شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
هل يأتي يوم نرى فيه لاجئي أوروبا موصومين كاليهود في أربعينيات القرن الماضي؟

هل يأتي يوم نرى فيه لاجئي أوروبا موصومين كاليهود في أربعينيات القرن الماضي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 20 نوفمبر 201606:53 م

مع التدفق الهائل  للمهاجرين، طالبي اللجوء إلى دول أوروبا، خصوصاً عام 2015، الذي وصل فيه نحو مليون و800 ألف مهاجر إلى الدول الأوروبية، حسب منظمة أطباء بلا حدود، ما جعل ذاك العام عام "أزمة اللجوء"، بدأت السياسات الأوروبية تجاه اللاجئين تتفاوت بين دولة وأخرى.

باتت الحكومات الأوروبية تشعر بسخونة الأزمة وتبعاتها، ولم يمض وقت طويل بعد ازدحام معابرها بهذا الشكل، حتى أخذت قصص اللاجئين تتصدّر وسائل الإعلام. الخوف الأوروبي من الأسلمة بات واضحاً ومفهوماً. وهذا ما جعل وسائل الإعلام تعوم ببعض الممارسات المتطرفة في حق اللاجئين، ومحاولات وصمهم، وعدم توطينهم، منعاً لـ"أسلمة أوروبا"، فهل يأتي يوم نرى فيه اللاجئين يرتدون الشارات الصفراء في العواصم الأوروبية؟

منذ القرن الثالث عشر، أجبر اليهود في ألمانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى، على وضع شارات على ملابسهم، لتفريقهم عن بقية أطياف الشعب الألماني. وبعد أن حررت الثورة الفرنسية يهود أوروبا، وخلعت عنهم وصمتهم، استأنف الحكم النازي العمل في هذا الحكم بعد هيمنته على البلاد. فمنذ عام 1938 عاد اليهود لارتداء شارات صفراء تحمل نجمة داوود في وسطها.

قد تعدّ الحوادث التي وقعت حتى الآن مؤشرات في الدول الأوروبية غير كافية لطرح فرضية مماثلة، إلا أن الممارسات التمييزية في حق اللاجئين بدأت تظهر إلى الواجهة، ولو على نطاق ضيق. إليكم بعض الحوادث التي  وقعت في الدول الأوروبية وتبدو، بشكل أو بآخر, وصمة للاجئين.

الأبواب الحمراء

قبل أيام نشر موقع Daily mail تحقيقاً عن الطلاء الأحمر على أبواب اللاجئين في مدينة Middlesbrough البريطانية، فحواه أن بيوت اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مطلية أبوابها باللون الأحمر، ما يجعلهم عرضة لشتى أنواع التمييز العنصري. كما يعرضهم يومياً للكثير من المواقف من نوع: "ارحلوا عن أرضنا"، وغيرها من الجمل التي ترسم على حيطان بيوتهم، أو تقال لهم بشكل مباشر.

يعود طلاء البيوت بالأحمر إلى نحو 4 سنوات، وتدافع الشركة البريطانية المسؤولة عن توزيع اللاجئين على البيوت عن نفسها، بقولها إنه ليس للأمر علاقة باللاجئين أو تمييزهم، لكنها تملك صفقة كبيرة من الطلاء من هذا اللون جعلتها تتخلص منه بهذه الطريقة. لكن هذه الحجة لم تبد قوية بالشكل الكافي، فضجت وسائل الإعلام باتهامات التحريض الواضح ضد اللاجئين، وتمييزهم بطريقة تجعلهم فريسة سهلة للممارسات العنصرية.

جواهر اللاجئين وآيفوناتهم 

في 26 يناير الجاري، أصدرت الدانمارك تعديلاً على قرار الهجرة يهدف إلى ردع اللاجئين عن القدوم إليها، من خلال مصادرة الحكومة لممتلكات اللاجئين الخاصة كمجوهراتهم وهواتفهم وغيرها. وفي هذا السياق تحدثت وزيرة الهجرة الدانماركية عن قيام القوات الأمنية الحدودية بتفتيش حقائب اللاجئين الوافدين، لمصادرة المجوهرات والحواسيب والهواتف النقالة التي في حوزتهم، لبيعها في المزاد العلني، وتغطية نفقاتهم. وفي حال كان في حوزتهم أكثر من 1400 دولار أمريكي سيسلمونها أيضاً للسلطات.

أما سويسرا فقد بدأت مطلع الشهر الماضي بمصادرة ما هو أقل من ذلك المبلغ، فإذا اقتنى اللاجئ أكثر من 990 دولاراً أمريكياً، تقوم بمصادرة بقية المبلغ. وهذا ما أثار غضب واستنكار بعض الدانماركيين أنفسهم، معتبرين أن هذه الخطوة هي قلة احترام حقيقية للناس، الذين عبروا البحر في سبيل حياة أفضل، فكيف تهان كرامتهم بهذا الشكل؟ لكن الحكومة الدانماركية دافعت عن نفسها معتبرة أنه قرار عادل وقد أسيىء فهمه من قبل المهاجمين له، وأنها ستعوض على اللاجئين من الممتلكات التي سلموها لنفقات عيشهم، ما يضمن لها أنهم لاجئون حقيقيون وليسوا أصحاب مال.

صحيفة Washington post الأميركية شبهت الأمر في مقال لها، بما كان يحدث لليهود الذين سلبت ممتلكاتهم في الحرب العالمية الثانية. وللمرة الثانية تقارب قضية اليهود في ظل النازية، قضية اللاجئين في أوروبا.

قام رصيف22 بجولة لاستطلاع آراء بعض اللاجئين في دول اللجوء الأخرى، كألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، عما إذا كانوا يعتقدون أنهم مطبوعون بوصمة لاجئ أو لا. في ألمانيا، بلد اللجوء الكبير، حيث النسبة الأعلى وهي 49%،  تفاوتت الأجوبة بين متهم للحكومة بالتمييز والعكس. يقول أحد اللاجئين: "لون وثيقة السفر، التي تعد جواز سفر للاجئ، مختلف عن لون جواز السفر للمواطن الألماني، لكن هذا طبيعي، فإقامة الطالب مثلاً تختلف عن إقامة العامل، حتى ولو لم يكن لاجئاً، وليس في الأمر تمييز".  بينما يعتقد آخر أن في الأمر بداية تمييزية واضحة ضد اللاجئين.

شاب السوري يسكن في فرنسا قال: "عدا الأوراق الرسمية، لا يوجد أي مظاهر تمييز هنا"، معتبراً هو الآخر أن "الأوراق الرسمية تختلف بشكل طبيعي لا بقصد التمييز". ويقول لاجئ سوري في إسبانيا إن "حركة اليمين تزداد هنا، وهناك العديد من المؤشرات إلى ممارسات عنصرية، لكننا لم نصل بعد إلى مرحلة الأبواب الحمراء".

الأخبار المتضاربة من الدول الأوروبية، وحديث الشوارع ووسائل التواصل الاجتماعي الهائل عن الأمر، يدعوان إلى التفكير. فلا شك أن الأمور تفاقمت اليوم بالنسبة إلى الدول الأوروبية وهي آيلة للتفاقم أكثر، لذا تعيد هذه الدول حساباتها. مع الحديث الجديد عن إعادة تقييم السويد للاجئيها، وترحيل الكثير منهم حتى بعد أن وصلوا إلى أراضيها، والإقامة المؤقتة بدل الدائمة، وإغلاق النمسا لحدودها، لا بد أن الحكومات الأوروبية أدركت خطأها في سياساتها مع اللاجئين، وحان وقت إصلاحه، فهل تصلحه بوصمهم؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image