تبدأ بطولة السكواش العالمية للرجال اليوم وسط آمال بأن يستطيع المصنّف الأول عالمياً وفق اتحاد محترفي السكواش Professional Squash Association، المصري محمد الشوربجي، انتزاع اللقب من الإنكليزي نك ماثيو Nick Matthew الفائز بثلاث نسخات من بطولات السكواش الخمس الأخيرة. وكان الشوربجي قد صنّف الأول عالمياً في بداية الشهر الحالي، بعد إحرازه بطولة الولايات المتحدة المفتوحة بفوزه على مواطنه عمرو شبانة.
لم يكن وصول مصريَين إلى نهائي بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للسكواش بالمفاجئ لمتابعي اللعبة. فالمواجهة في نهائي تلك البطولة بين الشوربجي ابن الأعوام الـ23 وبين عمرو شبانة الذي حافظ على تصنيفه ضمن أفضل 10 لاعبين في العالم لأكثر من عشر سنوات متتالية، تعكس تفوّق مصر في لعبة السكواش في العقود الأخيرة.
اليوم، تكثر الدلالات على أهمية الموقع الذي يحتلّه المصريون في هذه اللعبة. سبعة لاعبين مصريين يصنّفون ضمن الـ20 الأوائل في قائمة أفضل لاعبي السكواش بحسب اتحاد محترفي اللعبة، في حين تصنّف أربعة لاعبات مصريات من بين الـ20 الأوليات عن فئة النساء. ورغم خسارته في نهائي بطولة العالم هذا العام أمام منتخب إنكلترا، استطاع الفريق المصري أن يحرز اللقب العالمي في نسختي 2010 و2012، وفاز لاعب مصري الجنسية باللقب العالمي في ثمانٍ من النسخات العشر الأخيرة من البطولة العالمية للناشئين. بات لاعبو السكواش المصريون يُعرفون بأسلوبهم "الهجومي" الذي يعتمد على خدع المعصم ومهارة استعمال المضرب.
يصعب تحديد متى بدأ السكواش بجذب اهتمام الشباب المصري، لكن المؤكد أن تطور هذه الرياضة في مصر جاء على مراحل، بدايةً مع دخولها إلى البلاد مع البريطانيين في أواخر القرن التاسع عشر، وصولاً إلى بروز عدد من الأبطال في هذه اللعبة من المصريين. وقد ساهم بعض الضباط في الجيش البريطاني في انتشار السكواش في مصر عبر تأسيسهم نادي الجزيرة الرياضي عام 1882. وفيما كان البريطانيون يمارسون اللعبة آنذاك، بدأ النادي بقبول عضوية المواطنين المصريين مع مستهل القرن العشرين.
برز نجم المصري عمرو بيه، الذي أصبح سفيراً لمصر في بريطانيا لاحقاً، إذ فاز ببطولة بريطانيا المفتوحة ست مرات متتالية في ثلاثينيات القرن الماضي. كان لفوزه المتتالي بالبطولة، التي كانت تُعد أهم بطولة للسكواش في العالم حينذاك، صدى كبير في أوساط المصريين، وشجع الكثير من الشباب على تعلم اللعبة.
تبع ذلك بروز نجم محمود الكريم، الذي فاز بالبطولة البريطانية المفتوحة من عام 1947 حتى عام 1950. ثم انتقلت الريادة في اللعبة إلى باكستان ليسيطر عليها الأخوان هاشم وعزام خان وابن عمهما جاهانغير خان، قبل أن تعود اللعبة إلى سابق مكانتها في مصر عقب تشجيع الدولة المصرية.
وكان لانطلاق “بطولة الأهرام” التي أقيمت بالقرب من أهرامات الجيزة مع نقل تلفزيوني عام 1996 دور بارز في إعادة مصر إلى واجهة الرياضة، إذ وصل المصري البالغ من العمر 19 عاماً آنذاك أحمد برادة إلى نهائي البطولة وتصدر التصنيف العالمي الشهري لأفضل لاعب. في ديسمبر 1999، احتلّ أحمد برادة المركز الثاني عالمياً ووصل إلى نهاية بطولة العالم في العام التالي قبل أن يعتزل اللعب وهو في الـ24 من العمر بسبب إصابة تعرض لها. منذ ذلك الحين، برز عدد من اللاعبين المصريين أمثال رامي عاشور وعمرو شبانة وكريم درويش الذي أعلن اعتزاله الشهر الماضي.
يشير البعض إلى الدور المهم الذي لعبه الرئيس السابق حسني مبارك في دعم الرياضة كونه كان من هواة اللعبة، إذ حرص على افتتاح وحضور بطولات السكواش المقامة في البلاد وعلى رأسها بطولة الغردقة.
اللعبة الثانية شعبياً
برغم النجاح الباهر لأبطال رياضة السكواش، مقابل فشل المنتخب المصري لكرة القدم في أن يتأهل إلى بطولة كأس العالم ومنذ عام 1990، تبقى السكواش اللعبة الشعبية الثانية في مصر بعد كرة القدم. تخصص وزارة الشباب والرياضة معظم ميزانيتها البالغة حوالى 280 مليون دولار لكرة القدم فيما يتلقى اتحاد السكواش المصري تمويلاً لم يتعدَّ الثلاثة ملايين دولار بين عامي 2008 و2012.
في مصر، لن تجد من لا يعرف نجوم كرة القدم كمحمد أبوتريكة ووائل جمعة وأحمد حسن، كما أن المصريين يفتخرون بالتجربة الاحترافية لبعض نجوم كرة القدم مثل محمد صلاح الذي يلعب لتشيلسي Chelsea وأحمد المحمدي الذي يلعب لهال سيتي Hull City في إنكلترا وثنائي نادي بازل Basel السويسري أحمد حمودي ومحمد النني. لكن تقهقر مستوى المنتخب المصري في كرة القدم من جهة واستمرار نجاح لاعبي السكواش المصريين من جهة أخرى، جعل من محترفي السكواش الأبطال الرياضيين الحقيقيين في مصر.
غير أنّ ما يحدّ من انتشار رياضة السكواش مقارنة بكرة القدم، هي تكلفة النوادي التي تضم صالات للعب السكواش، وهذا ما يجعلها حكراً على المقتدرين، في مجتمع لا يتخطّى فيه الحد الأدنى للأجور 174 دولاراً في الشهر. اليوم، في مصر 11 نادياً خاصاً و11 نادياً عاماً يمنحون اللاعبين الأبرز لديهم، كما الصغار الواعدين، عقوداً تمتد سنة. ينظّم الاتحاد المصري للسكواش كذلك بطولات في مصر تجذب لاعبين أجانب وتساهم في تحسين مستوى اللاعبين المحليين. لاعب السكواش المتألق وصاحب التصنيف الجيد يكسب نصيباً وفيراً من المال قد يصل إلى 500 ألف دولار في السنة من عوائد الرعاة والجوائز المالية.
وفيما يتدرب عمرو شبانة مع نادي الكريكت في تورونتو Toronto Cricket Club ويتدرب الأخوان الشوربجي محمد ومروان في برستول في إنكلترا، يلفت الانتباه أن خمسة من ثمانية مصريين مصنفين ضمن أفضل 20 لاعب سكواش في العالم يتدربون في نواد مصرية في القاهرة، من بينها هليوبوليس، ووادي دجلة، والجزيرة. وهذا ما يؤكد المستوى العالي للنوادي المصرية والتدريب المتاح لدى محترفي السكواش في مصر.
تستعد مصر حالياً لإستضافة بطولة العالم للناشئين والناشئات للفردي والفرق في يوليو 2015، في حين يخوض الشوربجي وزملاؤه بطولة العالم التي انطلقت اليوم في قطر وتستمر أسبوعاً. فهل يحصد أحدهم اللقب العالمي مرة جديدة؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...