لا يكاد النقاش حول رياضة البنات في المدارس والجامعات الحكومية السعودية يخفت، حتى يتأجّج من جديد. فخلال الأيّام الماضية، تصدّر هاشتاغ #رسميا_رياضة_البنات_بالمدارس لائحة الأكثر تداولاً على تويتر في السعودية، ما أعطى انطباعاً أنّ وزارة التعليم أقرّت أخيراً، وبعد طول انتظار، ساعات للنشاط البدني للطالبات. لكنّ أيّ قرار رسميّ في هذا الصدد، لم يصدر بعد عن الوزارة. وكان وزير التعليم أحمد العيسى حسم الجدل حول ملف رياضة البنات في المدارس منذ أبريل الماضي، قائلاً إنّه "ليس من ضمن اهتمامات الوزارة".
تتجدّد بين الحين والآخر السجالات حول الموضوع عبر هاشتاغ #رسميا_رياضة_البنات_بالمدارس، وغيره من الهاشتاغات المرتبطة برياضة المرأة مثل #هل_تتزوج _فتاة_مارست_الرياضة. لكنّ ملف رياضة البنات في المدارس الحكوميّة ليس مستجدّاً، بل هو موضوع يجري نقاشه منذ سنوات طويلة.
حسمت وزارة التعليم السعودية الجدل حول رياضة البنات في المدارس قبل أشهر مؤكدةً أنّها "ليست ضمن أولويّاتها"
مسألة حصص الرياضة المدرسية تقسم الشارع السعودي... فهل تقرّ بعد تولي ريمه بنت بندر منصباً في هيئة الرياضة؟
غزوة البشوت
في العام 2000، نشرت صحيفة "عكاظ" السعودية استبيانًا يستطلع آراء القراء حول مدى تقبلهم فكرة إنشاء أندية للسيدات السعوديات، بإشراف الأندية الرياضية الرسمية. يومها خرج المطاوعة وعلماؤهم في ما بات يعرف بـ"غزوة البشوت" الاحتسابية، للاحتجاج لدى الديوان الملكي، والشكوى من "أذناب الاستعمار ودعاة التغريب الليبراليين المنحلين". اعتبر المعترضون حينها أنّ الحديث عن أنشطة رياضية للنساء، يندرج في إطار محاولات إفساد المرأة، وتخريب بيوت الأزواج بمصاريف "ترفيهية" مكلفة. وطالبوا الزوجات بالتركيز على رياضة المنزل في الغسل والكنس. موقف جعل باب الجدل مفتوحاً في المملكة، ليس حول موضوع الرياضة في المدارس فقط، بل حول كلّ ما يخصّ المرأة، من ولاية الأمر إلى قيادة السيارة.
من لا يعرف أسباب الحرب بين المتشددين والليبراليين في السعودية فيما يخص الرياضة النسائية، عليه أن يقرأ دراسة الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل، التي حذّر فيها من كون الرياضة "تأخذ المرأة نحو التبرج والسفور، والسفر من غير محرم للتمثيل الرياضي، عدا الدعوة للاختلاط في الملاعب، وصولاً إلى "الخلوة غير الشرعية" مع المدربين والزملاء". وفي مقابل الخطاب السلفي، طالبت الكاتبة السعودية سمر المقرن بإيجاد حلول رياضية نسوية، داخل دور الحماية الخاصة بالنساء المعنفات، "تتناسب وحجم الأضرار النفسية التي يعشنها".
من جيل إلى جيل
تحيط بموضوع الرياضة النسائية في السعودية عدّة أبعاد متشابكة وقديمة، منها السياسي والاجتماعي والديني. ففي منتصف ستينيات القرن الماضي، افتتحت الأميرة عفت الثنيان زوجة الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز، صالة رياضية في أول مدرسة نظامية للبنات في السعودية. تم بذلك وضع حجر الأساس لبداية النشاط الرياضي النسائي السعودي المنظّم. تبعت ذلك في السبعينيات نشاطات في بعض الجامعات السعودية التي مارست فيها النساء لعبة تنس الطاولة، والبلياردو، وكرة الطائرة.
وشهد عقد الثمانينيات صراعاً بين مدّ التطرّف الديني والمكونات اليسارية والحركات النسوية. في تلك المرحلة، كانت الدولة السعودية مأزومة من صعود مدّ القومية العربية ما بعد عبدالناصر والتيارات اليساريّة، وهذا ما جعلها تعزّز التحول نحو التشدّد، وافساح الأرضية للمطاوعة والهيئات الدينية المتطرّفة التي أخرست كل خطاب نادى برفع القيود عن المرأة.
تحكي الباحثة الأكاديمية السعودية سماهر الضامن لرصيف22 تجربتها مع رياضة البنات في المدارس خلال الثمانينيات. تقول: "تجربتي مع رياضة المدارس هي اللاتجربة والغياب التام. مثل كل بنات جيلي، كنا نفتقد هذا العنصر الحيوي والممتع في المدرسة". وتضيف: "كنت أتطلع للرياضات المرتبطة بالفتيات في سني كالجمباز أو حتى الجري، وأتسمر أمام شاشات التلفزيون أراقب بحرقة السباحات والعداءات والجمبازيات حين تبث مسابقات الرياضية في مواسم المونديال وسواها، وأتساءل ما الذي ينقصني لأكون مثلهن وأنا المولعة بالرياضة والرقص؟".
تعيش الضامن في الولايات المتحدة الآن، لكنّ الوقت لا يسعفها كثيراً لممارسة الرياضة، بسبب التزاماتها العائلية ودراستها. "يغيظني الأمر كثيراً كلما فكرت في أوقات الفراغ التي ضاعت هدراً في طفولتي ومراهقتي، أو أهدرت في أمور غير مفيدة، بينما كان يمكن أن أتعلم هذه المهارات بسهولة أكبر في تلك المرحلة من العمر".
انفتاج جزئيّ
بقيت الأنشطة الرياضية النسوية لسنوات طويلة محصورة داخل أسوار الجمعيات الخيرية والمدارس والجامعات الخاصة والملاعب المنزلية في عدة مناطق في السعودية، خصوصاً في مدينة جدة (غرب المملكة).
وفي عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، سادت رغبة بتطعيم الهوية السعودية بألوان جديدة، خصوصاً مع القطبية المستجدة بين المملكة وإيران حيث تناوب على الحكم إصلاحيون ومتشددون. انعكس ذلك التنافس بشكل ايجابيّ على خطاب الانفتاح على المرأة في السعودية، وتمّ ذلك بقرار ملكي. هكذا، دخلت المرأة كعضو إلى مجلس الشورى، وقُبل ترشيحها وصوتها للانتخابات البلدية في 26 سبتمبر 2011.
وخلال العقد الماضي، بدأت الانجازات الرياضية النسائية بالظهور، مع تأسيس دوري لكرة القدم في الرياض في العام 2008، تستمر فترة إقامته بين خمسة وسبعة أشهر. وفي أبريل من العام التالي، بثت قناة "العربية" من دبي، مباراة فريق كرة السلّة "جدة يونايتد" الذي تأسس العام 2003 ليكون أول حجر أساس للرياضة النسائية بعيداً عن سلطة الجمعيات الخيرية والمدارس والجامعات الخاصة.
الأميرة ريمه والأولمبياد
علماً أن تعيين حفيدة ملكية لتولّي الملف الرياضة النسائية، في عهد الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز، سدّ باب الذرائع أمام رافضي خوض المرأة لمجال الرياضة. قفزة ملكية لم تطلها حجارة السلفيين، تفتح نافذة الأمل في إقامة قاعات خاصة واندية للرياضة النسائية في المدن السعودية، وانخراط الأندية الرسمية بصنع أقسام خاصة للسيدات لممارسة الأنشطة الرياضية، تحت إشراف مدربات متخصصات.
قد يحثّ ذلك وزارة التعليم على إقرار مادة التربية البدنية في المدارس والجامعات الحكومية، هذه المادة التي بقيت طوال عقود تحت سطوة الحالة الدينية المتطرفة. سطوةٌ منعت الدولة الخليجية الأكبر من تميز نسائها في المسابقات الرياضية المحلية والدولية.
انضم/ي إلى المناقشة
jessika valentine -
منذ 6 أيامSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع
محمد الراوي -
منذ شهرفلسطين قضية كُل إنسان حقيقي، فمن يمارس حياته اليومية دون ان يحمل فلسطين بداخله وينشر الوعي بقضية شعبها، بينما هنالك طفل يموت كل يوم وعائلة تشرد كل ساعة في طرف من اطراف العالم عامة وفي فلسطين خاصة، هذا ليس إنسان حقيقي..
للاسف بسبب تطبيع حكامنا و أدلجة شبيبتنا، اصبحت فلسطين قضية تستفز ضمائرنا فقط في وقت احداث القصف والاقتحام.. واصبحت للشارع العربي قضية ترف لا ضرورة له بسبب المصائب التي اثقلت بلاد العرب بشكل عام، فيقول غالبيتهم “اللهم نفسي”.. في ضل كل هذه الانتهاكات تُسلخ الشرعية من جميع حكام العرب لسكوتهم عن الدم الفلسطيني المسفوك والحرمه المستباحه للأراضي الفلسطينية، في ضل هذه الانتهاكات تسقط شرعية ميثاق الامم المتحدة، وتصبح معاهدات جنيف ارخص من ورق الحمامات، وتكون محكمة لاهاي للجنايات الدولية ترف لا ضرورة لوجوده، الخزي والعار يلطخ انسانيتنا في كل لحضة يموت فيها طفل فلسطيني..
علينا ان نحمل فلسطين كوسام إنسانية على صدورنا و ككلمة حق اخيرة على ألسنتنا، لعل هذا العالم يستعيد وعيه وإنسانيته شيءٍ فشيء، لعل كلماتنا تستفز وجودهم الإنساني!.
وأخيرا اقول، ان توقف شعب فلسطين المقاوم عن النضال و حاشاهم فتلك ليست من شيمهم، سيكون جيش الاحتلال الصهيوني ثاني يوم في عواصمنا العربية، استكمالًا لمشروعه الخسيس. شعب فلسطين يقف وحيدا في وجه عدونا جميعًا..
محمد الراوي -
منذ شهربعيدًا عن كمال خلاف الذي الذي لا استبعد اعتقاله الى جانب ١١٤ الف سجين سياسي مصري في سجون السيسي ونظامه الشمولي القمعي.. ولكن كيف يمكن ان تاخذ بعين الاعتبار رواية سائق سيارة اجرة، انهكته الحياة في الغربة فلم يبق له سوى بعض فيديوهات اليوتيوب و واقع سياسي بائس في بلده ليبني عليها الخيال، على سبيل المثال يا صديقي اخر مره ركبت مع سائق تاكسي في بلدي العراق قال لي السائق بإنه سكرتير في رئاسة الجمهورية وانه يقضي ايام عطلته متجولًا في سيارة التاكسي وذلك بسبب تعوده منذ صغره على العمل!! كادحون بلادنا سرق منهم واقعهم ولم يبق لهم سوى الحلم والخيال يا صديقي!.. على الرغم من ذلك فالقصة مشوقة، ولكن المذهل بها هو كيف يمكن للاشخاص ان يعالجوا إبداعيًا الواقع السياسي البائس بروايات دينية!! هل وصل بنا اليأس الى الفنتازيا بان نكون مختارين؟!.. على العموم ستمر السنين و سيقلع شعب مصر العظيم بارادته الحرة رئيسًا اخر من كرسي الحكم، وسنعرف ان كان سائق سيارة الاجرة المغترب هو المختار!!.