لكلّ حقبة وجوهها ونجومها وأساطيرها. ولكلّ جيل طريقته في تعريف الجمال وأسرار الجاذبية، والصفات المثالية التي تجعل من رجل أو امرأة ما، تعبيراً حقيقياً عن نظرة معاصريهم للشخصية المثالية. غالباً ما يلخّص نجوم الغناء والسينما، التعريفات العامة لمعنى الأنوثة والرجولة في فترة زمنية ما. ففي الخمسينيات والستينيات مثلاً، كانت شادية معبودة الجماهير، وتجسيداً لأجمل ما قد يراه معاصروها في المرأة. اختلف الأمر اليوم، وصارت شخصيات مثل هيفاء وهبي أو نادين نسيب نجيم رمزاً للجمال العربي المعاصر.
خلال الآونة الأخيرة، صعد نجم المغني المغربي سعد لمجرّد، والمغني السوري ناصيف زيتون، وكلاهما من مواليد الثمانينيات. برصد سريع لتفاعل مواقع التواصل معهما، ومع أغانيهما، نلاحظ أنّهما يختصران بشخصيهما، صورة "الدونجوان" العربي اليوم، كما تتخيله أو تتقبله شريحة كبيرة من المراهقات أو الشابات. ومن الملاحظ أنّ كليهما يصدران أغانٍ فيها تحدٍّ للمرأة يؤكدان فيها أنّ الشاب "ليس سهل الخداع".
خلال العقود الماضية، شهدت صورة "الدونجوان" العربي تحوّلات كثيرة، نسترجع هنا بعض أبرز وجوهها في الغناء والسينما والدراما. صحيح أن بين مجايليهم من ينافسونهم على اللقب ذاته، وقد يحتاج الأمر إلى استطلاعات رأي موسعة لاختيار "دونجوان" كلّ مرحلة بدقّة بحسب رأي الجمهور، إلا أنّ الأسماء الواردة هنا تحظى في العادة بإجماع جماهيري كبير.
عماد حمدي
(1909 – 1984) في عشرات الأعمال السينمائية، لعب حمدي دور الحبيب والزوج، وقلما أدّى أدواراً شريرة، بل كان دوماً حامي القيم، ووجه الخير، وفيه شيء من شخصية الأب. ما زاد من رمزيته كـ"دونجوان" بالنسبة لجبل الخمسينيات والستينيات، زواجه من شادية، ولاحقاً من ناديا الجندي.
رشدي أباظة
(1927 - 1980) أعطي لقب الدونجوان لرشدي أباظة، ليس لوسامته فقط، لأنّ كان محور صراعات بين عدد من أشهر نجمات السينما، إذ تزوج تحية كاريوكا، وسامية جمال، وصباح. مثّل شخصية الرجل الوسيم، واللعوب، وخفيف الظلّ في آن، بعيداً عن صورة عماد حمدي الأبوية.
عمر الشريف
(1932- 2015) لأكثر من ستّ عقود، كان عمر الشريف مثالاً للوسامة العربية، وزاد من أهمية حضوره كرمز في عقل مجايليه، أداؤه لأدوار خلدتها السينما الكلاسيكية كما في "دكتور جيفاغو" و"لورنس العرب". تزوّج من فاتن حمامة، وارتبط على الشاشة بجميلات كثر أبرزهن صوفيا لورين.
عبد الحليم حافظ
(1929 - 1977) يقال إنّه حين توفي عبد الحليم حافظ، شهدت مصر حالات انتحار بين بعض الشابات حزناً عليه. بفضل أغانيه العابقة بالرومانسية، وأدوار الحب التي أداها على الشاشة بجانب نجمات مثل سعاد حسني وميرفت أمين، بقي عبد الحليم "الحبيب الأول" في ذهن النساء العربيات من جيل إلى جيل.
بقي عبد الحليم حافظ لسنوات طويلة "الحبيب الأوّل" في ذهن نساء كثيرات، وصار بفضل أغانيه دونجوان لأجيال متعاقبة
بين رشدي أباظة وعمر الشريف، وسعد لمجرّد وناصيف زيتون، من يستحقّ لقب الدونجوان بجدارة؟
حسين فهمي
(1940) عند التفكير بحسين فهمي، تتبادر إلى الذهن فوراً أغنية "يا واد يا تقيل" لسعاد حسني، وأغنية "ساعات ساعات" لصباح... خلال السبعينيات، كان فهمي فتى أحلام الكثير من الفتيات، ليشكل نقلة نوعية في الذوق العام، من بشرة عبد الحليم وعمر الشريف السمراء، إلى الشعر الأشقر والعينين الزرقاوين.
عبد المجيد مجذوب
(1940) كان لشخصية وصوت عبد المجيد مجذوب، دور في حمل الدراما المحلية اللبنانية إلى العالم العربي. صحيح أنّه لم يمثل في السينما المصرية، إلا أنّ أدواره في مسلسلات لبنانية مثل "ألو حياتي" و"عازف الليل"، جعلته الرمز المثالي لأناقة الرجل اللبناني، ورزانته.
محمود عبد العزيز
(1946) لا يختلف اثنان على أنّ محمود عبد العزيز أدّى في مسلسل "رأفت الهجان"، دور أشهر شخصية عرفها التلفزيون العربي. ساهم غموض شخصيّة رجل المخابرات، في تعزيز حضور عبد العزيز كدونجوان للشاشة العربية في السبعينيات والثمانينيات. وعزز من حضوره أنه كان نجماً أول في التلفزيون والسينما على حد سواء.
كاظم الساهر
(1957) من "زيديني عشقاً" إلى "مدرسة الحبّ" وغيرهما، احتكر كاظم الساهر الغناء عن الحبّ طوال التسعينيات. ارتبطت صورته بصورة قصيدة نزار قباني، ومخاطبته للمرأة بنبرة مختلفة عن الأغاني الشائعة في ذلك الحين. ارتسمت حول الساهر هالة الشاعر، والحبيب الحزين، والفنان العاشق للمرأة، فكان دونجوان جيله بامتياز.
وائل كفوري
(1974) حين أطلّ وائل كفوري على الساحة الفنية، لم تكن الأغنية اللبنانية قد عرفت شاباً بوسامته، يقدم نفسه بأسلوب جديد، يضع النظارات الشمسية، ويرتدي الجينز، ويعتني بشعره. وزاد من هالة "الدونجوانية" حول كفوري، انخراطه خلال بداياته بالخدمة الالزامية في الجيش اللبناني، فصار بنظر شابات رمزاً لحبيب لا يبالي بالشهرة عندما يناديه الوطن.
أحمد عز
(1971) قبل أن يعرف كممثل، لفت أحمد عز الأنظار لدى مشاركته في فيديو كليب أغنية "لما جت عينك في عيني" مع المطربة السورية أصالة. في العام 2001 لعب دور البطولة بجانب هند صبري في "مذكرات مراهقة"، ولاحقاً في العام 2004 بجانب يسرا في مسلسل "ملك روحي". ومنذ ذلك الحين، باتت وسامته محطّ اهتمام. لكن مكانة عزّ انقلبت بعد أزمة النسب التي ربطته بالممثلة زينة، واضطراه للاعتراف بولديه منها بعد معركة قضائية طويلة.
تامر حسني
(1977) بين سلسلة "عمر وسلمى" السينمائية، وأغاني "عينيّ بتحبك"، و"بنت الايه"، اختصر تامر حسني بشخصيته وجه الشاب العربي المحبوب من المراهقات، في مطلع الألفية. أطلّ تارة بوجه "الواد الرومنسي"، وطوراً بدور "الأسمر الشقي"، وشكّل بذلك حالة ثقافية، ميّزته عن مغنين كبار سبقوه في عالم الشهرة مثل محمد منير، وعمرو دياب.
يوسف الخال
(1977) مع إطلالته في عدد من الكليبات أواخر التسعينيات، عرف يوسف الخال كعارض أزياء بدايةً، ثمّ كمذيع على شاشة "روتانا" في فترة صعودها الذهبي. لاحقاً، فاز بأدوار بطولة أولى على الشاشة اللبنانية، ليصير من أبرز الوجوه الرمضانية في مرحلة الدراما العربية المشتركة. وسامة يوسف الخال جعلته الوريث اللبناني لعبد المجيد مجذوب لبنانياً وعربياً.
تيم حسن
(1976) يمثّل تيم حسن الوجه الألمع لجيل من الممثل السوريين الذين قلبوا الموازين، ونالوا شهرة عربية واسعة، مثل باسل خياط، وقصي خولي، وقيس الشيخ نجيب. وسامة هؤلاء، إلى جانب مهاراتهم التمثيلية، جعلتهم يشغلون أحلام كثيرات، إذ تسود دوماً الأسئلة حول حياتهم العاطفية. تكرّست شخصية تيم حسن كدونجوان بعد دور تيمور تاج الدين في مسلسل "شيللو" (2015)، والذي من المرجح أن تكون مراهقات كثيرات قد علّقن صوره فوق أسرتهنّ.
سعد لمجرّد
(1985) بعد مشاركته في برنامج "سوبر ستار"، اختفى المغني المغربي سعد لمجرّد لسنوات، ثمّ ظهر فجأة في أغنية "المعلّم"، وكان واضحاً أنّه سيخلق تياراً جديداً في الأغنية، وفي صورة المغني العربي الشاب. للمجرّد ذوق خاص في الموضة، إذ يستعير في اطلالته الكثير من مغنّي الراب الأميركيين، سواء في لحيته أو شعره أو ملابسه. في أغانيه، يضع لمجرّد نفسه في موقع الرجل "صعب المنال"، ما خلق ديناميكية خاصة في نظرة الشابات له، وجعله يحظى بالكثير من المعجبات.
ناصيف زيتون
(1988) منذ فوزه بلقب برنامج "ستار أكاديمي 7"، جمع ناصيف زيتون رصيداً كبيراً من المعجبات، ثمّ بدأ يصدر أغان تحمل الكثير من مفاهيم التخلّي عن الحبيبة الخائنة. وصرنا نسمع أغانيه تصدح في سيارات الشباب تحت منازل حبيباتهنّ، كنوع من الرسائل الخفية. حقق ألبوم زيتون الجديد "طول اليوم" نجاحاً مدوياً، إذ يحاول أن يقدّم نمطاً جديداً من الأغنية الشامية. وكيفما التفتنا اليوم على الانترنت، سنجد أنّ شعبية زيتون وسط المراهقات تتصاعد بشكل كبير، ما يجعله مرشحاً كبيراً ليكون دونجوان جيله.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...