شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا

وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 9 مايو 201603:45 م

لماذا الحديث عن الأقليات الدينية؟ لعل مصطلح الأقليات من أكثر المصطلحات التي تثير إشكاليات في الدارج من التحليلات والآراء السياسية. والخطير أن الأمر بلغ بالبعض مبلغ التحسس من مجرد استخدام هذا المصطلح.

ويعود سبب هذا التحسس، بحسب سرديات المتحسسين، إلى الأدوار التي لعبتها الأقليات في القرن الماضي، من دعم للاستعمارين الفرنسي والبريطاني أو عدم معاداتهما، وإلى نجاح أقليات قليلة في حكم بعض الدول وممارسة الاستبداد ضد أكثرية الشعب. 

ولكن هذه السرديات التعميمية تقع في التناقض الذي يؤدي إليه كل تعميم، وأبسط مثل عن تناقضاتها هو اضطرارها إلى إخفاء واقع ثورات أقليات عدة ضد الاستعمار، وواقع تعاميها عن الاستبداد الذي مارسته الأكثريات ضد الأقليات، مع أن ذلك هو القاعدة التي خالفتها استثناءات قليلة.

في كل الحالات، من الواضح أن استخدام الوقائع التاريخية في الخطاب السياسي السائد في العالم العربي هو استخدام غائي. فالشخص نفسه الذي قد يدعو إلى إبادة الأقليات بذريعة اعتيادها "العمالة" تجده يمتدح أقلية من هنا وأخرى من هنالك إذا صادف أن زعيمها أو أحد زعمائها التقى معه في الموقف السياسي الآني.

أما الواقع فهو أكثر تعقيداً بكثير مما يتم تصويره. فالقضية ليست قضية أكثرية تنتهك حقوق أقليات، ولا قضية أقليات تنتهك حقوق الأكثرية. القضية الأساس هي أن مفهوم السلطة في العالم العربي لم يعرف الانفكاك عن مفهوم الاستبداد والإقصاء وعدم تقبل الاختلاف.

تاريخنا يخبرنا عن أقليات انتهكت حقوق أقليات أخرى عندما كانت قادرة على ممارسة السلطة عليها، ولو في منطقة جغرافية محددة، مثلما يخبرنا عن أكثريات انتهكت حقوق أقليات، وأقليات انتهكت حقوق أكثريات.

إذن، لماذا الحديث عن الأقليات من الأساس؟ الجواب بسيط جداً: لأن الأقليات هي شكل من أشكال التنوع والاختلاف، والدفاع عن حقوقها هو دفاع عن هذين المفهومين اللذين لا تبنى دولة حديثة ولا يتحقق استقرار من دون احترامهما، ولا يمكن تخيل ديمقراطية من دون أن يكونا الدعامة الأساسية التي تبنى عليها، ولأن الدفاع عن حقوق الأقليات هو أيضاً دفاع عن أبناء الأكثريات، فكل أكثرية هي مجموعة أقليات لها هويات خاصة على أساس جغرافي أو قبلي أو سياسي أو فكري.

الحقوق لا تتجزأ، وإن لم تمنح للجميع فلن ينجح أحد في التمتع بها وحده. إن الشائعات التي تنتشر حول الأقليات وعقائدها وعباداتها وطقوسها وعادات أبنائها هي جزء من الثقافة الاستبدادية التي تستسهل شيطنة الآخر لتبرر بها إلغاءه، لهذا علينا التعرف على "جيراننا" وشركائنا بعيداً عن الخرافة لأنهم ببساطة جيراننا، وعلينا تأسيس حياة مشتركة معهم، حياة لا يمكن أن تبنى على الخرافة بل على الحقيقة مهما كانت.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image