"للرجال فقط" فيلم مصرى أنتج عام 1964 يحكي عن فتاتين تتنكران فى صورة رجلين لتتمكنا من العمل فى إحدى شركات التنقيب عن البترول، حيث كانت تمنع المرأة وقتها من العمل.
اليوم، وبعد مرور ما يزيد على نصف قرن على الفيلم الذي قامت ببطولته الفنانتان سعاد حسني ونادية لطفي، هل هناك وظائف ما زالت حكراً على الرجال فى مصر؟
لا يمكن تقديم إجابة حاسمة على هذا السؤال، فرغم حدوث تطور كبير لمصلحة المرأة المصرية في مجال الأعمال، لا تزال هناك عوائق كثيرة تقف دون تمكينها بسبب الموروث الديني والاجتماعي.
ففي الوقت الذي ما زالت المرأة ممنوعة من العمل في القضاء (عدا المحاكم الدستورية والإدارية) أو في تولي منصب "قسيسة" أو محافظ، نجحت نساء كثيرات في تحدي المجتمع والعمل في مهن ارتبطت بالرجال. رصيف22 يذهب إلى لقاء أربع سيدات رائدات كسرن حاجز مهن كانت حكراً على الرجال.
أول قبطانة مصرية: الأفكار الذكورية تسيطر على مجتمعنا
"صعوبات عديدة واجهتنى على الصعيدين العلمي والمجتمعي لكي أحقق حلمي في الالتحاق بمجال العمل البحري، نظراً للأفكار الذكورية التي تُسيطر على المجتمع ويصعب التخلص منها بسهولة" قالت الكابتن مروة السلحدار، أول قبطانة بحرية مصرية (ضابط بحري). تروي السلحدار قصة التحاقها بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إحدى المنظمات التعليمية التابعة لجامعة الدول العربية، قائلة: “كنت أول فتاة مصرية تلتحق بقسم النقل البحري وحاولوا هناك إيجاد أية ثغرة تحول دول قبولي، إلا أن القانون كفل لي هذ الحق”. وتضيف: “والدي أيضاً، ذو الجذور الصعيدية، كان يرفض قراري ويتحفظ عليه لأن حياتي أنتقلت بالكامل للإسكندرية، لكنني تمكنت عبر محاورته من دفعه لتقبل الأمر ولو على استحياء”. وتابعت: "أكبر التحديات كان في تأقلم زملائي الذكور مع فكرة وجودي بينهم ومشاركتهم في كل التدربيات التي ربما تبدو حكراً على الذكور، لكنهم تقبلوا الأمر لما ذكرتهم بأنني ربما أكون مثل شقيقاتهم اللاتي شاركنهم اللعب في الصغر". تتحدث السلحدار عن تسرب الشعور بالخوف إليها عندما بدأت ممارسة العمل في عرض البحر، ولكنها تجاوزته بمضاعفة ساعات العمل حتى تكتسب مهارات جديدة وتقول: "كنت أعمل 12 ساعة في اليوم بدلاً من 8 وتعمدت تعلم أشياء كثيرة حتى لا أخشى شيئاً". أكدت السلحدار لـرصيف22 على هامش ندوة لها استضافتها مكتبة الإسكندرية ضمن فعاليات الدورة الثانية عشر لمعرضها الدولي للكتاب، أن العمل في المجال البحري مدها بتجارب إنسانية ومهنية عديدة خاصة عندما كُلل مجهودها بالمشاركة في قيادة اليخت الملكي "المحروسة" خلال افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة. وعن أسعد لحظات حياتها قالت: "عندما قال لي والدي يوم تخرجي أنه فخور بي، تلك هي أسعد لحظة عشتها فى حياتي". التحقت السلحدار أخيراً بأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية لتدرس العلوم السياسية، حتى يتسنى لها استيعاب وفهم المتغيرات التي يشهدها الشأن السياسي. وترى أول قبطانة مصرية أن المجال البحري بدأ يتقبل نسبياً انخراط النساء فيه، مختتمةً حديثها بالتأكيد على قدرة المرأة فى إحراز دور قوي في المجتمع متمنيةً أن تراها يوماً ما رئيسة للجمهورية.إيفا هابيل، أول امرأة مصرية تتولى منصب عمدة في الصعيد
ومن الإسكندرية شمالي مصر إلى الصعيد في الجنوب، وتحديداً في إحدى قرى محافظة أسيوط التي تبعد عن القاهرة نحو 375 كيلومتراً، حيث ارتبط إسم العمدة بالنفوذ والقوة والرجولة، قبل أن تنجح إيفا هابيل في تغيير ذلك عندما أصبحت فى عام 2008 أول امرأة مصرية تتولى منصب العمدة. هابيل الحاصلة على ليسانس حقوق نافست ستة رجال على منصب عمدة قرية "كمبوها" ليصبح المنصب في النهاية من نصيبها، ثم تسير على خطى جدها ووالدها الذي كان عمدة للقرية نفسها قبل وفاته عام 2002، وتسيّر شؤون رجال ونساء قرية يزيد تعداد سكانها على 13 ألفاً. كيف تصبح امرأة عمدة لقرية صعيدية ينتشر فيها الثأر والسلاح؟ سؤال طرحناه على العمدة إيفا هابيل لترد قائلة إن العمدة لا يشترط فيه أن يكون قاسياً وذا "شنب" ليحكم ويأمر: “لا تصدقوا ما يعرض على شاشة التلفزيون والسينما عن الصعيد والعمدة، فقريتنا لا تعرف الثأر أو السلاح”. وتصف إيفا دور العمدة بدور رب الأسرة، يحتاج فقط إلى شخص يستطيع القيادة سواء كان رجلاً أو امرأة، معتبرةً أن “المرأة كائن أرضي وليست من كوكب آخر، تستطيع أن تصبح وزيرة داخلية وقائدة جيش إذا أرادت وآمنت بذلك. أقول لكل امرأة أنت كيان كامل ومستقل ولست ناقصةً عقلاً أو ديناً كما يروجون". لا تحابي الوجوه ولا تهاب إلا الله، عملها هو الرقم 1 في حياتها، والأمانة، ضروريات يجب توافرها في أي امرأة تريد أن تصبح عمدة بحسب هابيل، التي أشارت إلى أنها استفادت من تجربة والدها في منصب العمدة، بالإضافة لعلاقتها الجيدة والوطيدة بأهل قريتها، والتفرغ لكونها غير متزوجة. وتابعت: "أفضل صحبة الرجال على صحبة النساء فـ99% منهم أصدقائي وساعدوني خلال تقلدي منصب العمدة قبل أن أتركه عام 2010 بعد تعيني عضواً فى مجلس الشورى قبل ثورة 25 يناير، إذ يمنع القانون الجمع بين منصبين". ورداً على علاقتها بأهالي القرية من المسلمين وتقبلهم لها كونها مسيحية، أوضحت أن كمبوها قرية ذات أغلبية مسيحية ورغم ذلك تربطها علاقات وطيدة بالمسلمين من أهالي قريتها، مشيرة، إلى أنها قامت بمساعدتهم فى بناء مسجد، وما زالوا يستشيرونها في كل تفاصيل حياتهم ويطالبونها بالترشح لمنصب العمدة مرة أخرى".أول مأذونة شرعية في العالم العربى: اتُهِمت بمخالفة شرع الله
"أنت تخالفين شرع الله"، بهذه الكلمات رد رئيس القلم الشرعي في محكمة مدينة القنايات على "أمل سليمان" الحاصلة على ماجستير في الحقوق رافضاً استلام أوراق ترشحها لوظيفة المأذون الشرعي في المدينة، قبل أن يتراجع عن موقفه بعد تدخل رئيس المحكمة. وفازت حينها سليمان بالمنصب كأول سيدة في العالم العربي، بعد منافسة مع 11 رجلاً. القنايات إحدى مدن محافظة الشرقية، ويبلغ عدد سكانها حوالي 75 ألفاً، بينهم 10 بالمئة أميون لا يجيدون القراءة والكتابة، وتشتهر بالزراعة وتبعد عن الزقازيق عاصمة المحافظة حوالي ستة كيلومترات. ورغم الحرب التى تعرضت لها سليمان فى بداية عملها لكونها امرأة في وظيفة لا تليق إلا بالرجال بحسب نظرة المجتمع المصري، فإنها انخرطت رويداً رويداً في مهنتها لتنجح فى إتمام ما يقرب من 2500 عقد قران لشباب وفتيات مدينتها منذ عام 2008، فضلاً عن حالات الطلاق التي تزيد على 15 حالة في العام الواحد. وتدين سليمان بالفضل في نجاحها لزوجها الذى يعمل موظفاً بهيئة الاستثمار، قائلة: "زوجى هو الذي شجعني علي الترشح للوظيفة، لذلك أحاول جاهدة ألا يحول عملي دون رعايتي لعائلتي"، مؤكدةً أن عملها يعود على أسرتها بدخل جيد. وتتذكر أول قران عقدته لصحفيين بجريدة عيون الشرقية هما "داليا وأحمد" واصفة أياه بأنه كان يوماً حافلاً حضره عدد كبير من وسائل الإعلام، وهو ما ساهم فى شهرتها لتصبح حديث الشارع المصري بعد أن كسرت الصورة النمطية للمأذون الشرعي الذى يشتهر بالعمة والقفطان. ولم تنس سليمان المواقف الغريبة التى تعرضت لها خلال عملها ويتعلق معظمها بمشادات بين أهل العروسين على قيمة المؤخر أو تأخر العريس عن موعده قائلة: "خلال أحداث ثورة 25 يناير عام 2011 ذهبت لعقد قران لأحد أبناء المدينة ففوجئت بأنه تم احتجاز العريس بمدينة الزقازيق بسبب حظر التجول الذي فرضته السلطات حينها، وبسبب ارتباط العريس بموعد سفر خارج البلاد اضطررت لانتظاره وعقدت قرانه في الساعة الثالثة صباحاً". في عام 2011 عرضت قصة سليمان في مسلسل كوميدي هو "نونة المأذونة"، أدت بطولته الفنانة حنان ترك. برأي سليمان: "المسلسل كان سطحياً وفيه تطاول على عمل المرأة مأذونة. وفكرت وقتها فى إقامة دعوى قضائية ضد القائمين عليه إلا أنني تراجعت حتى لا اتهم بالسعي للشهرة". وحول المواصفات التى يجب توافرها فى المرأة لشغل وظيفة المأذون، أكدت أمل لـرصيف 22 ضرورة أن تكون ذات شخصية قوية ومحبوبة، إلا أن الأهم أن تكون فطنة في المواقف الصعبة التي ستتعرض لها خلال عملها. ماذا تفعلين إذا تم دعوتك لعقد القران فى المسجد؟ قالت: “لا يوجد مانع ديني من دخول المرأة المسجد حتى لو كانت حائضاً، ولكنني أفضل عقد القران في منزل العروس أو في دار مناسبات ثم أترك إشهار العقد لإمام المسجد والرجال".أول سيدة تتزعم حزبًا سياسيًا في مصر: لا علاقة لديني باستقالتي
منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، ما زالت الساحة السياسية فى مصر تشهد أحداثاً حافلة. ومن بين المواقف التي قد لا يستطيع المواطن المصري نسيانها، فوز الدكتورة هالة شكر الله بمنصب زعيم حزب الدستور، لتكون بذلك أول سيدة تترأس حزباً سياسياً في مصر، قبل أن تتقدم باستقالتها فى أكتوبر العام الماضى. حزب الدستور هو حزب ليبرالي مصري أسس عام 2012 بقيادة الدكتور محمد البرادعي، المدير الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكان جزءًا من جبهة الإنقاذ المعارضة للرئيس المعزول محمد مرسي وأيد عزله في يوليو 2013. وقادت شكر الله، 60 عاماً، الحزب نحو 20 شهراً من مقعد مؤسسه الحاصل على جائزة نوبل للسلام، والذي استقال من منصبه كزعيم له عندما أصبح نائباً لرئيس الجمهورية قبل أن يترك البلاد لاحقاً عقب فض قوات الأمن اعتصامي منطقتي رابعة العدوية والنهضة. وتقول شكر الله عن تلك الفترة: "توليت قيادة الحزب الذي يعد من أكبر الأحزاب المصرية بعد الثورة في فترة ملأى بالتحديات، وأعتقد أن انتخابي كان جزءاً من التغيير الذي أراده الشباب في ذلك الوقت". ورغم تجربتها غير المسبوقة، انتقدت ما وصفته بالنظرة الدونية والتهميش اللذين تعاني منهما المرأة المصرية، مشيرةً إلى أن المجتمع ما زال يرى المرأة كائناً أدنى لا يستطيع أن يقود أو يتحمل المسؤولية ويتم حصارها في المشكلات الأسرية فقط، وهو ما دعت للتغلب عليه من خلال تخصيص كوتة للمرأة في جميع المناصب القيادية. ولم تنكر شكر الله أن رئاستها لحزب الدستور قد غيرت الصورة الذهنية السلبية للمجتمع عن المرأة، وتركت أثراً طيباً للسيدات وشجعتهم على كسر الحواجز وتحقيق أحلامهم بشرط أن توافر الكفاءة اللازمة لتوليهن المناصب القيادية والتعامل بندية مع الرجال. وأخيرا تبقى سجلات التاريخ مفتوحة لتدون أسماء مصريات أخريات قد يحطمن الحواجز وقيود المجتمع وينجحن في تقلد مناصب ووظائف جديدة، إلى جانب نخبة من الرائدات أمثال لطيفة النادي أول طيارة مصرية، وحكمت أبو زيد أول وزيرة مصرية، وعائشة راتب أول سفيرة مصرية، وراوية عطية أول ضابطة في الجيش المصري، وسميرة موسى أول عالمة ذرة مصرية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع