شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
​سعوديات يرفضن العيش تحت سيادة

​سعوديات يرفضن العيش تحت سيادة "الرجل"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 11 أغسطس 201601:39 م

"ولماذا أتزوج؟"، عبارةٌ بسيطة ولكنّها باتت لازمة على لسان كل فتاة سعودية نجحت في الحصول على فرصة عمل في القطاع الخاص الذي منحها استقلالية عن الأهل أو الزوج.

ففي ماض ليس ببعيد، كانت الفتاة السعودية تجبر على المكوث في المنزل حتى يأتي من يطلب يدها، إلا أنّ مجريات الأمور انقلبت بمجرّد ارتفاع حدة الضغوط الحكومية على القطاع الخاص لتوفير المزيد من فرص العمل للمرأة السعودية وتأنيث عدد وافر من الوظائف، لا سيما تلك المتعلقة بمجال بيع المستلزمات والملابس النسائية. ساهمت تلك السياسات في خفض نسب البطالة في صفوف السعوديات إلى معدلات غير مسبوقة.

وقد انعكست تلك التطورات بشكل ملحوظ على وضع الفتاة السعودية التي باتت تمتلك فسحة لا بأس بها من الحرية بفضل الاستقلالية المادية والشخصية، ولم يعد بمقدور أحد من ذويها أن يجبرها على البقاء في المنزل وانتظار "النصيب".

باتت فتيات سعوديات كثيرات ينظرن إلى الزواج على أنّه عودة إلى زمن هيمنة الرجل، لذا يتمسّكن بمكتسباتهنّ القليلة ويرفضن العيش تحت "سيادة" الزوج، وهذا ما أدّى إلى ارتفاع معدل النساء العازبات في المجتمع السعودي.

وبحسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط، فقد يرتفع، على الأرجح، عدد الفتيات اللواتي يصفهن أحد تلك الاحصاءات بـ"العوانس"، من مليون ونصف المليون فتاة عام 2014 إلى نحو 4 ملايين في السنوات الخمس المقبلة. وقد بلغ عدد الفتيات العازبات اللواتي تجاوزن سن الزواج مليون و500 في السعودية، النسبة الكبرى منهنّ في منطقة مكة تليها الرياض ثم المنطقة الشرقية.

وفي الاتجاه الموازي، كشف أحد التقارير الاقتصادية الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة في الرياض أنّ عدد العاملات السعوديات في القطاع الخاص شهد خلال الأعوام الماضية تزايدًا ملحوظًا. عام 2010، تخطى 55 ألف موظفة، في حين وصل في عام 2011 إلى أكثر من 99 ألف، وفي عام 2012 بلغ 215.8 ألف موظفة يعملن في عدد من المهن والمجالات الإدارية. كذلك أشار التقرير إلى ازدياد عدد المشاريع الاستثمارية المرخّصة لسيدات الأعمال، إذ بلغت حوالى 654 مشروعًا عام 2012.

تؤكّد أحلام (اسم مستعار لفتاة سعودية رفضت الكشف عن هويتها) لرصيف22 أنّها لا تفكّر بالزواج مع أنّها على عتبة الثلاثين، لأنّ طموحها المهني والأكاديمي يطغى على التفكير بفارس الأحلام المنتظر.

وتضيف أحلام التي تعمل في إحدى شركات العلاقات العامة في مدينة جدة أن "العمل فتح لها باباً آخر، يطل على نافذة أخرى للحياة، فباتت تتمتّع بحرية تدبير شؤونها الخاصة، ولم يعد هناك سببٌ ملحّ للركض خلف أحلام الزواج، الذي ربّما قد يرمي بأحلامها أسيرة رجل لايقدّر حرية عمل المرأة".

تقول أحلام أن لديها راتباً يتجاوز 2000 دولار شهرياً، بالإضافة إلى سائق خاص ينقلها إلى حيث تشاء، إلا أنّ مشكلتها تكمن في كيفية مقاومة إلحاح والدتها على ضرورة أن تتزوج.

وفي وقت أصبح بقاء الفتاة عازبة في الثلاثين من عمرها أمراً طبيعياً على الرغم من أنّ الشباب السعوديين يمانعون، بنسبة كبيرة، الزواج بفتاة تجاوزت العقد الثالث من العمر. لا يلقى هذا التغير في أولويات الشابات السعوديات استحساناً وترحيباً.

ترى فاطمة اسماعيل، وهي اختصاصية اجتماعية، أنّ طبيعة تحديات العمل في القطاع الخاص “أنسى النساء أنوثتهن، وأصبحن يقلّدن الرجال في كثير من الأمور”.

تضيف فاطمة "الفتاة العزباء باتت لا تُبالي بالعنوسة لأن العديد من صديقاتها يشاركنها في الأمر ذاته، وذلك نتيجة تغيّر نظرة المجتمع السعودي لنمط الزواج الذي بات مرتبطاً على نحو أساسي بالمادة والمظاهر. فإذا وافقت الفتاة السعودية على الزواج، فهي تسعى إلى أن يعكس الزواج واجهتها الأنيقة أمام المجتمع لكونها صارت تتمتّع بحضور واسع في المجال المهني أو الأكاديمي. وتالياً، تتشدّد في الصفات التي تريدها لدى الزوج، كوسامة الشكل والوضع المالي المتميّز، والدرجة العلمية والمكانة الاجتماعية، وغيرها من الصفات التي يصعب توفّرها لدى معظم الشباب السعودي". وإذا ما توفّرت تلك الصفات، تعتقد فاطمة اسماعيل أنه لن يكون هنالك مانع أمام الفتاة السعودية "من أن تُزف إلى القفص الذهبي برفقة من أرادت".

لربما باتت المرأة السعودية أكثر تطلبّاً عندما يحين الوقت لاختيار رفيق الدرب، لا سيما أنّ طموحات العديد من السعوديات اختلفت، وأصبحت للمسيرة المهنية والأكاديمية أولوية كبيرة. إلا أنّ عاملاً آخر يساهم في تأخير سن الزواج، وهو كلفة الزواج في السعودية نظراً لارتفاع المهور التي تتجاوز في غالب الأحيان عتبة الخمسين ألف ريال سعودي (10 آلاف دولار) بالإضافة إلى المصاريف الأخرى التي تنضوي ضمن باب المظاهر الاجتماعية.

نشر الموضوع على الموقع في 30.04.2015


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image