شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
من الأكثر إيماناً، الأغنياء أم الفقراء؟

من الأكثر إيماناً، الأغنياء أم الفقراء؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 16 يونيو 201605:21 م
لطالما كان الظن السائد، خصوصاً في الأعوام الأخيرة، أن العالم يتجه نحو الإلحاد. لكن هذه الفكرة النمطية، تخالفها الأرقام والإحصاءات. والحقيقة، أن العالم يصبح أكثر تديناً، عاماً بعد عام. بنظرة سطحية وسريعة، على الأسباب التي تجعل الشعوب مؤمنة أو ملحدة، لا بدّ وبشكل تلقائي، من أن تكون الشعوب الأكثر ثراءً، صحة، نعيماً، باختصار، هي الشعوب الأكثر إيماناً وشكرًا لله. في المقابل، فإن الشعوب الأكثر فقراً وجوعاً، والشعوب الأكثر مظلومية ومعاناة يومية، لا بد أن تكون حاقدة على الله، بما أنه المقسم العادل، والعارف بكل شيء. لكن الدراسات أثبتت العكس: الشعوب التي تتراكم المآسي اليومية فوق رؤوسها، الشعوب الأكثر فقراً، هي الشعوب الأكثر تديناً. كيف؟ في تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية بعنوان "العالم يزداد تديناً، لأن الفقراء يتجهون إلى الله"، يشير الكاتب إلى أن 3 من أبرز مفكري القرن التاسع عشر، هم نيتشه وماركس وفرويد، كانوا تنبأوا بانقراض الدين في القرن العشرين، لكن ما حدث كان مخالفاً تماماً لكل تلك التوقعات. عام 1900، العام نفسه الذي مات فيه نيتشه، كان هناك 8 ملايين مسيحي في إفريقيا. واليوم، بعد قرن وبضعة أعوام فقط، هناك 335 مليون مسيحي في القارة الإفريقية وحدها. وبدل أن يكون القرن العشرين مقبرة للمفهوم الديني بكافة أشكاله، كان القرن الأكثر نجاحاً للديانتين المسيحية والإسلام، على صعيد زيادة العدد.

شعوب ليس لها إلا أن تتدين

وقد أكدت دراسة عام 2015، لمركز PEW الأميركي، لدراسات الدين والحياة العامة، أن الدول الأكثر تديناً في العالم هي الدول الأكثر تهميشاً وفقراً. لذا تتصدر القائمة إثيوبيا وأندونيسيا والسنغال، بينما تتذيل القائمة، الدول الصناعية ذات الكثافات السكانية المرتفعة، وبعض الدول الأوروبية، وبعض دول الاتحاد السوفياتي، التي منع فيها الدين لفترة طويلة، قبل حل الاتحاد السوفياتي عام 1991. ليس بعيداً بكثير عن دول آسيوية متدينة بسبب الفقر، تمر الدول العربية بعدها مباشرة، فتأتي الأردن في المرتبة 13، بين 65 دولة أجريت عليها الدراسة. إذ قال 83% من العينة التي تم سؤالها إنهم يمارسون العادات اليومية في ديانتهم، بينما قال 17% إن الدين لا يعني لهم شيئاً، أما لبنان فيعتدل عدد المتدينين فيه نسبة إلى السكان، ونسبتهم 57% من عدد السكان. دول الخليج، غير مشمولة في النظرية التي تردّ التدين إلى الفقر، ويعلل معظم الباحثون ذلك، بأن للخليج طبيعة خاصة، تتعلق بكونه منشأ الإسلام، وبأنه محكوم بالعائلات، ولا أنظمة ديموقراطية فيه.

إلهان: الله والمال

صراع قديم كتب عنه في الكثير من النصوص الدينية المختلفة، هو صراع بين الله وعدّوه الأزلي، المال. فإذا كانت الأرقام تثبت زيادة أعداد المتدينين في العالم بشكل هائل في المئة عام الأخيرة، فهل يعني ذلك أن الله انتصر؟
الشعوب الأكثر فقراً، هي الشعوب الأكثر تديناً، في حين يبتعد الأغنياء عن الله
في دراسة سابقة لمعهد Gallup للدراسات، عام 2015، تشير التجربة الاجتماعية التي أجريت على عينات مشابهة للتجربة السابقة، في دول مختلفة، إلى أن الدول التي يكون فيها دخل الفرد مرتفعاً، هي الدول الأقل تديناً في العالم، فتأتي السويد في مقدمة دول الغرب غير المتدينة مثلاً. وفي تفسير آخر لعدم تدين الفرد الحديث في البلاد الغربية، بشكلها الحالي، تأتي "الفردانية" واحدةً من الأسباب الرئيسية في عدم التدين. ويقصد بالفردانية، قدرة الفرد على الاستقلال المبكر، وتفرده في حياته، أي عدم انتمائه لأي جماعة، بدءاً بالجماعة الصغيرة، عائلته، وبالتالي لأي جماعات قد تفرض عليه تصرف معيّناً. أما الدين فيحتاج إلى ثقافة جمعية، هي الثقافة التي ما زالت موجودة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ثقافة "نحن" وليس "أنا".

الغرب الكافر والإسلام

تدعو الحركات الإسلامية السياسية الجديدة اليوم في العالم، إلى مهاجمة الدول الغربية بوصفها دولاً "كافرة". وقد تكون الشعوب الغربية من أقل الشعوب تديناً في العالم، بالمفهوم الديني التقليدي، لكن دراسة صدرت عن جامعة جورج واشنطن الأميركية، عام 2014، أثبتت أن الدول الغربية هي أكثر الدول التزاماً بالتعاليم الإسلامية، وبشريعة القرآن. بينما تتذيل الدول العربية والإسلامية، قائمة الدول الملتزمة بتعاليم الإسلام في قوانينها وحياتها اليومية. وقد أشرف على هذه الدراسة البروفيسور حسين عسكري، وهو أستاذ في العلاقات الخارجية في جامعة جورج واشنطن، وقام مع فريق من المختصين، بمقارنة دساتير218 دولة وأسس حكمها واقتصادها وتعاملها مع المواطنين، مع 113 مبدأً إسلامياً مستمداً من القرآن والسنة، في ما يتعلق بالعدالة وتوزيع الثروة والحريات والاقتصاد. فكانت أيسلندا والدانمارك في رأس القائمة، بينما جاءت كل من السعودية وقطر في المرتبتين 93 و111 على التوالي.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image