شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
كيف يبحث اللاجئون الشباب عن شريكة حياة؟

كيف يبحث اللاجئون الشباب عن شريكة حياة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 20 أبريل 201602:07 م
منذ اللحظة الأولى التي يضع فيها اللاجئ السوري قدمه على الأراضي الأوروبية، يخطو الخطوة الأولى باتجاه حياة مختلفة تماماً عما عاشه سابقاً. تكون غالباً سنواته الأولى هي الأصعب ولا تخلو من المغامرات. في الفترة التي تكشف فيها الغربة عن أنيابها، ويشعر الشاب بالعزلة والوحدة تأكل قلبه، وبالبرد يتسلل لداخله، فيبدأ البحث عن أنثى تشاركه حياته وتهبه حضناً يهرب إليه من وحشة المنفى الجديد. يقول محمد (29 عاما)، وهو لاجئ في ألمانيا: "في الكامب الذي سكناه في الأشهر الأولى، كان الفراغ العاطفي حالة مهمة، إذ معظم الشباب يقضون وقتهم يتحدثون عن فتيات أو مع فتيات على هواتفهم المحمولة. كنا كالمراهقين مع أن معظمنا قارب الثلاثين. حين تمر من بين غرف الكامب، ستشعر أنك عدت إلى فترة الثمانينات، تسمع كاظم الساهر يصيح زيديني عشقاً من هنا، وراغب علامة يغني هويتا وأهلا ما يرضون من هناك". حسن (28 عاماً)، الذي وصل إلى السويد العام الماضي، انفصل عن حبيبته التي تعيش في سوريا بسبب السفر. يقول إن الضياع العاطفي الذي يعيشه في البلد الجديد يمنعه من التقدم في حياته، ويبعده عما كان ينوي ويخطط. يعترف: "كنت أهرب من الارتباط لأنني اعتقدت أن مسؤولية الزواج قد تشكل عبئاً على حياتي المقبلة، لكنني خسرتها ولم أكسب شيئاً! حقيقة أنا لا أملك أي رغبة بإكمال دروس اللغة السويدية أو متابعة دراستي الجامعية". وعن أيامه الحالية يقول: "أقضيها أمام كأس المشروب أو متسكعاً مع أصدقائي في الحانات".  

"بمن أرتبط؟"

سرعان ما يصطدم الشاب الذي يفكر بالزواج، بالخيارات المحدودة لإيجاد شريكة حياته في البلد الجديد، خصوصاً أن أعداد الشبان اللاجئين تفوق بكثير أعداد الفتيات. يروي عبد الرحمن (34 عاماً)، الذي يقيم في فرنسا: "أفكر في البحث عن زوجة سورية، فأجد الفتيات قليلات جداً حولي، ثم أفكر أنه يمكنني أن أرتبط بفتاة عربية، فالعرب أكثر من السوريين هنا. ثم أقول لنفسي إن كنت سأرتبط بغريبة فلأرتبط بفرنسية، على الأقل ستتغير حياتي للأفضل، لكنني أخاف أن أندم، وأقرر العودة للبحث عن ابنة بلدي، تدور هذه الدوامة في رأسي كل يوم، ولم أحلها بعد. خصوصاً أنني لست مرتبطاً بعلاقة عاطفية". ويضيف: "الارتباط بفتاة تقيم في سورية أو في دولة أخرى كتركيا أو لبنان فكرة مستبعدة بالنسبة إلى اللاجئين، ففرصة لم شمل قليلة جداً، لأن الزواج سيتم بعد طلب اللجوء. عقد صديقي قرانه على فتاة سورية تعيش في تركيا تعرف عليها قبل أن يسافر، لكنه لم يستطع أن يحضرها إلى هنا بشكل قانوني، في النهاية جاءت بالقارب كسائر اللاجئين، لم يكن أمامهما إلا هذا الخيار أو الانفصال".  

البحث عن العذرية

العذرية مقصد غير معلن للكثير من الشباب السوريين الذين يبحثون عن شريكة حياة سورية أو عربية. يقول محمد ضاحكاً: "هذه المعضلة تقض مضجع الشباب هنا، لأنهم يعتقدون أن العذرية عملة نادرة، ولن يحصلوا عليها بسهولة". إلا أن ما يدفع الكثيرين للتمسك بالارتباط بفتاة سورية هو فرص التفاهم الأكبر والاهتمامات والعادات والمشتركة. مدارس تعلم اللغات هي أول مكان يفكر فيه الشباب عادة، للبحث عن زوجة سورية، فهي أكثر التجمعات التي تضم شباباً وشابات من اللاجئين. يقول بدر، وهو مساعد مدير إحدى مدارس اللغة الهولندية: "ينظر العديد من الشباب إلى المدرسة كأنها فرصتهم الأخيرة للقاء فتاة من بلدهم، وفي معظم الأحيان تجري الرياح كما لا تشتهي السفن. بالنسبة إلى التجارب التي كنت على تماس معها، كانت الفتيات يفكرن أكثر بإكمال دراستهن ولا يضعن الزواج في أولوياتهن، بعد أن وجدن أن فرص التعليم والعمل متاحة لهن، خصوصاً أن الكثيرات انقطعن عن الدراسة بسبب ظروف الحرب. والوضع هنا مختلف تماماً عن سوريا، حيث المجتمع والأهل يدفعان الفتاة للزواج". رضوان (34 عاماً) لاجئ في هولندا، كان يأمل بلقاء شريكة حياة في مدرسة اللغة الهولندية، لكن بحثه اصطدم بطريق مسدود. أعرب رضوان عن خيبة أمله من تغير عقلية الفتيات السوريات في هولندا، وابتعادهن عن العادات والتقاليد والهوية. وأضاف: "هناك من خلعت حجابها، ومن تقول إنها سيدة نفسها، وقد تطلب الشرطة لأبيها أو لزوجها". بخلاف سوريا والدول العربية، تضمن السلطات الأوروبية للفتيات والنساء السوريات الاستقلال المادي والمعنوي، والحرية في الارتباط أو الانفصال. إضافة إلى تجريم تعنيف المرأة، وهذا ما شجّع الكثير من النساء اللاجئات على قلب الطاولة على علاقاتهن الزوجية أو خطوباتهن السابقة، ما يجعل رضوان وشباناً كثراً يتوجسون من الارتباط حتى من سوريات يعشن في أوروبا، ولا يقبلن زواجاً لا يمسكن فيه بزمام السلطة المطلقة.  

خطابة "الفيس بوك"

يلجأ العديد من الشبان الذين يئسوا من اللقاء بشريكة حياتهم إلى المعارف والأصدقاء ليلعبوا دور الوسيط، ويعرفوهم على فتاة مناسبة. حدث ذلك مع أم هاني، وهي لاجئة سورية تعيش في برلين. تقول: "وصلت إلى هنا منذ 3 سنوات ونصف السنة، أولادي يعيشون هنا منذ بضعة أعوام، تعرفت على الكثير من السوريين وباتت لدي علاقات لا بأس بها. وقد طلب مني مرات عدّة أن أتوسط لتعريف الشباب على سوريات، شيئاً فشيئاً وجدت نفسي أمارس دور الخطابة. معظمهم يبحثون عن فتيات من عائلات محافظة، الطلبات لا تأتي فقط من الشباب إنما من أهالي الفتيات أيضاً. وقد تم زواجان عن طريقي حتى الآن". دور الخطابة الذي تلعبه أم هاني باتت تلعبه أيضاً طائفة من المجموعات المغلقة على Facebook، والتي تضم الآلاف، كمجموعة  "زواج السوريين في المانيا"  و "خطبة وزواج السوريين في هولندا" والعشرات غيرهما. ويسعى المشتركون فيها للتعرف إلى شريكة حياة في البلد الذي يقيمون فيه. ينشر الشاب في الغالب تفاصيل عن عمره وعمله ومكان إقامته والمواصفات التي يريدها، وينتظر من تستجيب لطلبه في محادثة خاصة، لترتيب موعد تعارف أو لقاء.  

الأجنبيات مغريات

يبدي الكثير من اللاجئين رغبتهم في الزواج بأجنبية من البلد الذي يقيمون فيه. السبب تبعاً لبدر هو البحث "عن جسر يسهل وصولهم لعمق المجتمع الجديد، وينتشلهم من التخبط الذي ينتظرهم في سنواتهم الأولى. البعض يقولون إنهم لن يتعلموا اللغة إن لم يصاحبوا أجنبية، بينما يقول آخرون صراحة إنهم يطمعون بنيل الجنسية من خلال الزواج". تزوج يمان (32 عاماً) بفتاة هولندية، يصف تجربته بأنها "الأجمل والأقسى في حياته". ويقول: "بعد وصولي بشهرين، أعجبت بي ماريا، معلمتي، وأوقعتني بشباكها بسرعة. ذهلت بجمالها وثقافتها وانفتاحها على الحياة، وتعلقت بها، كانت تصطحبني معها وتعرفني إلى الحياة في هولندا، وتسيّر أموري وتبحث لي عن عمل، تماماً كما يفعل الأهل مع طفلهم الصغير". ويضيف: "تزوجنا وكان زواجنا ميسراً أيضاً كونها هولندية، في الحقيقة كل أصدقائي هنا كان يتمنون أن يعيشوا تجربتي حتى تفتح لهم أبواب هولندا على مصراعيها كما يقولون، وليحصلوا على الجنسية في فترة وجيزة". بعد ستة أشهر فقط انفصل يمان عن زوجته، التي لجأت بدورها إلى الإجهاض بسبب فشل الزواج. يقول: "بدأت تظهر بيننا اختلافات لم تكن في الحسبان، فهي تعلقت بالسهر الطويل والحسابات المالية والغيرة وغيرها. ليس هناك تجربة تنطبق على أخرى، وقد ينجح الزواج بأجنبية في حالات كثيرة. لكن الأهم هو أن لا يندفع أي لاجئ باتجاه هذا الخيار قبل أن يفكر جيداً، ويحسب كل شيء، فليس من  السهل أن تخسر فتاة تحبها وطفلك الأول قبل أن يأتي إلى العالم. وكل مكسب عن طريق هذا الزواج له ثمن".  

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image