خلال الفترة الأخيرة، رفع عدد كبير من النساء حول العالم الصوت اعتراضاً على تعرضهن للظلم من الاتحاد الدولي لكرة السلة «FIBA» بسبب قانون الاتحاد الذي يحظر مشاركة اللاعبات المحجبات في المسابقات الدولية التي ينظمها. وهذا ما اعتبرته نساء كثيرات أحد أشكال التمييز، التي تتعارض مع اتفاقية الأمم المتحدة الشاجبة لممارسات العزل أو التمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.
ومع الضغط الكبير الذي تعرض له الفيبا، قرر إعادة النظر في الأمر والبت فيه نهاية شهر سبتمبر الجاري. نرصد في هذا المقال معاناة المرأة العربية مع الفيبا، ودور الاتحادات العربية في هذه القضية.
فضلن الانسحاب على خلع الحجاب
فضل المنتخب القطري لكرة السلة للسيدات، الانسحاب من دورة الألعاب الآسيوية السابعة عشرة، التي احتضنتها مدينة "إينشيون" في سبتمبر 2014، على خلع لاعباته للحجاب، والخضوع لقرارات الاتحاد الدولي للعبة. وتعجبت أحلام المانع، رئيسة لجنة رياضة المرأة القطرية، في تصريحات لوسائل الإعلام القطرية، عقب الانسحاب من الدورة، من تعنت الاتحاد ضد المرأة المحجبة. مشيرةً إلى أن غالبية الاتحادات الرياضية الدولية بدأت تغير قوانينها وتسمح بارتداء الحجاب أثناء المباريات. وأضافت أن ما حصل يخالف أهداف اللجنة الأولمبية الدولية، التي تعتبر أن الرياضة هي التي تجمع الدول، تحت مظلة السلام، برغم اختلاف تقاليدها. وأوضحت أن البعثة القطرية لكرة السلة جاءت للمشاركة في هذه البطولة، رغم علمها بقانون الاتحاد الدولي. لكن هدفها كان وضع الاتحاد تحت الضغط، للنظر في القانون والعمل على تغييره. وفي واقعة تتشابه كثيراً مع واقعة المنتخب القطري، منع الاتحاد السويسري لكرة السلة في يناير 2010 اللاعبة سُرى الشوق من خوض منافسات بطولات اللعبة، على مستوى الولايات وهي ترتدي الحجاب، ما جعل اللاعبة تقاضي الاتحاد أمام القضاء السويسري، ورأت المحكمة الابتدائية في لوزرن أن قرار الرابطة لا ينتهك حقوق اللاعبة، ولا يستهدف دينها، ولكن ارتداءه يزيد من مخاطر تعرض اللاعبة للإصابة، ويخالف قواعد الاتحاد الدولي لكرة السلة، التي تنص على أن ينأى الرياضيون بأنفسهم عن إظهار أي رمز ديني في الملاعب. من جانبها، قالت سُرى السويسرية من أصل عراقي، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام السويسرية: "أنا فعلاً لا أعرف ماذا يحدث هنا؟ لم يدر بخلدي أن ارتداء الحجاب في دولة ديمقراطية مثل سويسرا يمكن أن يكون سبباً في أي مشكلة، خصوصاً أنني ألعب مع فريقي بالحجاب منذ عام ونصف العام". وأضافت: "إذا كان الحجاب رمزاً دينياً يجب منعه وفقاً لقرار الاتحاد الدولي، لماذا لم يتم منع اللاعبات اللواتي قمن برسم وشوم دينية ترمز للمسيحية على أجسادهن؟".الاتحاد الدولي لكرة السلة سيبت هذا الشهر في موضوع حظر المحجبات من المشاركة في مسابقات دولية. هل تنتصر المحجبات؟وقامت نسمة عبد الرحمن، لاعبة المنتخب المصري للناشئين في بطولة إفريقيا للناشئات، التي استضافتها مصر في أغسطس الماضي، بالتحايل على الاتحاد الافريقي بارتداء زي يغطي قدميها ويديها وسترة تغطي جزءاً من شعرها، كي يسمح لها بالمشاركة مع المنتخب في البطولة. وحلت مصر في المرتبة الثانية، بعد الخسارة مع مالي في المباراة النهائية. اللاعبة، رغم أنها كانت أحد نجوم البطولة، حرصت خلال فترة وجودها في ملعب المباراة طوال البطولة، على رفع الجوارب التي ارتدتها. الحيلة التي لجأت إليها اللاعبة مرت على الاتحاد الافريقي، لكن قد لا تمر على الاتحاد الدولي، حين تشارك في بطولة العالم للناشئين العام المقبل، وقد تحرم بلادها من خدماتها. وتمنت الليبية ازدهار عبد الملا (18 عاماً) مساندة الجميع لها، بنشر قضيتها عبر الهاشتاغ الذي أطلقته المتضررات من قرار الفيبا #fibaALLOWhijab في مايو 2014، وذلك للضغط على الاتحاد الدولي للعبة. وتأمل ازدهار، الحصول على فرصة تمثيل منتخب بلادها، بعدما حرمها قرار الفيبا من ذلك خلال الفترة الماضية، بسبب تمسكها بالحجاب، الذي تراه قاعدة أساسية في الدين الإسلامي. [caption id="attachment_74548" align="alignnone" width="700"] ازدهار عبد الملا[/caption] أنردريا كالجو، لاعبة مسلمة من البوسنة، لعبت لأحد الأندية الأيرلندية قبل أن يستقر بها الحال وتعود للبوسنة من جديد. لم ترتد الحجاب إلا لدى عودتها للبوسنة، بعدما أتمت دراستها في جامعة تولين، وأنهت مسيرتها مع ناديها الإيرلندي. ومع ارتدائها الحجاب، علمت أنها لا تستطيع أن تشارك في المسابقات الدولية بسببه. لتقرر أن تنضم إلى زميلاتها في الحملة، التي أطلقنها للسماح للاعبات العربيات والمسلمات بممارسة اللعبة بحجابهن. [caption id="attachment_74549" align="alignnone" width="700"] أنردريا كالجو[/caption] فضلت المصرية مريم فايد (16 عاماً)، عدم خلع الحجاب، والتخلي عن حلمها بالانضمام لمنتخب الناشئين، الذي يؤهلها للوصول لحلمها الأكبر، بتمثيل المنتخب الوطني الأول. ووضع الاتحاد المصري لكرة السلة والجهاز الفني لمنتخب الناشئين، مريم أمام خيارين، لا ثالث لهما: إما خلع الحجاب أو عدم اللعب للمنتخبات الوطنية. فاختارت حجابها بدلاً من حلم الالتحاق بالمنتخب المصري. وقالت السودانية أسماء البدوي، التي تلعب في فريق مدينة برادفورد الإنجليزية، لرصيف22، إن حظر اللعب بالحجاب حرمها من تمثيل المنتخب السوداني دولياً، كما كان يمكنها تمثيل المنتخب الإنجليزي أيضاً لولا قانون الفيبا. اللاعبة السودانية التي تلقي المحاضرات وتدرب في المدارس وبعض الأندية الإنجليزية، فضلت المشاركة في الحملة "كي لا تمر البنات العربيات بما مرت به". [caption id="attachment_74547" align="alignnone" width="700"] أسماء البدوي[/caption] البدوي على قناعة بأنهن ينتظرن حكماً تاريخياً يعيد إليهن حقهن، عندما يجتمع الاتحاد الدولي للعبة بنهاية الشهر الجاري للبت في طلبهن. وترى البدوي أن الحكم سيكون في صالحهن نظراً للقضايا المشابهة التي فازت بها النساء مؤخراً، إذ بات بإمكان نساء كرة القدم اللعب بالحجاب، وفي دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة التي احتضنتها ريو دي جانيرو، شاركت نساء كثيرات بالحجاب، منهن لاعبة المنتخب المصري للكرة الطائرة الشاطئية التي أثارت جدلاً واسعاً، ولاعبة الشيش الأمريكية التي حصلت على ميدالية للولايات المتحدة الأمريكية.
ماذا فعل العرب من أجل استرداد حقهن
العديد من الرياضيين والمنظمات الأهلية في القارة الأوروبية، تضامنوا مع اللاعبات في قضية الحجاب. وكان على رأسهم المجلس السويسري للأديان، الذي أصدر بياناً عام 2010 يؤكد من خلاله أنه ضد هذا القرار، لأنه ينتهك حرية الدين. وأطلقت مجموعة من اللاعبات العربيات الممارسات للعبة حملة في مايو 2014، تناشد الرياضيين والمهتمين بكرة السلة والمتعاطفين مع قضيتهن، بالتضامن معهن للضغط على الاتحاد الدولي لكرة السلة، للسماح لهن بممارسة هذه الرياضة من دون التخلي عن حجابهن. وتقول البدوي: "منذ ذلك الحين حاولنا استخدام شتى الطرق للوصل لهدفنا من خلال إطلاق هاشتاج شاركت فيه جميع اللاعبات وأسرهن وعدد كبير من المتضامنين، كما قمن بخوض مباراة دولية بالحجاب أمام المنتخب التركي لإيصال رسالة أن الحجاب لا يمثل أي ضرر على اللاعبات". وقام الاتحاد المصري لكرة السلة برئاسة مجدي أبو فريحة، بتشكيل لجنة تسمى "لجنة الحجاب" تترأسها سمية مصطفى، عضو مجلس الإدارة. ويعاونها مصطفى عبد المطلب، رئيس لجنة المنتخبات، واثنان من أولياء أمور اللاعبات. وركزت هذه اللجنة على أن تكون صلة الوصل بين الاتحاد المصري والاتحادين الأفريقي والدولي. أما الاتحادان القطري والسعودي، فرفعا دعاوى على الاتحاد الدولي بسبب قراره برفض مشاركة المحجبات، لكن لم يتم الفصل في الدعوى للآن. ووفقاً للأنباء الواردة من تصريحات مسؤولي الاتحادات العربية، فإن هناك بوادر تشير إلى أن الفيبا في طريقه لاتخاذ قرار يسمح للسيدات بارتداء الحجاب. الشيخ أحمد فهد، رئيس اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية في قطر، أكد لوسائل الإعلام القطرية أن الاتحاد الدولي لكرة السلة سيسمح قريباً للاعبات المحجبات بالمشاركة في المنافسات الدولية. وأشار فهد إلى أنه حصل على تأكيد من أمين عام الاتحاد الدولي لكرة السلة باتريك باومان.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون