اللحظة التي نجح فيها طلاب الجامعة الأردنية، يوم الخميس 17 مارس، بالوصول إلى اتفاق مع إدارة الجامعة لتخفيض الأقساط الجامعية، بعد بضعة أسابيع من الإضراب والاحتجاج، لحظة تعني كثيراً للشباب الأردنيين بشكل خاص، والعرب بشكل عام. فالانتصارات الشبابية العربية ضد المظلومية، حتى ولو كانت انتصارات صغيرة، يمكن أن ترفع قليلاً المعنويات لدى جيل كاد يفقد الأمل.
ليست هذه المرة الأولى التي تطالب فيها شعوب المنطقة، والشعب الأردني بشكل خاص، بحقٍّ وينالونه. وعلى الرغم من اليأس المسيطر على شعور الناس تجاه حكوماتهم، وقدرتها على التغيير، فقد نجحوا في خضم ثوراتهم، في إلغاء بعض القرارات الظالمة أو تغييرها. إليكم قصة الجامعة الأردنية وغيرها من قصص نجاحات الاحتجاجات في العالم العربي.
لا لبرجوازية التعليم
اعتصم الآلاف من طلاب الجامعة الأردنية، قبل نحو 19 يوماً، معترضين على قرار رفع الرسوم الجامعية، الذي صدر عام 2014، وتمّ تنفيذه بشكل تدريجي، حتى ارتفعت نسبة الزيادة في الرسوم خلال عامين من 30 إلى 220%. الأمر الذي أثار غضب الشريحة الأكبر من الطلاب، معتبرين أن هذه الزيادة هي تخصيص واضح للتعليم لصالح الأغنياء فقط. بعد أسابيع من الإضراب في الحرم الجامعي، في احتجاج يدعو إلى اسقاط القرار بعنوان "لا لبرجوازية التعليم"، توصل اتحاد الطلاب، المنظم للاحتجاج، إلى اتفاق مشروط مع إدارة الجامعة. ينص الاتفاق على البدء بتخفيض نسب رفع الرسوم بشكل تدريجي، إلى نحو 50%. الأمر الذي اعتبره الكثيرون انتصاراً ساحقاً للحركة الطلابية في البلاد وللمرة الأولى. وعلى الرغم من أن مسؤولين من الجامعة صرحوا لبضع وسائل إعلامية عن خسارة ستتكبدها الجامعة تصل إلى 10 ملايين دينار في هذا الاتفاق، فقد كان لا بد لها من إنهاء الاعتصام.إلغاء قانون الخدمة المدنية في مصر
في مارس 2015، صدرت بعض القوانين المصرية عن القصر الرئاسي قبل الانتخابات البرلمانية، وحين عرضت هذه القرارات على المجلس البرلماني بعد انتخابه، كان من ضمنها قانون الخدمة المدنية الجديد. يتعلق هذا القانون بجميع العاملين في مؤسسات الدولة، أو في النقابات المهنية، وبحقوقهم وواجباتهم. لكن التعديلات التي فرضتها الحكومة المصرية على هذا القانون لم تعجب آلافاً من الموظفين، ما دفعهم إلى الاحتجاج مطالبين بإلغائه والعودة إلى العمل بالقانون المسبق، أو على الأقل طرح تعديلات جديدة تناسب الموظفين. من المشكلات الرئيسية التي عبر عنها المحتجون، تفاوت الفرص وإخفاء العدالة بين الموظفين. فالكثير من القطاعات والدوائر الحكومية تحصل على تجهيزات أفضل، لأنها في القاهرة مثلاً، بينما يعاني موظفو القطاع نفسه في محافظات نائية، من رداءة التجهيزات. بالإضافة إلى تفاوت الأجور، ومشاكل طبيعة العمل، التي لم يسع القانون إلى حلها بل فاقمها. بعد نحو 6 أشهر من الاحتجاجات، وتظاهر النقابات العمالية الحكومية والموظفين، رفض المجلس النيابي المصري القانون، ما أدى إلى إلغائه في يناير الماضي.إنشاء نقابة معلمين في الأردن
في 21 مارس 2011، بدأ العاملون في قطاع التربية الأردنية إضراباً مفتوحاً، وسط سلسلة من الاحتجاجات، التي كانت تجتاح البلاد متأثرة بالثورات العربية الأخرى. كان المطلب الرئيسي للمعلمين المعتصمين هو الموافقة على إنشاء نقابة للمعلمين، إذ لم تجمع المعلمين الأردنيين نقابة مهنية تحمي حقوقهم وتدافع عنهم قبل ذلك الاحتجاج. وقد أدى اعتصام المعلمين، الذين كانوا يدعون إلى وقف الحركة التعليمية حتى تنفيذ مطلبهم، إلى شل حركة الدائرة التربوية في الأردن بشكل كامل، خصوصاً بعد أن شارك الكثير من أولياء أمور الطلاب في الاحتجاج، ولم يرسلوا أولادهم إلى المدارس استجابةً إلى دعوات المعلمين. أدى ذلك إلى نتيجة سريعة بعد 4 أيام من الاعتصام، فأقر مجلس الوزراء إنشاء نقابة خاصة للمعلمين.الأمازيغية في الجزائر والمغرب
منذ أن بدأ ما بات يعرف بالربيع الأمازيغي في منطقة القبائل الجزائرية عام 1980، ناضلت الحركات الأمازيغية للحصول على حقوقها كمكون إثني مستقل من المجتمع الجزائري، لا يقل أهمية عن العروبة والإسلام. فسعت إلى المحافظة على الإرث الأمازيغي وتقويته من خلال العديد من حركات الاحتجاج والتظاهرات على مر سنوات طويلة. عام 2002 حصلت الحركات الأمازيغية على قرار من الحكومة، يقر باللغة الأمازيغية لغةً وطنية، وتخصيص بعض وسائل الإعلام المحلية لها. لكن ذلك لم يكن كافياً، وظلت حركات الاحتجاج سارية، حتى أعلنت الأمازيغية في مشروع الدستور الجزائري الجديد لغة رسمية في الدولة في 5 يناير 2016. وبطريقة مشابهة، بعد انطلاق الاحتجاجات المغربية عام 2011، تأثراً بالثورات التي اجتاحت المنطقة، شارك الأمازيغ في تلك الاحتجاجات، مطالبين بالاعتراف بهم، والمحافظة على ثقافتهم أيضاً، ونجحوا في الحصول على القرار نفسه في جعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية في الدستور المغربي الجديد، الذي صدر نتيجة للاحتجاجات نفسها. ويشتهر أمازيغ المغرب بتاريخ طويل من النضال للحفاظ على حقوقهم، وما زالوا ينظمون الاعتصامات والتظاهرات حتى اليوم. فالحقوق التي حصلوا عليها في الدستور تعتبر جيدة، إلا أنها لم تفعّل بالشكل الصحيح بعد.حرية الضمير في الدستور التونسي
الفترة التي استغرقتها صياغة الدستور التونسي الجديد عام 2014، كانت ملأى بالمشاحنات وحتى الصراعات بين فريقين رئيسيين في البلاد. يحاول الفريق الأول الحفاظ على الطابع الإسلامي للدستور، وعلى الإسلام كدين الدولة، بينما يحاول الفريق الثاني تجديد الطابع الدستوري، بما يتيح لتونس أن تكون دولة مدنية تحفظ الحريات والكرامات لمواطنيها بعد الثورة، مهما كانت انتماءاتهم المذهبية أو الإثنية. بعد أشهر طويلة من الاحتجاجات، نجح الفريق الثاني في صوغ الفصل السادس من الدستور، الذي يقضي بأن "الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي". وتعتبر كفالة المعتقد والضمير من أهم ما توصل إليه المحتجون، لأنها تكفل للمواطن التونسي حرية التفكير والاعتقاد والانتماء إلى المنظومة الأخلاقية والفكرية التي يختارها. وكان ذلك بموافقة 149 عضواً في المجلس الوطني التأسيسي التونسي من أصل 185 في يناير 2014.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين