شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
لماذا يتعلم أطفال غزة الباليه؟

لماذا يتعلم أطفال غزة الباليه؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 7 سبتمبر 201611:00 م

لا تفرق الطفلة  ليان العبد الله، 5 سنوات، بين لعب الباليه ورقصه، فهي تعيد الحركات التي تطلبها منها المدربة تمارا الروسية الأصل، بلكنة عربية مكسّرة، بالكاد تَفهم منها.

"ون تو .. ون شمال.. ون يمين...."، بخفة ورشاقة تتحرك ليان في قاعدة التدريب وزميلاتها الـ15، كالفراشات في زي موحد بلون زهري، وهن يحلقن في الفراغ. تقول: "بحب لعب الباليه". هذه ليست المرة الأولى التي تتعلم فيها ليان الرقص، وقد كان ضمن المواد التي تدربت عليها في روضتها الخاصة في مصر، وحين عادت قبل أشهر عدة، التحقت بالتدريب الثاني الذي يعقد في غزة لتعليم الباليه، في مركز القطان التربوي للطفل.

الباليه في غزة - صورة 1IMG_7567

حين انتهت من التدريب، كان والد ليان يساعدها في لبس "كابها" جاكيت في الجو البارد، استعداداً لمغادرتها المركز بعد انتهاء التدريب. يقول والدها محمد العبدالله: "أشجع طفلتي على ممارسة هواياتها، والباليه كأي هواية، هي سعيدة به، تحبه كثيراً وتمارس بعض الحركات في البيت". عندما تكبر ليان هل تشجعها على احتراف هذه الهواية؟ يقول الوالد من دون تردد: "لا أشجعها، هي طفلة اليوم لا تحاسب ولكنها عندما تكبر، لن أسمح لها بذلك. فنحن نعيش في مجتمع محافظ، ولن أرضى لابنتي أن تصبح راقصة باليه مثلاً".

الباليه في غزة - صورة 2IMG_7459

هذا ليس موقف العبد الله وحده، لكنه أيضاً موقف غدير حندوقة، والدة الطفلة يارا (6 سنوات)، التي تقول: "ستبقى هذه هواية لابنتي تمارسها في صالات مغلقة وآمنة، ولن تصبح هوايتها الرئيسية. عندما تكبر، تقول يارا إنها ستصبح مدرسة، فهي تحب دروسها كثيراً وتهتم بها". التحقت يارا بالتدريبات قبل شهر ونصف، ولكن فقط بهدف "الترويح والتخفيف من ضغوط الدراسة، فالمنهج مثقل بالمواد والواجبات" تقول والدتها.

وتضيف حندوقة: "فوجئت بعد نشر وسائل إعلامية لصور الطفلات وهن يتدربن من كثرة التعليقات المسيئة والجارحة، نحن في مجتمع محافظ، ولكن هؤلاء طفلات بحاجة إلى الترفيه واللعب، نحن نعيش في ظروف صعبة من حرب وحصار، والمراكز والأندية التي تهتم بهن محدودة".

الباليه في غزة - صورة 3IMG_7379

وتشير هيام الحايك، مديرة الأنشطة والبرامج التربوية في مركز القطان، إلى أنها فوجئت بالإقبال الكبير على التدريب من قبل الأهالي، عندما أُعلن عنه أول مرة في الصيف الماضي. وتقول: "لم أكن أتوقع حجم الاتصالات والاهتمام بتدريب الباليه، كنا في حاجة إلى التجديد في الأنشطة ومتخوفين من ردة فعل أهالي الأطفال".

مقالات أخرى

19 عاماً على إغلاق آخر دار للسينما في غزة

هل يَحول ارتداء الحجاب دون تعلّم المسرح والرقص والإبداع فيهما؟

وتضيف: "عندما نضع الخطط نأخذ في الاعتبار احتياجات ومتطلبات الأهالي، كان أحدها تعليمهم رقص الباليه". ولفتت إلى أنه "سجل في الدورة الأولى 22 طفلة، وهي تستوعب فقط 15 متدربة". واجه المركز في البدء مشكلة البحث عن مدربة باليه في غزة، إذ ليس هناك معاهد متخصصة، إلى أن زارت امرأة روسية متزوجة في غزة المركز بالصدفة، وعرفت الحايك أنها كانت تدرب الباليه في إحدى المدارس، فتعاقدت معها. وعن أهمية رقص الباليه، تقول الحايك: "الباليه رياضة نفسية، وهو جزء من الأنشطة الثقافية والترفيهية التي ينظمها المركز للأطفال، ويخلق حالة من التوازن النفسي عند الطفل، مع البيئة التي تحيط به".

الباليه في غزة - صورة 4IMG_7769

سيشهد صيف 2016 أول عرض محلي للأطفال في رقص الباليه، وفي غضون عامين سيتم تشكيل فرقة لرقص الباليه في غزة، ستضم طفلات أعمارهن بين 6 و 10 سنوات. تعد هذه التجربة الثانية لتعليم الباليه في قطاع غزة، ففي العام 2012، كان هناك محاولة لتعليم الباليه لنحو 14 فتاة، وتأسيس مدرسة لرقص الباليه في "كلية غزة"، ولكن بسبب شح الإمكانات، توقفت بعد تدريب واحد.

تنظر علياء مرتجى (28 عاماً) إلى طفلتها كنزي (5 سنوات)،  ويتبادلن الابتسامة، بينما تتحرك طفلتها برشاقة مع الموسيقى الكلاسيكية. تقول علياء: "الباليه لياقة بدنية، أنا سعيدة لطفلتي، أول مرة أسجلها في تدريب، ومتشجعة لمشاركتها في فرقة باليه". كذلك تشجع أم طارق، والدة الطفلة زينة الغزالي، المشاركة في تدريب الباليه، حتى عمر أقل من 10 سنوات، لما فيه من ترفيه بعيداً عن الدراسة، مشيرةً إلى أن العادات في مجتمع غزة، لن تسمح لطفلتها أن تمارس هوايتها في سن كبيرة، لكنها لا تمانع اشتراكها في فرق الدبكة، "لأن هذا الفن جزء من التراث والهوية الشعبية الفلسطينية" حسب تعبيرها.

تصوير: مجدي فتحي


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image