في اليوم العالمي لمكافحة إساءة استخدام المخدرات، أعلن "البرنامج العالمي لمكافحة المخدرات والجريمة" (UNODC)، التابع للأمم المتحدة عن تقريره السنوي الجديد المتخصص في رصد صورة الوضع العالمي للمخدرات وآثارها. يشرح التقرير في نصفه الأول، الموقف العالمي حالياً، والآثار الصحية للمخدرات، وتحليل أسواقها بحسب أنواعها واتجاهاتها المستقبلية. ويستعرض النصف الآخر تأثير المخدرات على التنمية الاجتماعية والاقتصادية والاستدامة البيئية، ودورها في الابتعاد عن تكوين مجتمعات مسالمة، لا تعرف العنف والفساد وتعيش سيادة القانون.
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 1 من كل 20 بالغاً، تراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً، تعاطوا مخدراً واحداً على الأقل في العام الماضي. ما يعني أكثر من ربع مليار شخص، تحديداً 247 مليوناً، وهو رقم على ضخامته، لم يشهد زيادة ملحوظة خلال السنوات الأربع الماضية.
يقدر عدد الوفيات المتصلة بالمخدرات بأكثر من 207 ألف حالة عام 2014، نصفها تقريباً بسبب الجرعات المفرطة. وبتحليل نوعية المخدرات الأكثر شيوعاً في العالم، كان القنب في المركز الأول، إذ يقدر عدد متعاطيه 183 مليون شخص. وجاءت الأمفيتامينات Amphetamines في المركز الثاني، بينما المركز الثالث كان من نصيب المواد الأفيونية وأشباهها، الموصوفة طبياً، وعدد متعاطيها 33 مليون شخص.
أسواق المخدرات وإنتاجها
ليس مستغرباً أن يكون القنب النوع الأكثر زراعة حول العالم، كونه الأكثر استخداماً أيضاً. إذ أبلغت 129 دولة عن زراعته، بينما هناك 49 بلداً يزرع خشخاش الأفيون و7 دول تزرع الكوكا. وقد تراجع الإنتاج العالمي للأفيون بمعدل 38%، ووصل أواخر التسعينيات إلى 4770 طناً، مدفوعاً بتراجع الإنتاج في أفغانستان التي تعد أكبر مزرعة لخشخاش الأفيون.المغرب المنتج الأول للحشيش في العالم، وحقائق أخرى حول الوضع العالمي للمخدرات اليومإجمالاً يصل حجم تجارة المخدرات في العالم إلى 800 مليار دولار سنوياً، أو 8% من حجم التجارة العالمية. وتصل العوائد المالية من الكوكايين وحده إلى 85 مليار دولار. وتخطى حجم تجارة المخدرات في الاتحاد الأوروبي عتبة الـ100 مليار دولار. من الدول المنتجة للمخدرات أفغانستان، التي تصدر 90% من الإنتاج العالمي، وباكستان وإيران وتركيا وطاجيكستان، وكلها دول إسلامية. كما أن هناك دولاً عربية مثل لبنان، سوريا، والمغرب (المنتج الأول للحشيش في العالم)، فضلاً عن دول أخرى مثل الهند وبعض الدول الآسيوية.
طرق التهريب
رصد التقرير أربع طرق رئيسية عالمية لتهريب المخدرات ونقلها من أماكن زراعتها وصناعتها إلى أماكن إنتاجها مروراً بعقدة مواصلاتها الدولية. الطريق الأول يعرف باسم درب البلقان، الذي يبدأ من أفغانستان، الاسم الأول في زراعة الأفيون، وينتقل إلى إيران والعراق وتركيا وينتهي في غرب أوروبا. الطريق الثاني هو الدرب الجنوبي، الذي يربط جنوب آسيا مع أفريقيا، يمر عبر باكستان أو إيران بحراً إلى الخليج العربي ثم أفريقيا خصوصاً شرقها. أما الطريق الثالث فهو الدرب الشمالي الذي يربط الاتحاد الروسي مع آسيا الوسطى. وأخيراً، الدرب الأشهر والمعروف باسم المثلث الذهبي، الذي تشكّل لاوس وتايلاند وبورما زواياه الثلاث.المكافحة والضبط
تنفق دول العالم أموالاً طائلة على مكافحة انتشار المخدرات عبر أقسام شرطة متخصصة، وهو من بين عواقب انتشار المخدرات، فيمكن تخصيص هذه الأموال للتنمية الاقتصادية. سجلّ القنب زيادة كبيرة في المضبوطات خلال الأعوام القليلة الماضية، فتم اعتراضه في 95% من الدول التي أبلغت عن زراعته، وأكثر من نصف حالات ضبط المخدرات، كانت تتعلق بالقنب، إذ وصلت إلى 2.2 مليوني حالة. بعده تأتي المنشطات الأمفيتامينية مثل حبوب الكبتاغون وأشباه الأفيون، والأنواع المتعلقة بالكوكا. وكانت أكبر كمية حبوب كبتاغون مضبوطة تعود إلى الشرق الأوسط، إذ يتم صناعتها في لبنان وسوريا بشكل رئيسي. وبلغت ذروة المضبوطات منها 170 طناً العام الماضي على مستوى العالم. والملاحظ أن بعض الدول التي أبلغت عن ضبط كميات كبيرة من الحبوب المخدرة، كانت مجرد دول عبور نحو الوجهة النهائية مثل السعودية والأردن. تشير الأرقام إلى أن سوريا ولبنان أحد أهم مصدرين حبوب الكبتاغون بشحنات وصلت إلى أكثر من 10 ملايين حبة للشحنة الواحدة في بعض الحالات. وتنوعت طرق النقل عبر البر إلى الأردن والسعودية، والبحر من خلال البحر الأحمر إلى الخليج، مثل عمان والإمارات والبحرين والكويت أو السودان. كما أن هناك شحنات تم تهريبها جواً إلى السعودية. وتواصل أمريكا الشمالية الإبلاغ عن أكبر كمية مضبوطات من الميثامفيتامين سنوياً، وزادت الكميات المضبوطة في جنوب وشرق آسيا بنحو 4 أضعاف خلال 4 أعوام فقط. كما زادت مضبوطات الإكستاسي، أحد أنواع المخدرات الصناعية، بأكثر من الضعفين العام الماضي. ويشهد سوق المؤثرات النفسية الجديدة بالتطور الدائم، فيتم الإبلاغ عن عدد كبير من المواد الجديدة دورياً. وفي العام الماضي، أبلغ مكتب الأمم المتحدة الخاص بالمخدرات والجريمة للمرة الأولى عن 75 مادة مخدرة جديدة مقارنة بـ66 مادة جديدة فقط قبل عامين. وسابقاً كانت المواد الجديدة تنتمي إلى مجموعة القنب الصناعية، بينما يظهر الآن نمط مختلف. إذ لا تنتمي المواد المبلغ عنها للمرة الأولى لأي من المجموعات الرئيسية المعروفة للمخدرات مثل أشباه الأفيون الاصطناعية والمسكنات.آثار المخدرات
توصلت دراسة سابقة إلى أن أشباه الأفيون والكوكايين والمنشطات الأمفيتامينية والقنب، قطفت ما مجموعه 12 مليون سنة من العمر بسبب الوفاة المبكرة أو الإعاقة، منها ما يزيد عن 8 ملايين سنة من الاضطرابات الناجمة عن تعاطي أشباه الأفيون. وتتنوع أساليب تعاطي المخدرات بين البسيطة والأقل ضرراً إلى الأصعب، مثل الحقن الذي يستخدمه 12 مليون شخص منهم. وهذا النوع يزيد من احتمال عدوى الأمراض، فهناك 1.6 مليون شخص مصاب بفيروس الإيدز، و6 ملايين مصاب بالتهاب الكبد الوبائي C. وكثيراً ما يتم زراعة المخدرات في المناطق الحراجية، ما يؤدي إلى إزالة الغابات وانخفاض المساحات المشجرة، كما أن التخلص من المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع الكوكايين والمواد الأفيونية، تضر البيئة وتعرض الناس للمخاطر الصحية. ولا نغفل ارتباط ارتفاع معدلات الجريمة بزيادة انتشار المخدرات، إذ يمكن أن يرتكب المتعاطي جريمة للحصول على المال لشراء المواد، وأمريكا اللاتينية مثال قوي على أن العنف يصل إلى أعلى درجاته عندما يتعلق الأمر بالاتجار وليس التعاطي. وتتولَّد الأرباح على امتداد سلسلة إنتاج وتوزيع المخدرات بكاملها، لكنها غالباً تبلغ أعلى مستوياتها في المرحلة النهائية. وتُقدِّر دراسة أجراها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدِّرات والجريمة أن نحو نصف الأرباح المتأتية على امتداد الدرب الرئيسي للاتجار بالهيروين من أفغانستان إلى أوروبا، تُولَّد في أكبر أربع أسواق أوروبية استهلاكية: ألمانيا، إيطاليا، فرنسا، والمملكة المتحدة. ويجري غسيل كل الأموال الناجمة عن الاتجار بالمخدرات عبر عدة قنوات كالحوالات المالية. ويقدر أن 13% من الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان يأتي من المخدرات.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 11 ساعةجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أياممقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ 6 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعيناخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.