مع وجود أزمات عدة في مصر، متعلقة بارتفاع أسعار الطاقة والسلع، ونسبة بطالة عالية، وانخفاض في الرواتب، وبحث الكثير من المصريين عن حلول بديلة لتخفيض نفقاتهم، أو زيادة مصادر دخلهم، ظهر عدد من المبادرات المجتمعية والشبابية، لمواجهة هذه الأزمات.
مشاريع صغيرة: مواجهة للبطالة وزيادة في الدخل
واحدة من أكبر الأزمات التي يعيشها المصريون هي وجود نسبة كبيرة من البطالة، تجاوزت 25%، وانخفاض الرواتب. لذلك، فكر محمد غدارك، مؤسس مبادرة "مشروعات صغيرة برأس مال أصغر"، الذي يعمل في إدارة مشاريع خاصة به، في مبادرة تساهم بشكل ما في حل للأزمة. قال غدارك لرصيف22 إن أكثر من 60% من دخل الدول العظمى مثل اليابان والصين وغيرهما، يأتي من المشاريع الصغيرة. وبرأيه، تدفع ظروف مصر الاقتصادية إلى امتلاك الشباب مشاريع خاصة من أجل التقدّم. وأكد أن المبادرة نجحت في جمع عدد كبير من الخبرات في مختلف المجالات، من مهندسين وفنيين ورجال أعمال وعمال، ومن دول مختلفة، ليساهموا بخبرتهم في دعم المشاريع الصغيرة. وأضاف: "هناك بعض الممولين وأصحاب المشروعات الكبرى يساهمون في دعم الشباب". تجمع المبادرة عدداً من الشباب في مشاريع مختلفة، منهم من يساهم بالمال، ومنهم من يساهم بالتصنيع والخبرة، ومنهم من يساهم بالتسويق أو الإدارة. وأوضح غدارك أن المبادرة نجحت في تنفيذ عدد من المشاريع مثل مزارع دواجن، وتصنيع الملابس وتصنيع أدوات منزلية مختلفة، بتصميم وتنفيذ مصري كامل وبتكاليف بسيطة. وشرح أنه على الشباب اختيار مشاريع بسيطة في البداية، برأس مال صغير، ووضع خطة كاملة لإدارتها والبحث عن بدائل غير تقليدية، مشدداً على أهمية تجربة نماذج للمشروع لمدة معينة، أقلها ثلاثة أشهر قبل الشروع بها بشكل كامل. وأشار إلى أن المبادرة تساعد الشباب في اختيار المشروع الأمثل الذي يناسبهم، ومساعدتهم في التنفيذ والتسويق من دون مقابل.زراعة الأسطح: الوصول إلى مليون سطح أخضر
ولمواجهة غلاء الأسعار وتحقيق اكتفاء ذاتي للأسر من الخضر والفواكه، ظهرت مبادرات تحدثت عنها ندى جمال عضو مؤسس في "الحملة القومية لزراعة المليون سطح أخضر" لرصيف22. فقالت إن المبادرة حملة لزراعة سطوح المنازل في مصر بأصناف الخضر والفواكه المختلفة، وبدأت مطلع العام الجاري بتمويل ذاتي من الأعضاء، وستكلف نحو 30 ألف جنيه لبرامج التدريب والدعم. تخطط الحملة لتحقيق أهدافها بحلول عام 2018. وتضيف جمال أن الهدف هو اكتفاء المصريين ذاتياً من الطعام الصحي من خلال التحكم فى الأسمدة وعدم استخدام مبيدات في عملية الإنتاج، وبالوصول مبدئياً إلى مليون سطح أخضر، بما يعادل زراعة 32.3 مليون فدان. المليون الأول يعد البداية، وستتجدد الحملة تلقائياً لتشمل الثاني والثالث، حتى تصل إلى كل بيت مصري. كما سيتم إنتاج كميات من الخضر والفاكهة للاستخدام الشخصي، ومن الممكن الاستفادة منها في توفير فرص ربح لأصحاب البنايات وربات البيوت. تشير مؤسسة المبادرة إلى أن نجاح الحملة سيؤدي إلى تخفيف التلوث البيئي، الناتج عن قلة الغطاء النباتي الكافي وسط الأبنية، واستنشاق هواء نظيف، وبالتالي انخفاض أمراض الجهاز التنفسي. وأضافت أن ذلك سيقلل من الحشرات والزواحف الضارة التى تسكن السطوح، كالقوارض والثعابين.مزارع متكاملة في الصحراء: غذاء صحي واكتفاء ذاتي
أسامة سعد الدين، شاب يعمل في أحد المصانع الخاصة بقطع غيار السيارات، فضّل ومجموعة من الشباب، الفرار من زحمة المدينة إلى الصحراء، لإقامة مشروع "مزرعة متكاملة". قال أسامة إن التفكير في استصلاح الصحراء يعود إلى أنه يمكن البدء فيها برأس مال صغير، وأن ينمو بشكل تدريجي. موضحاً لرصيف22 أن دورة رأس مال الزراعة والتربية، تراوح بين 3 و6 شهور، وهناك بعض المشروعات، دورتها الربحية 45 يوماً فقط مثل تربية الأرانب والطيور. وأكد أن مجال الزراعة وما يرتبط بها، لا يمكن أن يستغني عنه المواطن، وبالتالي يسهل تسويقه، وهو غير مرتبط بشكل كبير بظروف سياسية أو اقتصادية، فالشعب لن يكف عن البحث عن الطعام في كل الأحوال. وأشار إلى أن مبادرتهم تحرص على محاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي قدر الإمكان من الغذاء، من خضر وفواكه ولحوم وألبان وأجبان، ثم التدرج لتوصيلها للمواطنين بأسعار رخيصة. ولمن يريد استصلاح الصحراء، قال إن عليه أن يتحلى بالصبر والمثابرة والعمل في فريق، والبحث عن أفضل الطرق العلمية لإنجاز المشاريع في وقت وجهد ونفقات أقل.تدوير المخلفات: استغلال موارد وتوليد طاقة
المبادرة هذه المرة تتعلق بالمخلفات الصلبة والعضوية، التي تنتجها المنازل والمحال، من جمعية "عين البيئة". تقع الجمعية في منطقة طرة بالقرب من حي حلوان جنوب القاهرة، حيث أقامت مجمعاً بيئياً يعتمد على الطاقة المتجددة والنظيفة، وحرصت على الاستفادة من المخلفات الصلبة ومشتقاتها. يقول المهندس سامي برسوم مسؤول المبادرة، إن المخلفات الصلبة ليست فقط ما يمكن استغلاله، فهناك مخلفات أخرى يمكن الاستفادة منها، هي المخلفات العضوية، التي ينتج من خلالها البايوجاز أي غاز الميثان، الذي يستخدم في توليد الطاقة الحرارية والطاقة الكهربائية. ويمكن إجراء نماذج منزلية، إذ يمكن لوحدة المنزل أن تنتج متر غاز كل يوم، أو طاقة حرارية بنحو 3 لـ4 ساعات في اليوم، أو طاقة كهربائية بنحو كيلو إلا ربع وات. وبالتالي، من خلال مخلفات المطبخ، يمكن استخراج الطاقة التي نحتاج إليها في المنزل. أما المنتج الآخر، الذي يمكن استخراجه من المخلفات العضوية، فهو السماد العضوي الذي يستخدم في الزراعة وما يتعلق بها. أطلقت المبادرة مشروع "طفطف البيئة"، وهي سيارة صغيرة مهمتها أن تطوف على المنازل لجمع المخلفات بعد فصلها إلى مخلفات صلبة وعضوية، ثم استخدامها في توليد غاز الميثان أو تحويلها لأسمدة.الطاقة الشمسية: الحل البديل لأزمة الكهرباء
أزمة ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء في مصر ورفع الدعم تدريجياً عنها، دفعت مجموعة من الشباب لإطلاق مبادرة لاستخدام الطاقة الشمسية في المنازل، والمشروعات حول أزمة الطاقة والوقود والطاقة الشمسية. قال محمد روبي، مؤسس المبادرة لرصيف22، إنهم استطاعوا توفير خلايا شمسية بسعر اقتصادي جداً، أقل من سعر السوق. وأوضح أنهم دربوا عدداً كبيراً من الشباب على استخدام الخلايا الشمسية لتوليد الكهرباء، وتم تنفيذ عشرات المشاريع، خصوصاً في المناطق التي تستهلك الكهرباء بشكل كبير أو لا تصل إليها الكهرباء، وفي المناطق الصحراوية، لرفع مياه الآبار وللإنارة والتدفئة للمزارع والمنازل. وأضاف روبي أنه يمكن لأي فرد الحصول على وحدات خلايا الطاقة الشمسية وفقاً لحاجته، مشيراً إلى أن محطات الطاقة الشمسية تتميز بأنها سريعة الإنشاء، وعمرها الافتراضي نحو 30 عاماً وربما أكثر، ولا تتطلب مبالغ كثيرة للصيانة ويمكن تشغيلها بسهولة. وأكد أن سعر إنشاء وحدة طاقة شمسية صغيرة لتشغيل أجهزة بسيطة لمنزل صغير، يمكن أن يكلف 10 آلاف جنيه تقريباً (1125 دولار).رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...