كان معتاداً لسنوات طويلة رؤية نساء نحيفات فى عروض الأزياء وعلى أغلفة المجلات والإعلانات. لكن، منذ فترة، أصبحت رؤية عروض أزياء لنساء بدينات تتخطى أوزانهن أحياناً الـ100 كيلوجرام، ووجودهن على أغلفة مجلات الموضة والأزياء وانتشار صناعة ملابس الخاصة بهن أمراً مألوفاً.
بدأ الأمر بثورة من بعض النساء على معايير الجمال، وتبعتهن آلاف النساء في البرازيل وألمانيا وبريطانيا وأمريكا. وبات عادياً رؤية نساء زائدات الوزن يضعن صورهن بكل أنواع الملابس، وفخورات بأجسادهن على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن هل امتد هذا التغيير وكسر قواعد الموضة إلى عالمنا العربي؟
كانت المرأة الممتلئة القوام عند العرب قديماً مثال الجمال، وتغزل بها الشعراء. لكن في العصر الحديث ومع تغير معايير الجمال، أصبحت المرأة النحيفة مثال الجمال. وعانت المرأة البدينة من التمييز بسبب وزنها، ودخلت في متاهات الحميات الغذائية وأدوية التنحيف وارتداء المشدات، لتفادي نظرات المجتمع لها، ولتشعر ببعض الرضا عن نفسها، مقابل غزو النحافة الذي تروج له وسائل الإعلام. وتواجه المرأة الممتلئة أو البدينة في العالم العربي أنواعاً مختلفة من التعذيب، بدءاً من صعوبة إيجاد ملابس مناسبة لمقاسها، وصولاً إلى سخرية الناس والتعليقات الدائمة على وزنها، وصولاً إلى تهديدها باستحالة إيجاد شريك لحياتها بسبب وزنها الزائد.
لكن عام 2013، ظهر تغير بسيط، ونظمت أول مسابقة جمال للبدينات في لبنان، بمبادرة من محطة ال بي سي. فأعلنت عن مسابقة ملكة جمال البدينات العرب، التي تشبه شروطها مسابقات ملكات الجمال، لكن الوزن يبدأ من 70 كيلوجراماً إلى 150. تحمست نساء كثيرات للاشتراك في المسابقة، وقبلت 14 فتاة وسيدة بدينة من مختلف الجنسيات العربية، كلهن يملكن هدف إيصال رسالة للمجتمع بحق المرأة البدينة في الحياة، وعدم تمييزها بسبب وزنها. وتوجت اللبنانية إيليانا نعمة ملكة جمال بدينات العرب للمرة الأولى.
تبلغ إيليانا 21 سنة من العمر، وزنها 110 كيلوجرامات وطولها 170 سم. تقول إيليانا إن هدفها من المشاركة هو إيصال رسالة للمجتمع بأنها بدينة، وإنها تتمتع بحب الحياة، ولها الحق في ارتداء ما تريد، ولا شيء يميزها عن أي امرأة. وتضيف أن أسخف موقف تمر به فى كل مرة تذهب لشراء ملابس، هو عدم إيجاد ملابس على مقاسها. وتقول: "لا بد أن يعي صناع الملابس وجود نساء بدينات أيضاً من حقهن ارتداء ملابس أنيقة وعصرية".
أقيمت المسابقة مرة أخرى عام 2014، لكنها كانت أكثر احترافية ونضجاً، وتوجت اللبنانية جيسيكا صهيون (24 عاماً) باللقب. يصل وزن جيسيكا إلى 88 كيلوجراماً وطولها 159 سم. وحين سُئلت أثناء المسابقة عما يتردد عن أن المراة البدينة لا تستطيع الرقص أو ممارسة الرياضة، قالت إن البدانة ليست دليل كسل وعدم القدرة على فعل أي نشاط، هناك نساء بدينات كثيرات يمارسن الرياضة للحفاظ على صحتهن، وليس بغرض إنقاص الوزن.
وتوضح أن هدفها من المشاركة في المسابقة كان تعريف المرأة البدينة أن عليها النضال لاكتساب حقها في الحياة بالشكل الذي تريده، وعدم الاستسلام لمضايقات المجتمع. واشتكت جيسيكا أيضاً من عدم وجود ملابس تليق بمقاسها. لكنها أضافت: "أشد المواقف فجاجة هو تعرضي للسخرية من البعض عند ارتدائي لباس البحر، كوني بدينة، لكنني تعودت تلك السخافات، وما عادت تزعجني بل تضحكني أحياناً، فهؤلاء لا يتمتعون بالبصيرة لتقبل الآخر".
عام 2015 أقيمت المسابقة للمرة الثالثة، وتوجت اللبنانية سيرينا الشعار (23 عاماً)، والتي يصل وزنها إلى 100 كيلو جرام، وطولها 160 سم.
تؤكد سيرينا أن رسالتها من المشاركة في المسابقة، هي مساعدة الأطفال في المدارس الذين يعانون من البدانة، ويتعرضون لمضايقات، لتخطي تلك التعليقات السلبية، والنظر إلى أجسادهم بطريقة إيجابية. وتقول إنها كانت تعاني من تلك المضايقات حين كانت طفلة.
بعد تتويجها ملكة جمال البدينات، ظهرت سيرينا في برنامج من دون أي مكياج وبشكل طبيعي على غير المعتاد من ملكات الجمال. وقالت إنها فخورة بفوزها باللقب، وتهديه إلى كل من حاول إحباطها والتقليل من قدرها كونها بدينة.
تجربة ميس بكبوزة في مصر
كان لمصر نصيب أيضاً من ذلك الانقلاب على معايير الجمال، وإن كانت انتصارات صغيرة حتى الآن. فكانت تجربة مسابقة ميس بكبوزة، التي أطلقتها مصممة الأزياء مروة السعيد التي طالما حاربت من أجل حقوق النساء البدينات في مصر. تقول مروة إن فكرة المسابقة جاءتها حين كانت تشاهد مسابقات ملكات الجمال، وأرادت أن تفعل شيئاً مماثلاً للنساء اللواتي لا يملكن المعايير الجمالية نفسها التي تروج لها تلك المسابقات. وتضيف أن الشرط الأساسي للاشتراك في المسابقة، هو الوزن الزائد. ويبدأ من 85 كيلو جراماً إلى 120، بجانب الشروط الأساسية لمسابقات الجمال، مثل الحضور والثقافة وامتلاك المشتركة لأي موهبة. توجت يمنى ابراهيم ملكة جمال "البكبوزات" لعام 2014. يمنى (21 عاماً)، يصل وزنها إلى 110 كيلوجراماً وطولها 170 سم، وتم قبولها في المسابقة من بين ألف مشاركة، حتى وصلت إلى التصفيات وفازت. تقول يمنى لرصيف22 إنها لطالما أحبت شكلها وجسمها، ولا تجد أي فرق بينها وبين أي فتاة نحيفة. فمنذ 4 سنوات، وقبل اشتراكها في المسابقة، بدأت رحلة حبها لذاتها واعتزازها بجسدها، وكانت محظوظة بدعم عائلتها وأصدقائها لها، وهم من شجعوها للاشتراك في تلك المسابقة. وكغيرها من النساء البدينات تعرضت لمضايقات، لكنها لم تؤثر فيها. أما أكبر المشاكل التي تواجهها كفتاة بدينة، فأجابت: "بالطبع مشكلة المقاسات". وتضيف: "لماذا يريدون أن يفرضوا على البدينات ملابس واسعة وفضفاضة". فهي ترى أن الفتاة البدينة يجب أن ترتدي أجمل الثياب، ولا تختفي خلف ملابس واسعة، وأنه على صناع الموضة والأزياء أن يعوا هذا الأمر. وبسؤال يمنى هل تستطيع ارتداء مايوه؟ أجابت ضاحكة: "وبكيني كمان، من حق أي فتاة ارتداء ما تريد نحيفة كانت أو بدينة، وعليها أن لا تلتفت لسخافات المجتمع". فهي ترى أن الفتاة إذا كانت واثقة من نفسها، تجبر الناس على احترام رغبتها وحريتها في ارتداء أي شيء مهما كان وزنها. تتمنى يمنى أن تجد اهتماماً بالنساء البدينات في مصر مثل أوروبا، وتحلم أن تدخل صناعة موضة (البلس سايز) إلى مصر، التي تُعد، وفقاً لحدثيها، سوقاً واعدة يبحث عن مستثمر واع يضخ أموالاً فيه. فهل يأتي يوم نجد في العالم العربي اهتماماً بالنساء البدينات؟ وإشراكهن في عالم الموضة والأزياء؟ وهل يأتي يوم ونجد نساء بدينات على أغلفة مجلاتنا العربية وفي الإعلانات؟ دعونا ننتظر لنرى.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع