بعد نومٍ عميق، تستيقظ طهران على ثقافتها وفنها شبه الغائبين أكثر من ثلاثين عاماً، وتكشف للعالم ما لديها من التحف الفنية المخفية لأعوام. يعود متحف طهران للفنون المعاصرة إلى واجهة التبادلات الثقافية مع الغرب، إذ تسافر 60 قطعة فنية نصفها لفناني الغرب ونصفها الآخر للفنانين الإيرانيين، للمرة الأولى إلى برلين، لتعرض في الخريف المقبل، بعد أن وافقت الحكومة الإيرانية على طلب الحكومة الألمانية في أكتوبر الماضي، لنقلها مدة ثلاثة أشهر. كذلك تدرس إمكانية نقل اللوحات نفسها إلى الولايات المتحدة لتعرض عام 2017، في متحف Hirshhorn في واشنطن العاصمة.
فما هو متحف طهران للفنون المعاصرة؟ ولماذا يعد المتحف الإيراني، المتحف الأكبر قيمة فنية في الشرق الأوسط، ومن بين أضخم متاحف العالم وأكثرها غموضاً؟
من فكرة إلى بناء
ضمن الحركة الثقافية الضخمة التي حاول الشاه محمد رضا البهلوي بثّها في المجتمع الإيراني، بالإضافة إلى التطبيع الغربي، وافق على بناء متحف للفن المعاصر في طهران، بطلب من زوجته "فرح ديبا" التي موّلت المشروع بشكل خاص، إذ كانت محبةً للفنون ودرستها في باريس. قام المشروع باتفاق مع قريبها كمران ديبا المهندس المعماري المتخصص في الولايات المتحدة، وهو المصمم الرئيسي للمتحف، والمستورد الأساسي للوحات الغربية من أمريكا. بينما لعبت الامبراطورة الدور الأكبر في شراء لوحات الغرب الأوروبية، التي مالت إلى جمعها أكثر، إلى أن افتتح المتحف عام .1977
لوحات مخفية
9 معارض رئيسية، وساحة مفتوحة لعرض المنحوتات الشهيرة في باحة المتحف. تضم تلك المعارض أشهر الفنانين العالميين، منPicasso إلى Rothko وPollock
لوحة لـAndy Warhol [caption id="attachment_42596" align="alignnone" width="350"] لوحة لـRenoir[/caption]
في تحقيق أجراه أحد مراسلي Bloomberg عن المتحف، يقول كاتب التحقيق إن "هناك كنوزاً في القبو، لن يراها الإيرانيون في حياتهم، على الأقل ليس قبل تغير النظام الحالي". فهناك مثلاً لوحات عارية لـPicasso وEdvard munch، وهناك أيضاً لوحة كبيرة على الكانفاس Canvas لـلفنان الفرنسي Andre Derain تصور نساء عاريات يرقصن فرحاً في الطبيعة، تدعى "Golden age".
متى اشترت إيران كل هذه اللوحات؟
خلال أزمة النفط العالمية عام 1973، هبطت أسعار اللوحات الفنية، وكان اقتصاد إيران جيداً حينذاك، لأنهم كانوا يبيعون النفط، فاستغلت إيران هبوط القيمة المالية للفن مقابل النفط، واشترت الكثير من اللوحات المهمة كلوحة الفنان Paul Gauguin المرسومة عام 1889 والتي تدعى Still Life with Japanese Woodcut، والتي ثمّنت حينها بـ1.4 مليون دولار، وتبلغ قيمتها اليوم 45 مليوناً.
Still Life with Japanese Woodcut
الثورة الإسلامية 1979
عندما قامت ثورة الخميني للإطاحة بالشاه، هرب الكثير من مناصريه خارج البلاد، وكان منهم مدير المتحف آنذاك واسمه مهدي كوسر، الذي هرب مع الكثير من الاختصاصيين الفنيين، حال حدوث الفوضى في طهران، وانتشار الجماعات المسلحة الثائرة، تاركاً قبو المتحف، أي جزءه الأهم لرجل واحد يحرسه. كان اسم الحارس فيروز شابازي، وهو رجل بسيط غير متظلع من الفن، لكنه اعتاد قراءة الكتب التي تصف اللوحات تلك. دخلت الجماعات المسلحة المتحف، وسمح لهم برؤية السرداب تحت الأرض الذي تحفظ فيه اللوحات، ليصدقوا أن شيئاً من إعداد السلاح أو ما شابه لا يحدث في ذلك المكان، فكانت ردة فعلهم السخرية من لوحات بيكاسو. حافظ شابازي على حراسة اللوحات مدة عامين قبل أن يتغير وضع الحرب المشتعلة في البلاد، وبقي حارساً في المكان حتى عام 2013، يحفظ كل اللوحات عن ظهر قلب، وحفظت بفضله 1500 قطعة فنية في القبو، ما عدا لوحة للفنان Andy Warhol يصور فيها الامبراطورة فرح ديبا.
في المدة الأخيرة، بعد تجدد الانفتاح الإيراني على الغرب، تعرض الكثير من الصفقات على الإيرانيين، لبيع اللوحات، إلا أنها ترفض بشكل قاطع من إدارة المتحف الحالية. فالإدارة تعتبر اللوحات الموجودة كنزاً تاريخياً لا يمكن التفريط فيه، بالإضافة إلى أن المتحف بات يجدد الروح الفنية الإيرانية بإتاحته الفرصة للكثير من الفنانين الإيرانيين بعرض لوحاتهم وأعمالهم فيه. وتقدّر القيمة الكاملة للوحات بين 2 و5 مليارات دولار حسب بعض المواقع، بينما يقدرها اختصاصيون فنيون آخرون بقيمة تراوح بين 5 و10 مليارات دولار.
في محاولة لتصفح الموقع الرسمي للمتحف، لم تكن اللغة الإنجليزية متوفرة لزواره، إلا في عناوينه العريضة، فقط الفارسية. إلا أن رسالة يقرؤها المتصفح حال دخوله تقول: "تأتيكم ترجمة الموقع إلى اللغة الإنجليزية قريباً، عاودوا زيارة الموقع بعد فترة". إثباتٌ واضح أن الحركة التبادلية الثقافية في المتحف تتغير شيئاً فشيئاً، بينما يشغل العرب أنفسهم بالاقتتال، تكشف طهران أسرارها وكنوزها المخفية للعالم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع