ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في موريتانيا بالسجالات، بعد أن قال الناشط الموريتاني عبد الناصر بيبه إن السلطات الأميركية رحّلته من مطار ديترويت بسبب احتواء هاتفه على غلاف رواية "حبيبي داعشي" للكاتبة المصرية هاجر عبد الصمد.
من المنحة إلى داعش
ناصر هو ناشط موريتاني وعضو في حركة 25 فبراير المعارضة وسفير مؤسسة الفكر العربي في موريتانيا، ومتخرج من كلية الآداب قسم الأدب الإنكليزي في جامعة نواكشوط. وقد حصل على منحة دراسية ممولة من الحكومة الأميركية، وهذا كان سبب ذهابه إلى أميركا. وقال لرصيف22: "كنت ذاهباً إلى أميركا للدراسة، في إطار برنامج دراسي مدّته سنة هو عبارة عن تبادل ثقافي من تمويل الحكومة الأميركية. فقبل خمسة أشهر، شاركت في مسابقة من تنظيم السفارة الأميركية واُخترت أنا وشاباً آخر للمشاركة في هذا البرنامج". وتابع: "كان خط رحلتي من نواكشوط إلى باريس انتهاءً بمدينة ساغناو، حيث جامعة ساغناو". لكن شاءت الظروف أن تتعطل رحلة ناصر في ديترويت وأن يتحوّل من طالب علم إلى شخص مطلوب. وعن ذلك، قال ناصر: "وصلت ليلة الجمعة-السبت، 19 أغسطس، إلى مطار ديترويت وختموا لي بالدخول، وذهبت لأجلب أمتعتي كي أنطلق نحو قاعة الإقلاع الخاصة برحلة ساغناو. لكن في الطريق، ناداني شرطي من شرطة مطار ديترويت، وقال لي أعطني جواز سفرك، فقمت بتنفيذ أمره، فشاهد عليه "الجمهورية الإسلامية الموريتانية". حينذاك، راح يبحث في التأشيرات، فرأى تأشيرتي مصر ولبنان فتهجم وجهه، وقال لي "تعالَ معي". أدخلني إلى مكان يبدو أنه مخصص لتفتيش الأمتعة قبل غرف التحقيقات، وسألني "هل لديك تلفون؟"، فأجبته بنعم، وناولته إيّاه بناءً على طلبه. كان ينظر إليّ بغضب كأنني عدوّه. أعطيته كلمة سرّ التلفون، فذهب عني إلى مكان آخر". وواصل ناصر سرد حكايته: "رجع إليّ حاملاً تلفوني وهو يتفحصه. وبعدها، قدم شرطي آخر وذهبا بي إلى غرفة تحقيقات وبدأت إجراءات أخرى. سألني الشرطي "ماذا تفعل في أميركا؟"، فقلت له إنّي أتيت في إطار منحة دراسية وأعطيتهم الأوراق المتعلقة بالمنحة. وبعدها سألني عن صورة لغلاف رواية حبيبي داعشي. قال لي "ما هذه الصورة؟"، فقلت له إنها صورة غلاف كتاب لم أقرأه بعد". وقصة هذه الصورة هي أن ناصر كان مع صديق له قبل أسبوعين، في مدينة روصو جنوب موريتانيا، وطلب منه أن يرسل الكتاب إلى صديقة مشتركة لهما في مدينة أخرى، وذلك لأنه يسكن في العاصمة ويسهل عليه إرسالها لها، فوافق، وأخذ صورة من غلاف الرواية ليرسلها لها ويقول لها إنه استلم الكتاب وسيرسله لها ولم يمحها عن هاتفه. وتابع ناصر: "أخبرتهما بلمحة عن مضمون الرواية، فسألاني عن الغلاف وعن راية داعش على الكتاب فقلت لهم أني لا أعرف راية داعش، وهو ما أثار استغرابهما. وأكدت لهما أنّي أثق في الشخص الذي أرسل معي الكتاب وفي بعده عن التطرف والغلو". وبعد الكثير من التحقيقات أتاه شرطي آخر وأخذ دفتراً وبدأ يكتب لكي يعرف هل سيناقض أقواله، بحسب شعور ناصر. راح الشرطي يطرح الأسئلة نفسها، وتابع نصار: "بدأ يدقّق بحركاتي وتصرفاتي، وقبل قدومه بقليل أتوا بمترجم بينما مع الأول لم يكن بيننا مترجم وكنّا نتحدث بالإنكليزية". انتهى استجواب ناصر وأخذ الشرطيان حاسوبه وبطاقات ذاكرة بحوزته وبدأوا بفحصها. وأكمل ناصر: "بعدها أخرجوني واستدعوني ليسألوني عن صورة من ندوة بعنوان الإرهاب الآفاق والتحديات من تنظيم مركز مبدأ. وسألوني عن صورة للشاب الذي أعطاني الرواية. وبعد أربع ساعات عاد الاستجواب من جديد".الترحيل والعودة
بعد ساعة من الأسئلة خيروا ناصر بين خيارين: الأول الترحيل من أميركا وحذف تأشيرته وعدم دخول أميركا لمدة خمس سنوات، والثاني هو حذف تأشيرته ورجوعه إلى دولته لأخذ تأشيرة أخرى، فأختار أن يرجع إلى موريتانيا ويأخذ تأشيرة جديدة. بعد نصف ساعة حجزوا له على الخطوط الفرنسية، ورحّلوه من أميركا. وقال ناصر: "قالوا لي أنت لم تستطع أن تعطينا معلومات مقنعة عن الشخص الذي أعطاك الرواية مثل بريده الإلكتروني أو رقم هاتفه، والمعلومات التي أعطيتنا إيّاها متناقضة. خلال التحقيقات، بحثوا عن الرواية بمساعدة المترجم وقالوا إنها تتحدث عن قصص الحب عند داعش وإنها تمجد أعمال داعش و تهدد الأمن القومي الأميركي وتدعو إلى الإرهاب والغلو في الدين. ولكن الرواية عكس ذلك". وروى ناصر لرصيف22 قصة رحلة عودته. وقال: "عند وصولي إلى فرنسا أخذتني الشرطة الفرنسية من الخطوط الفرنسية وذهبت بي إلى مركز الشرطة في مطار باريس. سألوني عن سبب طردي من الولايات المتحدة الأميركية، وبعد ساعتين من الانتظار نادوني على تحقيق، فتشوني، أخذوا بطاقة ذاكرة منّي وهاتفي ولم يجدوا فيهما شيئاً وكتبوا محضراً بالتحقيق معي". وختم ناصر: "عند حلول وقت الرحلة أخذوني وسلموا جواز سفري إلى الخطوط المغربية وأعطوها المعلومات وحين وصلنا إلى الدار البيضاء سلمت الخطوط المغربية جواز سفري إلى إدارة المطار واحتجزته عندها لكن لم يحققوا معي. واستقللتُ رحلة الخطوط المغربية نحو نواكشوط، حيث قامت الخطوط المغربية بتسليم جواز سفري إلى شرطة الموريتانية، لتقوم الأخيرة باحتجازه في انتظار تحقيقات ستجريها". ويذكر أن ناصر سبق أن زار أميركا العام الماضي من دون مشاكل.كاتبة الرواية مستاءة
في حديث إلى رصيف22، استغربت كاتبة رواية حبيبي داعشي، هاجر عبد الصمد، ما حدث وقالت: "أشعر بالاستياء بسبب ما قامت به السلطات الأميركية تجاه الناشط الموريتاني عبد الناصر بيبه ومنعه من دخول الولايات المتحدة، وما حدث معه ليس له أي مبرر ويدعو إلى الدهشة". وتابعت: "برغم أن منع شخص من دخول بلد بسبب صورة غلاف رواية هو أمر غريب فإن الأغرب أن يتم وصف رواية "حبيبي داعشي" بأنها تمجّد داعش مع أنّه في التعريف بالرواية على صفحتها في موقع غود ريدز ذكرت أن الرواية توضح جرائم داعش. والأمر نفسه كُتب على ظهر غلاف الرواية في النسخة الورقية وذكرته المواقع الإلكترونية التي نشرت النسخة الإلكترونية من الرواية". وخلصت هاجر إلى أن "الأمر في الحقيقة ينافي العقل، فأي بحث هذا الذي قاموا به؟! وأبسط دليل على أن ما اتهموه به مجرد هراء هو أن الرواية تُباع في باريس التي تعاني من الإرهاب، فانْ كانت الرواية تمجّد داعش بالفعل فكان من باب أولى أن يتم منعها في فرنسا".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين