شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الرجل الغريب الذي وحده يداعب شَعر المحجبات

الرجل الغريب الذي وحده يداعب شَعر المحجبات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 1 يونيو 201704:38 ص
صالونات التجميل في مصر "الكوافير"، مقصد جميع الشرائح العمرية والطبقية من النساء. كلٌ حسب ما تحتاج: قص الشعر، وضع المساحيق، عمل حمامات الكريم لإصلاح بعض ما أفسده العمر، أو حتى لإراحة وجوههن وراء ماسكات ملونة. تقول إحداهن: "الكوافير لما يكون راجل أحسن، الرجالة أشطر وإيدهم حلوة". أسألها: "لكنك محجبة!"، فترد: "وماله!". عالم متكامل من الأسرار، تقصد فيه النساء المحجبات الحلاقين الرجال.

الجميع يحتاج "الحنية"

مجدي حسين قنديل (50 عاماً)، قضى نصف عمره في مهنة تصفيف شعر النساء، حتى أصبح يمتلك صالونه الخاص. يقول إن عدد مرتادي محله من المحجبات يكاد يساوي عدد غير المحجبات، ومن جميع الأعمار. ويضيف: "يجب طمأنة هؤلاء النساء أكثر من غيرهن، لأنهن قلقات من المجتمع، ومن نظرة الناس لهن بما يكفي ليخبئن جمالهن. أنا لا أغلق باب الصالون مثلاً، أكتفي بإسدال ستارة ثقيلة، كنوع من الطمأنينة إلى جانب الحفاظ على الخصوصية". ويوضح أن بعض المحجبات يفضلن يده على شعرهن، ولا يشعرن بالحرج من كشف رؤوسهن كاملة أمامه، بل يثقن به. لكنه يشير إلى أن بعضهن يفضلن كشف نصف الرأس فقط، من دون خلع الحجاب، إن أردن تجميل حواجبهن أو إزالة شعر الوجه. يرى قنديل أن قراءة وجوه المترددات إلى صالونه، مهارة على كل "كوافير" أن يمتلكها، للمحافظة على زبوناته. ويوضح: "تأتيني امرأة تبدو عليها علامات الحزن، فأبادرها بكلمات تعزز ثقتها بنفسها، وتغير من حالتها النفسية، وأخريات يأتين بكدمات ظاهرة، تفضح سوء معاملة الزوج، هؤلاء أهتم بهن أكثر". يضيف بنبرة أكثر حميمية: "المعاملة الحلوة للزبونة ترفع من حالتها المعنوية، وتجعلها ترى نفسها أجمل". ويذكر أحداثاً من أيام بعيدة: "أحياناً أستطيع تلطيف مزاج زبونة عنفها زوجها، أو تعيش مع رجل لا ينظر إليها أبداً، بما يخلق مناخاً عاطفياً بيننا. وقد حصل أن تطورت الأمور مع إحداهن، وعشت علاقة عاطفية معها". يتوقف، ثم يضيف: "لا فرق هنا بين محجبة وغير محجبة، كلهن يحتجن الحنان والكلمة الحلوة". وعند سؤاله هل كانت له علاقات مع زبونات محجبات، أجاب أن الحجاب بالنسبة لبعضهن لا يمثل سوى شكل اجتماعي، وصورة نمطية فرضها المجتمع عليهن، وكثيرات لا يضعن حجابهن إلا في الأماكن العامة فقط.

الكوافير مثل الطبيب... والرجالة أشطر

سهى كمال، طالبة جامعية محجبة، اعتادت التردد على صالونات التجميل. تعتبر أن الكوافير الرجل يفهمها أكثر من السيدات: "يلتقط ما أحتاجه بسهولة، يعرف المناسب ولا يخطئ في قصة شعر أو درجة صبغة أريدها. الحقيقة أن الرجل أكثر مهارة، ولا يتدخل في ما لا يعنيه". لا ترى سهى أن الحجاب عائق أمام لجوئها إلى كوافير رجل. وترى أن خلعها الحجاب أمامه لإصلاح شعرها وبشرتها، تماماً كخلعها للحجاب أمام الطبيب الذي يعالجها. وتقول إن من أهم أسباب تفضيلها الكوافير الرجل، أن النساء يحسدن بعضهن بعضاً بشكل عام، خصوصاً في صالونات التجميل، على حدّ تعبيرها.
عالم متكامل من الأسرار، تقصد فيه النساء المحجبات الحلاقين الرجال...
"الكوافير لما يكون راجل أحسن، الرجالة أشطر وإيدهم حلوة"، هكذا تفسر بعض النساء المحجبات لجوءهن إلى حلاقين رجال
"الرجل يمثل لي مصدر ثقة أكبر من المرأة، ولا أشعر بالحرج من كونه يلامس وجهي وشعري، ما دام يمارس عمله بمهنية وفن". هكذا تقول هبة آدم، فتاة محجبة تتردد على صالون تجميل يديره رجل بجانب منزلها. أسباب كثيرة تقدمها الفتيات لتبرير تفضيلهن اللجوء إلى الحلاقين الرجال. هبة مقتنعة بأن الرجل كاتم جيد للأسرار، على عكس الكثير من النساء، ويقدر الظروف المادية لزبوناته، وقد لا يمانع تأجيل تقاضي أجره حتى تتيسر حالة الزبونة. كما أنه ينصح زبوناته بأمانة شديدة في ما يخص الأصلح لهن، من دون الضغط عليهن أو التسويق لما لديه من المساحيق والخلطات كما تفعل السيدات. Darla-دارلا-Hueske_flickrDarla-دارلا-Hueske_flickr لم يكمل محمد الثلاثين من عمره بعد، وزوجته محجبة. هو صاحب صالون خاص أطلق عليه اسم "محمد الصغير"، ولا يمانع  أن تذهب زوجته إلى صالون يديره رجل، إن لم يكن هو متوفراً ليقوم بما تريد. يرى أن من أهم أسباب إقبال النساء على صالون الحلاقة الذي يديره رجل، هو تميز الرجال في المهنة عن النساء. يقول: "الرجل يهتم بعمله، ويسعى لتجويده طوال الوقت بعيداً عن السائد في معظم الصالونات الأخرى من نميمة وانشغال بإفشاء أسرار الزبونات". يشير الصغير إلى أن أكثر زبوناته هن محجبات، ومن جميع الأعمار، ومنهن من تأتي للمحل مرتدية الحجاب، وتخرج منه بعد تصفيف شعرها كاشفة رأسها، لكنها لا تدخل بيتها إلا بعد أن ترتدي الحجاب مرة أخرى. ويضيف: "تأتي سيدات منقبات، تعودن إخفاء ملامحهن في الشارع، ومع ذلك لا يشعرن بأي حرج من كشف وجوههن وشعرهن أمامي، بل أعرف جيداً أنهن يحببن الاسترخاء تماماً أمامي، خصوصاً عند ملامسة يدي لوجوههن". ويحكي عن سيدة محجبة، أتته بملامح جادة وصارمة، وحين بدأ العمل استراحت، وحكت له أنها تعمل ضابطة، ويجب أن تبدو دوماً بمظهر يحترمه ويقدره المجتمع، وهذا ما ألزمها بارتداء الحجاب في سن الأربعين. لكنها في الوقت نفسه، تحب أن تأتي لتصفيف شعرها بين الحين والآخر، لتشعر بأنوثتها وتشبع رغبتها بها أولاً، ثم أمام زوجها الذي لا يعلم أنها تتعامل مع صالون يديره رجل، شأنها في ذلك شأن معظم المحجبات المتزوجات اللاتي يأتين دون علم أزواجهن". يلاحظ الصغير أن المحجبات هن الأكثر غيرة بعضهن من بعض، وتظهر عليهن ملامح ترقب لأشكالهن قبل وأثناء وبعد دخولهن الكوافير. ويتذكر: "جاءتني أكثر من امرأة على وجهها نظرات القلق، تطلب الاحتماء في مكان منعزل عن عيون الأخريات، وأن أكون أنا معها من دون مساعدات. وحين تكشف عن شعرها المهترىء المتطاير، وتطلب أن أزيله تماماً ليصبح رأسها أملس، أعلم أنها مصابة بالسرطان". ورغم مأسوية الموقف، يقدر الصغير أهمية اختيار هذه الفئة لرجل تحديداً، إذ يقول: "نحن لا نظهر عواطفنا كثيراً".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image