مناسبات عدة، كما عكست خريطة جنس المقترعين وأعمارهم ذاك الانقسام، إذ صوّتت النسبة الأكبر من الذكور ومن الفئات العمرية المتقدمة له. Anne-WAinscottAnne-WAinscott

الفرحة لم تكتمل

في أكتوبر الماضي، قامت أستل شولتز (98 عاماً) بالتصويت عبر البريد من دار المسنين حيث تقيم. كانت شولتز عاملة في مصنع أثناء الحرب العالمية الثانية، وما زالت تذكر كيف اصطحبتها والدتها عندما ذهبت للتصويت للمرة الأولى في حياتها. تقول إنها قررت أن تعيش طويلاً لتشهد هذه اللحظة، وعندما "أدركت أن الوضع خطير"، طلبت من حفيدتها أن تنشر لها صورة على فيسبوك أثناء التصويت. حازت الصورة على الآلاف من الإعجابات، فبدأت الحفيدة بالبحث عن قصص مشابهة. هكذا، أبصر موقع "انتظرت 96 عاماً" النور، وفيه تجمعت نساء من عدة ولايات ليشاركن ذكرياتهن عن اكتساب المرأة الحق في التصويت، حين تم تعديل المادة 19 من دستور الولايات المتحدة. بين هؤلاء إيرين ميلاماد (97 عاماً) الفرحة بكونها عاشت لتصبح "جزءاً من التاريخ"، وآن ويسكونت التي اعتبرت في عمر الـ99 و9 أشهر أنها حققت هدفها "أهلي شاركوا في بناء البلاد وجيلي أسقط هتلر... ولا أريد أن أرى ما بنيناه يُهدم بالعنصرية والخوف من اللاجئين.. هيلاري 2016". أما ليا سيلفر فقد ولدت قبل حصول المرأة على حق التصويت في العام 1918، وقد شاركت صورتها وهي ترتدي كنزة كتبت عليها "مكان المرأة الفعلي هو البيت الأبيض". Sylvia-Schul,amSylvia-Schul,am في المقابل، ردّت كلينتون على هذا الاحتفاء برسالة وجهتها لشولتز جاء فيها "كنت كثيراً ما أشعر بالخوف من التفكير في المسؤولية الرهيبة التي ألقيت عليّ كأول مرشحة أميركية من حزب سياسي كبير. لقد حققنا الكثير، ولم يتبق سوى عقبة واحدة لنجتازها. شكراً لكن، من أعماق قلبي، على خلق مسارات جديدة في حياتكن الخاصة وشقّ الطريق لنا لكي نسير عليه". لم تكتمل فرحة تلك النساء، إذ تبدو الطريق أمامهن أكثر صعوبة مما اعتقدن، والعقبات ليست مجرّد "واحدة"، حسب الرسالة. وبدل أن تتوّج كلينتون مساراً نسائياً طويلاً بدأ في العام 1872، انضمت لتكون بين النساء الـ11 اللواتي يحاولن تعبيد الطريق أمام "الرئيسة المنتظرة”، يوماً ما.

12 امرأة ومسار طويل

في العام 1872، كانت فيكتوريا وودهال أول امرأة أمريكية تترشّح للرئاسة. أثار ترشيحها صدمة يصاحبها الإعجاب بتلك المرشحة عن حزب "الحقوق المتساوية" التي تجرأت على خوض غمار الانتخابات الرئاسيّة، بينما كانت محرومة من حق التصويت. حينها كان تصويت المرأة في الولايات المتحدة غير قانوني، أما النساء اللواتي يتجرأن على دخول مراكز الاقتراع فكنّ معرضات للاعتقال. أكثر من 140 عاماً تراكم فيها النضال النسوي الذي تحدى القانون وضغط المجتمع والنظرة الذكورية في تاريخ الولايات المتحدة. فيكتوريا وودهال كانت الأولى، وكان ترشحها رمزياً لأنه لم يصدر عن هيئة موكلة بالترشيح الرسمي. في ذلك الوقت، واجهت صعوبة في استقطاب دعم المفكرات والناشطات في أمريكا، بينما قبض على من حاولن التصويت للقيام بعمل "غير مشروع". بعد 12 عاماً، شقّت بيلفا آن لوكوود طريقها كأول مرشحة رسمية عن حزب "الحقوق المتساوية". هاجمتها الصحف حينها ووصفتها بـ"السيدة العجوز". حصلت على 4000 صوت، بينما اتهمت لجنة فرز الأصوات بالتزوير. وفي العام 1940، أضفت غراسي آلين جواً من الفكاهة على الأجواء الانتخابيّة. حينها كان فرانكلين روزفلت، أحد أقوى رؤساء أمريكا، يخوض المعركة. كانت ممثلة كوميدية ونجمة سينمائية، ولديها برنامج تقدمه مع زوجها جورج بيرنز، وخلال البرنامج دار بينهما الحوار التالي:
  • جورج سأخبرك سراً. سأترشح للرئاسة.
  • تترشحين للرئاسة!
  • نعم
  • ومنذ متى هذا الأمر
  • منذ 150 عاماً، بعدما بدأه جورج واشنطن
  • ولكن في كل تاريخ أميركا، لم يكن هناك امرأة في منصب الرئاسة
  • نعم، ألا تجد ذلك ممتعاً؟ سأكون أول امرأة.
انقلبت السخرية إلى حقيقة، لكن غراسي انسحبت من السباق قبل محطته الأخيرة. مع ذلك حصدت آلاف الأصوات في وجه روزفلت. في العام 1964، ترشحت مارغريت شايس سميث عن الحزب الجمهوري، وقد حصدت 25% من أصوات المؤتمر الأساسي للحزب. تعد سميث ملهمة أساسية لكلينتون أيام شبابها، علماً أن الأخيرة كانت تدعم غولدووتر، خصم المرشحة الجمهورية. ترشحت كلينتون لرئاسة فصلها في المدرسة السنوية، فخسرت كما خسرت ملهمتها سميث. حينها كتبت كلينتون قائلة "حتى لو لم أُفاجأ بها فإن الخسارة مؤلمة... خاصة عندما أخبرني زملائي أنني غبية فعلاً لظنّي أن امرأة يمكن أن تفوز بالرئاسة". مع ذلك، تركت سميث بصمتها، لا سيما أنها كانت أول عضو في مجلس الشيوخ يعارض السيناتور جوزيف ماكارثي بشأن سياسة التخويف التي يعتمدها من الشيوعية والسوفييتية. وقالت في خطاب شهير لها "لا أريد أن يصل الحزب الجمهوري للانتصار السياسي على ظهر خيول أربعة:  الخوف، الجهل، التعصب، وتشويه السمعة". من جهتها، تجرأت شيرلي تشيشولم لتكون أول سيدة ملونة تترشح للرئاسة بعدما وصلت إلى الكونغرس، وقد دشنت حملتها في العام 1972. وبعدها دخلت باتسي ماتسو مينك، وهي من الأقليات، الانتخابات الأولية في أوريغون للفوز بتمثيل الحزب الديموقراطي كمرشحة ضد حرب فييتنام، لكنها لم تفز إلا بـ2% من الأصوات، فخرجت بسرعة من السابق الرئاسي. مع العلم أنها كانت أول امرأة تنتخب للكونغرس عن ولاية هاواي. قدمت مشاريع قوانين عديدة للمساواة بين الجنسي، وقد كرمها كل من الرئيسين بوش وأوباما "تقديراً لنضالها".  في العام 1972 نفسه، دخلت ليندا غينيس المنافسة عن حزب العمال الاشتراكي، وقد حصلت على 80 ألف صوت، لكنه بقي دعماً رمزياً لأنها كانت دون السن القانوني للترشح، وهو 35 عاماً. ومن السيدات اللواتي تركن بصمتهن في المسار الرئاسي، جيرالدين فيرارو التي اختارها، في العام 1984، السيناتور مونديل لتتسابق على منصب نائب الرئيس. وقتها ووجهت بالعديد من الأسئلة المستفزة، كما في إحدى المناظرات عندما قيل لها "ألا تعتقدين أن السوفييت قد يستغلونك ببساطة لأنك امرأة ؟". ولكنها خسرت مع مونديل أمام ريغان وبوش الأب. في العام 2008، دعمت فيرارو كلينتون، وقالت حينها "لم أبك عندما صوتت لنفسي في انتخابات العام 1984، ولكن عندما ذهبت لصندوق الاقتراع ونظرت لاسم هيلاري لم أتمالك نفسي من البكاء". لكنها توفيت قبل 5 سنوات من ترشح كلينتون التاريخي. وفي العام 1988، دخلت بات شرودر السباق لتنسحب بعد فترة قصيرة. وأكثر ما يحفظه الأميركيون في ذاكرتهم عن تلك المناضلة النسوية، هو الخطاب العاطفي المؤثر الذي ألقته عند انسحابها. تبعتها  كارول موسلي براون التي كانت أول امرأة أميركية - أفريقية تنتخب لمجلس الشيوخ لكنها فشلت في الحصول على تأييد حقيقي يذكر، وبعدها إليزابيث دول التي توصف بأنها "النسخة الجمهورية" عن كلينتون، لكنها خرجت من السباق مبكراً. اليوم، تتجّه الأنظار إلى ميشيل أوباما. خلال سنوات حكم زوجها الثمانية، أظهرت السيدة الأولى السابقة براعة في إثبات قدراتها الاجتماعية والثقافية والسياسية. ذكّرت الناخبين الأميركيين بتلك الكاريزما التي كانت تحظى بها هيلاري خلال فترة حكم بيل كلينتون. وهكذا بدأت الدعوات لميشيل أوباما بالتحضير للترشّح لانتخابات العام 2020. يتباهى الأميركيون أن بلادهم رائدة في مجال الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان. لكن الواقع الذي أوصل ترامب للرئاسة، ضارباً عرض الحائط بكلام النخبة ومخاوفها، لم ينزع بعد ذلك "العمق الذكوري" الذي صاحب النتيجة.

ماذا عن العالم؟

بعض السياسيات في العالم استفدن من تاريخ سياسي صنعه أب أو زوج، وأخريات حققن ذلك بجهد شخصي خالص. من هؤلاء رئيسة البرازيل ديلما روسيف، المرأة الأولى التي تصل إلى سدّة الرئاسة في البرازيل في العام 2011. وفي العام 2006، انتخبت ليبيريا إلين جونسون سيرليف (78 عاماً) لتصبح رئيسة، وكانت المرأة الأولى التي تحكم دولة أفريقية ولقّبت بـ"المرأة الحديدية"، كما فازت بجائزة "نوبل" للسلام في العام 2011. هناك رئيسة تشيلي يشال باشيليه، وكاثرين سامبا بانزا في جمهورية أفريقيا الوسطى. وانتخبت أول رئيسة مسلمة في تاريخ موريشيوس، إذ أصبحت أمينة غريب فقيم (56 عاماً) أول امرأة تشغل منصب رئيسة. وفي ليتوانيا، وصلت داليا غريباوسكايتي وكوليندا غرابار كيتاروفيتش في كرواتيا. وأصبحت رئيسة مالطا ماري كوليرو بريكا السيدة الثانية التي تتولى الرئاسة منذ استقلال هذه الجمهورية الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط عن بريطانيا العام 1974، بينما تولت بارك كون هيه كأول امرأة رئاسة الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية في العام 2013. في المنطقة العربية، لم يصل النضال النسوي، إلى خاتمة سعيدة بعد. ثمة وجوه نسائية حاولت دخول المعترك، لكن حضورها بقي خجولاً جداً، كما حصل مع فاطمة عبد المحمود في السودان وكلثوم كنو في تونس ورشيدة القيلي في اليمن وبثينة كامل في مصر وماجدة البطش في فلسطين وغيرهن. فكم عاماً سننتظر بعد ليُكتب هذا "اليوم التاريخي”؟

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image