يمثّل ملف فصل العمّال تعسفياً في مصر أزمة حقيقية تفجرت خلال الفترة الماضية، ووصلت إلى حد تصعيد الموقف يومياً بوقفات احتجاجية واعتصامات دورية أمام جميع مؤسسات الدولة وداخل مقار الشركات والمصانع حتى أصبحت ظاهرة تنذر بثورة عمالية مقبلة.
وأعرب العديد من العمال عن غضبهم من تجاهل الحكومة وأصحاب الشركات والمصانع لمطالبهم، مؤكدين أن لهم تاريخاً طويلاً من النضال ضد استبداد الأنظمة السابقة. فكان عمال شركة غزل المحلة في محافظة الغربية، مطلقي الشرارة الأولى ضد القمع الذي كان يمارسه نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، حتى قيام ثورة 25 يناير2011. وهي إشارة أراد العمال إرسالها إلى النظام الحالي، مفادها أن هناك ثورة عمالية آتية متمثلة في "ثورة جياع" إذا استمر الوضع هكذا.غضب واحتجاجات
في البداية، رصد منتدى "المحروسة للبحوث والسياسات العامة" تنظيم 337 احتجاجاً عمالياً خلال الربع الثالث من عام 2015. وتصدرت خلاله مجموعة من الأشكال الاحتجاجية العمالية التي اتخذها العمال وسيلة للتعبير عن مطالبهم، جاء في مقدمها تنظيم 91 وقفة، ثم 87 إضراباً، وتجمهر العمال أمام أماكن العمل في 25 حالة.
وجاء تنظيم العمال لشكل الاعتصام بـ23 حالة، ونتيجة تغيب العمال والموظفين عن أعمالهم، أو لحصولهم على رشاوى ومخالفات قانونية، تم إحالة 22 حالة إلى التحقيق معهم، بينما أصدر آخرون 17 بياناً موجهاً للمسؤولين في رئاسة الوزراء. وتقدم العمال بـ10 شكاوٍ للجهات المسؤولة ضد القرارات الإدارية أو الوظيفية، كما جرى تقديم 8 طلبات، جاء غالبيتها ضد قرارات النقل التعسفي للعمال إلى أماكن نائية. ووقعت 6 حالات انتحار بين الصفوف العمالية كوسيلة معبرة عن ضيق الحال المادي والاجتماعي، وتم تقديم 6 مذكرات ضد قرارات المسؤولين التعسفية ضد العمال.
تشريد عمال توشيبا العربي
قال أحمد صلاح عباس، فني صيانة في شركة توشيبا العربي، ومقرها القاهرة، إن الشركة قامت بفصلهم تعسفياً بعد مطالبتهم بحق زميلهم مصطفى عبد المغني (23 سنة)، الذي لقي مصرعه في 27 أغسطس إثر سقوطه من الطابق الخامس أثناء ممارسة عمله. وأوضح أن "الشركة قامت بإرساله لتركيب جهاز تكييف يزن 85 كيلوغراماً بمفرده من دون مساعد، متجاهلةً تعليمات الأمان، فلقي حتفه، وهذا ما يؤكد أن الشركة تتلاعب بحياة عمالها".
وأضاف صلاح: "بعد الحادث طالب جميع الفنيين في قسم صيانة التكييف، بمحاسبة المسؤولين عن الحادث، وعقد اجتماع مع مدير القطاع، الذي وعد بالتحقيق في الواقعة ومحاسبة المسؤول، وبعد مرور أكثر من أسبوع لم تتحرك الإدارة ولم يتم فتح تحقيق، وعلى إثر ذلك نظم العمال وقفة احتجاجية لمدة ساعة اعتراضاً على تجاهل القضية".
وأكد أن "العمال فوجئوا بالشؤون القانونية تحقق مع الفنيين المسؤولين عن الوقفة الاحتجاجية، وجرى سحب تحقيق الشخصية وخطوط الهواتف من 6 موظفين تصدروا الوقفة، وتم إبلاغهم رسالة مفادها الانتظار في منازلهم لحين صدور نتيجة التحقيقات، وبعد ذلك أُبلغوا بالإيقاف عن العمل إلى أن يصدر قرار رئيس مجلس الإدارة التنفيذي".
وأشار عماد محمود، أحد العمال في قسم الصيانة في الشركة، إلى أن "رئيس مجلس الإدارة قال للعمال في 22 أكتوبر: تقدموا باستقالتكم لتأخذوا حقوقكم، وبالفعل تم وقف رواتب سبتمبر وأكتوبر". ولفت إلى أنهم توجهوا إلى مكتب العمل في منطقة الوايلي في القاهرة، التابعة له الشركة وجرى إخطار المكتب بذلك، وحُرر محضر إثبات حالة.
تقليص عمال "كريستال عصفور"
شهدت شركة "كريستال عصفور" إضراباً في مصانعها الثلاثة، احتجاجاً على فصل العمال، وتقليصهم من 23 ألف إلى 4 آلاف فقط، كرد فعل على سلسلة من الإضرابات نظمها العمال، بسبب عدم صرف الأرباح وعدم تنفيذ الاتفاقية الجماعية في الشركة، بالإضافة إلى إنهاء عقود مستمرة شملت آلاف العمال، وإصابة عدد كبير منهم بأمراض سرطانية، بسبب خام الرصاص الذي تستخدمه الشركة في التصنيع.
"كريستال عصفور"، هي أكبر مصنعي ومصدري الكريستال على مستوى العالم، بطاقة إنتاجية تتجاوز 100 طن يومياً، وتصدر منتجاتها إلى أكثر من 50 دولة وتأسست في مدينة شبرا الخيمة التابعة لمحافظة القليوبية عام 1961.
وقال أحمد أسامة أحد العمال المفصولين من الشركة: "هناك ثورة آتية ستأكل الأخضر واليابس، وستبدأ من العمال المتشردين، الذين تركتهم الدولة فريسة لرجال الأعمال، لتكون ثورة جياع". موضحاً أنه يعمل في الشركة منذ 8 سنوات، وفُصل تعسفياً هو وغيره الكثير من الموظفين، بدون تحرك من قبل أجهزة الدولة.
وأكد أنهم نظموا عدة وقفات احتجاجية ولكن من دون فائدة، حتى تدخل كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة الأسبق، والقيادي العمالي، وبدلاً من منع هذه الظاهرة، أبرم اتفاقية مع المصنع تقوم بموجبها الإدارة بتشريد العامل بمكافأة نهاية الخدمة بمبلغ 2000 جنية فقط (ما يعادل 255 دولار أميركي)، وكانت تلك الورقة الرابحة التي استغلها صاحب العمل وفصل أكثر من 19 ألف عامل. كما أن هناك عدداً كبيراً من العمال مصابون بأمراض خطيرة من جراء الرصاص المستخدم في عملية التصنيع والشركة لا تقوم حتى بعلاجهم.
عمال هيئة التشجير مؤقتون
وقد نظم المئات من العمال المؤقتين في هيئة التشجير في وزارة الزراعة وقفة احتجاجية أمام مجلس الوزراء المصري في 18 نوفمبر للمطالبة بالتثبيت، مهددين بالدخول في اعتصام مفتوح إلى حين الاستجابة لمطالبهم.
وقال العمال إن عدد المؤقتين يزيد عن 34 ألفاً يتقاضى العامل منهم 41 جنيهاً (ما يعادل 5 دولارات)، منذ أكثر من 20 سنة، على الرغم من إصدار وزير الزراعة قراراً بتثبيت 13 ألفاً، ولم يتم التنفيذ حتى الآن.
مقالات أخرى
ماذا جنى فقراء مصر من الثورات؟
كيف يستخدم النظام المصري الطرائق الصوفية؟
فستيفال للغزل والنسيج
وفوجىء 18 عاملاً في مصنع "فستيفال للغزل والنسيج"، الذين يمثلون نصف عدد عمّال المصنع، في محافظة الإسكندرية، بمنعهم من دخول المصنع ووقفهم عن العمل وتحويلهم إلى الشؤون القانونية للتحقيق معهم تمهيداً لفصلهم في 18 نوفمبر. والسبب تقديمهم شكوى ضد الإدارة وتحرير محضر إثبات حالة في قسم الشرطة، بسبب عدم صرف رواتبهم لشهرين متتاليين. وتضمنت الشكوى أيضاً معاناة العمال من مماطلة الإدارة، وعدم تحديد موعد لصرف تلك المرتبات، من دون ذكر أسباب واضحة، وتهديدات متتالية للعمال بإغلاق المصنع نهائياً.
اعتصام مفتوح لعمال العربية للغزل والنسيج
ودخل عمال الشركة العربية للغزل والنسيج "بوليفار"، في اعتصام مفتوح في مقر الشركة في الإسكندرية، احتجاجاً على عدم صرف مستحقاتهم المالية، المتمثلة في راتبي أكتوبر ونوفمبر، واعتراضاً على منشور الإدارة بمنح إجازة إجبارية للعمال، لعدم وجود سيولة مادية للخامات، لمدة 15 يوماً.
وقال محمد محمود، أحد العمال في الشركة، إن الإدارة أعطتهم إجازة إجبارية، من دون صرف حافز المدة، والأرباح، والعلاوة الاجتماعية التي لم تصرف منذ 2014، مؤكداً أن الحالة المعيشية للعمال تنذر بكارثة كبرى، نظراً لارتفاع الأسعار، الذي يقابلة فصل تعسفي للعمال.
عمال المحلة ينتصرون
عاد عمال شركة مصر للغزل والنسيج في المحلة إلى عملهم، بعد إضراب استمر 12 يوماً، كبّد الشركة خسائر بلغت 35 مليون جنيه (4 ملايين ونصف المليون دولار أميركي)، والتعهد بصرف العلاوة الاجتماعية التي كانت الإدارة ترفض صرفها.
العمال قالوا إنه بالرغم من انتصارهم، فلا تزال مطالبهم مستمرة لإيقاف وإلغاء نتائج التحقيق مع زملائهم، الذين تم تحويلهم إلى التحقيق بتهمة التحريض على الإضراب ووضع خطة إستراتيجية للنهوض بصناعة النسيج في مصر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع