لطالما كانت هجرة الطلاب سمة من سمات الشرق الأوسط. في القرون الوسطى، جذبت جامعة الأزهر في القاهرة علماء وطلاب من كل أنحاء العالم الإسلامي، وفي نهاية القرن التاسع عشر، لعبت روح القومية العربية في مؤسسات على غرار الجامعة الأمريكية في بيروت دوراً أساسياً في النهضة.
خلال العقود الأخيرة، حذّرت العديد من التقارير من تفاقم ظاهرة هجرة الأدمغة في العالم العربي حيث يطمح أكثر طلاب المنطقة موهبة للدراسة في مؤسسات غربية، كخطوة أولى لايجاد عمل في الخارج. ولكن، بعد أن بدأت الحكومات في الاستثمار، بشكل جدّي، في قطاع التعليم، بهدف تطوير قوى عاملة أكثر مهارة وتنافسية، يختار عدد متزايد من الطلاب التوجه الى دول في العالم العربي لمتابعة دراستهم. وفقاً لمنظمة اليونسكو، شهد العالم العربي "ارتفاعاً مطرداً في عدد الطلاب المتوجهين للدراسة في الخارج خلال السنوات العشرة الماضية، ما يُمثّل 7٪ من الاجمالي العالمي". في حين تبقى فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة الوجهات الأكثر شعبية للتعليم الجامعي، تزداد أهمية بعض الدول على غرار الإمارات العربية المتحدة.
التطور المثير للإهتمام في السنوات الأخيرة هو ارتفاع عدد الطالبات اللواتي يواصلن تعليمهن الجامعي في الخارج. بحسب تقرير صادر عن منظمة الهجرة الدولية، بلغت نسبة الشابات 36٪ فقط من الطلاب الأجانب في العالم العربي عام 2006. ولكن، في 4 دول شملتها دراسة أجراها موقع رصيف 22، 50.4٪ من الطلاب العرب المسجلين في الجامعات هم إناث، ويرتفع هذا الرقم الى ما فوق الـ75٪ للطلاب العمانيين والقطريين (في المقابل، تشكّل النساء حوالى 20٪ فقط من الطلاب الكويتيين الذين يدرسون في الإمارات وقطر والأردن والمغرب).
يمثّل الفلسطينيون أكبر شريحة من الطلاب العرب في الدول العربية الأربعة التي شملتها الدراسة مع أكثر من 7000 شخص يدرس في الأردن ونحو 3500 في الإمارات العربية المتحدة. يليهم الطلاب العمانيون والسوريون الذين يصل عدد كل منهم الى 6000، أغلبيتهم في الإمارات العربية المتحدة. بالاجمال، تحظى الإمارت بشعبية كبيرة بين الدول الأربعة لـ13 من أصل 22 دولة عربية فيما لا تزال الأردن الأكثر شعبية لست دول. يعزى أحد أكثر الأسباب بديهية لتنامي أهمية الإمارات العربية المتحدة كمركز إقليمي للتعليم العالي الى الاستراتيجية الصارمة التي يتّبعها قادة الإمارات لجذب وتطوير فروع لأهم الجامعات الغربية. تحتضن الإمارات الآن فروعاً لمؤسسات تعليمية أجنبية أكثر من أي دولة أخرى، بـ 39 من أصل 200 فرع عالمياً. جامعة نيويورك وباري سوربون Paris Sorbonne وجامعة الأعمال إنسياد INSEAD ليست سوى بعض من المؤسسات التي استقرت في الإمارات خلال السنوات الأخيرة. لا شك أن الجامعات في فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة ستبقى وجهات مهمة للطلاب العرب الذين يبحثون عن مواصلة تعليمهم في الخارج. ولكن، فيما يواصل العالم العربي تطوير التعليم ليرتقي بالمستوى العالمي، يبدو أن الطلاب، أكثر من أي وقت مضى، سيختارون البقاء في المنطقة. كما قال الشيخ عبدالله بن علي الثاني في مقابلة أجراها مع بي بي سي BBC عام 2012 "لا مجال للتقدم إذا لم نضع التعليم على سلّم أولوياتنا، لا سيما في العالم العربي."رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...