شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هذا الكتاب سيعيدكم إلى سبعينات القرن الماضي الذهبية

هذا الكتاب سيعيدكم إلى سبعينات القرن الماضي الذهبية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

السبت 18 يونيو 201604:54 م

يؤرخ كتاب "كنتُ صبياً في السبعينيات" لمحمود عبد الشكور (الكرمة - 2015)، لعقد التحولات من الحرب إلى السلام. عزلة مصر مع التحولات الاقتصادية والسياسية داخلها. حريات محدودة لم تدم طويلاً، وأكثر من انقلاب فاشل.

كانت دار الكرمة تريد كتاباً يؤرخ لهذه الفترة بشكل مختلف، لا كتاباً في التاريخ أو السياسة أو حتى عن المجتمع، بل يتبنى وجهة نظر الناس. وقد وجدت ضالتها في سيرة الكاتب والناقد السينمائي محمود عبد الشكور، الذي كان إيهاب الملاح رشحه للدار.

انقلاب

يرسم المؤلف صورة مكثفة لحياة أسرة مصرية تتحرك بين العاصمة والصعيد، من خلال استعادة سنوات صباه. يبدأ عبد الشكور هذه الاستعادة من سن الخامسة، لتنعكس آثار المناخ السياسي على حياة هذه الأسرة الصغيرة، وتتلاقى حكايات الفن مع مادة برامج التلفزيون واتجاهات الصحافة.

عبر حكايات الناس وأشكال ملابسهم، وإعلانات المنتجات الوافدة من الخارج بعد سياسات التقشف في الستينيات، يلمس القارئ هذه التحولات مع انخراط كل مشاهير البلاد في الدعاية لمنتجات جديدة على المصريين. يختتم هذا العقد بحملة حسن عابدين للبحث حول العالم عن سر مشروب غازيّ من دون أن يجده.

كتاب كنت صبياً في السبعينياتkonto sabiyan fil 70s

يسمع الكاتب المولود في العام 1965 خبر وفاة جمال عبد الناصر (1918-1970)، لكن الأم تعاملت مع هذا الخبر كأنه أمر لا يصح قوله. بعد ذلك بأربع سنوات سيهمس زوار البيت بتفاصيل محاولة فاشلة لاقتحام الكلية الفنية العسكرية. حين حاول تنظيم إسلامي السيطرة على مدرعات وأسلحة داخل هذه الكلية لتستخدم في قتل أنور السادات (1918-1981). لكن تنظيم الجهاد سيقتله في العام 1981، وذلك في ذكرى النصر.

تكشف سيرة الصبي عوالم الفن والأدب والصحافة والترفيه. لكن أربعة لن يأتي ذكرهم في الصحافة، هم أحمد فؤاد نجم، نجيب سرور، يحيى الطاهر عبد لله، وأمل دنقل. كما دَرَسَ محمود مقالاً في المرحلة الإعدادية بعنوان "أغلال ذهبية" من دون أن يعرف كاتبه. كان الكاتب المحذوف اسمه هو محمد حسنين هيكل، لأنه كان على خلاف مع السادات.

التمسك بميثاق ناصر

تعبّر حكاية بولس مدرس مادة التاريخ للطالب محمود عن ارتباك هذه السنوات. يرفض أستاذ المدرسة الإعدادية أن تقدم فقرة في الإذاعة كتبها الطالب محمود عن نابليون Napoleon لأن الميثاق هاجم القائد الفرنسي.

كتب الميثاق جمال عبد الناصر في العام 1962، معبراً به عن السياسات الخارجية، وحتمية الحل الاشتراكي، وضرورة الوحدة العربية. كان الأستاذ بولس قد قرر أن يتمسك بهذا الميثاق، بينما كل شيء تغير من حوله. كأنه يحمي نفسه من جنون زمانه ويحتمي بزمن يفهمه. كانت الإذاعة المدرسية تقدم في فترة مفاوضات ما قبل عقد معاهدة السلام مع إسرائيل، بينما تعود الأحزاب مرة أخرى.

قبل العام 1977 كانت سياسات السادات تهدف لاستكمال صورة مصر كدولة عصرية أقرب للنموذج الغربي. تصوّر السادات أن التغيير السياسي ممكن إلى جانب سياساته الاقتصادية، من دون أن يكون لذلك تأثير على منصب الرئيس، وذلك بعد 24 عاماً من إعلان الجمهورية، والسير في ركب المعسكر الشرقي وتأسيس كتلة دول عدم الانحياز. لكن مع أحداث 18 و19 يناير 1977 عرفَ السادات أن شعبية حرب أكتوبر 1973 لن تمنع أي تظاهرة ضده.

ولدى زيادة الأسعار، تظاهرت الجماهير ليومين، وقد تعمّد السادات أن يستخدم كلمة "حرامية" لا محتجين. كان يريد أن يقلل من مدى قوة معارضيه، ولإطلاق يد الأمن في البلاد كذلك. كانت الخطة تهدف للتراجع عن محاولات تأسيس الدولة العصرية، ليظل الانفتاح الاقتصادي سارياً مع تضييق سياسي وحماية اتجاه الحكومة للصلح مع إسرائيل. لكن رقص السادات مع الإسلاميين لم يتوقف.

حلم الدولة الإسلامية

يسمحَ الرئيس المصري بصدور مجلة "الدعوة" الإسلامية في العام 1976. يشير الكتاب إلى وجود تحالف سري بين الإسلاميين والسادات ضد قوى اليسار. لكن إغراء الحكم سيتمكن من إسلاميي مصر لتأسيس دولة إسلامية، ثم ازداد هذا الإغراء مع إعلان جمهورية إسلامية في إيران عام 1979، بينما تكون مصر منفى شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي (1919-1980). كما بدأ الشباب المصري بالتوافد على أفغانستان لمحاربة السوفيات.

ستتضح أسباب رقص "الرئيس المؤمن" مع الإسلاميين في العام 1980، حين تعدل المادة الثانية من الدستور المصري لتكون مبادئ الشريعة الإسلامية مصدراً أساسياً للتشريع، وتكون الرئاسة لمدد وليس "مدة واحدة".

تقدم نيللي برامجها الاستعراضية في العام 1975، إذ وظف المخرج فهمي عبد الحميد خدع "الكروما" ليبهر بها جمهور السبعينيات. يواظب متولي الشعراوي، وزير الأوقاف السابق، على تقديم مشروعه اللغوي في تفسير القرآن بشكل يمزج بين الفصحى والعامية. تظهر الراقصة الصاعدة، حينذاك، فيفي عبده في برنامج "النادي الدولي". بعدها يتوقف هذا البرنامج لأن عبده صرحت أنها من قرية "ميت أبو الكوم" (محافظة المنوفية)، فوجدت الرقابة أن ذلك تعرضاً للرئيس السادات، لأنه ينتمي للقرية نفسها، ويراها منبعاً لأخلاق القرية.

يحرص المجتمع المصري على الجمع بين البهجة وحجز مكانه في الجنة. بينما تختتم السبعينيات على أنغام موسيقى هاني شنودة لفرقة المصريين مع كلمات صلاح جاهين، عقب انفصال بليغ حمدي عن وردة، لتعود مع ألحان عبد الوهاب في "حكايتي مع الزمان"، وتحوّل الأزياء نحو ذوق محافظ مع انتشار الحجاب.

تتقاطع سيرة صبا عبد الشكور مع صور معبرة عن السبعينيات، إذ يضم الكتاب الصور وكلمات الأغاني والإعلانات، وكلمات مقدمات البرامج. وقد حرصت دار النشر، في خطوة بدت غريبة على صنّاع الكتاب المصري، على الحصول على حقوق نشر هذه المواد ضمن الكتاب. تتنوع حقوق هذه الصور بين ملكية عامة، وعائلة صلاح جاهين، والأرشيف الوطني الهولندي، وولاية فلوريدا. كما حصلت الكرمة على موافقة من المصوريَن: جو دياز، ودايف جيلبرت، ومؤسسات صحافية مصرية مثل الأخبار والهلال.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image