حزم الممثل والمخرج المسرحي العراقي باسم الطيب حقائبه ليعود من موطنه الثاني بلجيكا إلى بلده بهدف تحريك المياه الراكدة في المسرح وتحديداً مسرح الشباب الذي تعطّل بسبب الحال العامة وابتعاد الدولة عن دعم الثقافة.
ولد الطيب في بغداد عام 1977 وتخرج من معهد الفنون الجميلة، وشارك في أكثر من 40 عملاً مسرحياً داخل العراق وخارجه، وحاز خلال مسيرته الفنية جوائز ودروعاً عدّة.
باسم الطيب
قرّر الطيب العودة إلى بلاده برغم التردي الكبير في الأوضاع الأمنية والثقافية والصعوبات التي ستواجهه في عمله نتيجة فقدان المسرح للبنى التحتية. عن هذا القرار قال لرصيف22: "أحسست بواجبي في المساهمة بإعمار الثقافة بعد القطيعة والإهمال اللذين تعرضت لهما بشكل عام"، وأضاف: "لم أحصل على أيّ دعم مادي خصوصاً في مسرحية إعزيزه التي أنفقت عليها من جيبي الخاص".
الاعتماد على الشباب
وتعرض الطيب للانتقاد بعد أن أتى بشيء جديد لم يقدمه المقيمون في العراق. ولفت إلى أن "كل تجربة جديدة تكون مثيرة للجدل، وأنا أستمع لجميع الآراء الواعية التي تقيّم الأعمال الفنية. لكن في عمل إعزيزه تحديداً كان هدفي الأساسي الجمهور العادي وليس جمهور النخبة".
مقالات أخرى
الفراغ الفني في بيروت والعواصم العربية
هل الرقص الشرقي يمكن أن يزاوله الرجال أيضاً؟
والتف حوله الطلاب في معهد وكلية الفنون الجميلة في بغداد، واستطاع أن يشكل فريقاً منسجماً يعرض أعماله أمام الجمهور. وأكّد أنه "لنجاح أيّ مشروع لا بد من الاستعانة بالطاقات الشابة. لهذا ركّزت على الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 16 و22 سنة، وكانوا بقمة النشاط والاندفاع، ثم أسسنا ورشة للكتابة فكتبنا نص إعزيزه بشكل جماعي بعد إعطائهم مجموعة تمارين حول كيفية الكتابة، وتمارين أخرى مثل الارتجال الحركي والرقص واليوغا" .
من مسرحية "اعزيزه"
وتابع: "إعزيزه بالمفهوم والموروث الشعبي هي الفأل السيئ (اللعنة). أردنا القول إنه علينا أن نساهم جميعاً بطرد إعزيزه من البلد. وقدّمنا المسرحية على طريقة البيرفورمانس (فن الأداء) وهو الأداء الصادق والتفاعلي مع الجمهور، وحوّلنا المشاكل الشخصية إلى ملفات اجتماعية وقدمناها بشكل فني حديث، بحيث ناقشنا 13 ملفاً اجتماعياً موزعة على جميع الغرف في بناية منتدى المسرح وسط بغداد، منها التفكك الأسري واضطهاد النساء وبغداد الحلم ورسائل إلى الله والحروب والأمراض النفسية والثقافة السيئة وتنبؤات وآراء عفوية والانتحار".
ولفت إلى أن "رسالة إعزيزه موجهة إلى المجتمع وتدعو للتسامح والحب والدولة المدنية وتصف الكذب والنفاق والسرقة بأنها أمراض نفسية خطيرة، وتحث أيضاً على التعليم وترفض كل الثقافات السيئة المراد تصديرها إلى المجتمع".
عرض مسرحية "اعزيزه"
العلاج بالدراما
بعد الانتهاء من مسرحية إعزيزه التي عرضت 34 مرة، عاد الطيب بقوة وطرح فكرة العلاج بالدراما عبر مسرحية "بنات بغداد" التي ألفها وأخرجها. وعن هذه التجربة قال: "تسع بنات يلعبن ألعاباً شعبية بنّاتية مرتبطة بالذاكرة العراقية. وتبدأ الألعاب بطريقة عفوية وانسيابية وتتعقد اللعبة حتى تنتج مشكلة مجتمعية يصعب العثور على حل لها. ثم تتحطم اللعبة وينتقلن إلى لعبة أخرى. ومن هذه الألعاب الشعبية، لعبة (هيلا يا رمانة، الذيب والدجاج، ختيلان)". وقد قدم هذا العمل على طريقة العلاج بالدراما وكان أبطال المسرحية من دار أيتام الأعظمية.
من مسرحية "بيت البنات"
لا يفكر الطيب في ترك العراق في محنته الحالية. أكّد أنه سيجتهد لتقديم الجديد، وقال: "لا أنوي ترك العمل الفني في العراق فهذه مسؤولية يجب أن يدركها جميع المثقفين والمهتمين، وعليهم أن يساهموا في نشر الفن والجمال والفكر والوعي، وتهيئة مناخ ملائم للأجيال المقبلة".
وعن خطواته القادمة، قال إن لديه عدة عروض مختلفة، منها مسرحية انتظار وثورة جسد للمخرج مخلد راسم "وسنعرضها في بلجيكا وهولندا وأفريقيا والمغرب وبعض المدن الأوروبية"، مؤكداً أنه يحضّر حالياً لعمل سيكون موجهاً إلى فئة المراهقين وسيقدّمه في بغداد.
أسلوب مسرحي جديد
الممثل أحمد سعدون عمل مع الطيب في مسرحية إعزيزه، قال لرصيف22 إن "الطيب جاء بفكر وأسلوب جديدين للمسرح، وتميّز بطريقة إخراج المسرحية بمشاركة الجميع في كتابة النص وبإدارة نقاش مستمر حول فكرة المسرحية". وأضاف أن الطيب "يتعامل مع الممثل كصديق، وكل فكرة جديدة تناقش من قبل كادر العمل"، لافتاً إلى أنه "طرح أفكار المجتمع العراقي بصورة مبسطة وبأسلوب وأداء تمثيلي قريب للسينما والتلفزيون".
وقال المخرج المسرحي علاء قحطان إن تجربة باسم الطيب مكملة لمسيرة مسرحنا المتواصلة، خصوصاً أنه جاء بمفاهيم واشتغالات قد تكون جديدة على المسرح العراقي الحديث واشتغل مع شباب جدد. ونبه إلى أن "تجربة إعزيزه جاءت بمفاهيم جديدة هي الأداء على مقربة من الجمهور، إضافة إلى نقاش الموضوعات اليومية العراقية بشكل متواصل وبسيط وسلس"، مضيفاً أنها "كانت محاولة ناجحة منه أن يقدم عملاً للناس وليس للنخبة وبطريقه أكاديمية محترمة"، مبيناً أنه "كان له الفضل في اكتشاف طاقات الشباب الجدد".
الأداء على مقربة من الجمهور في مسرحية "اعزيزه"
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmed -
منذ 7 ساعاتسلام
رزان عبدالله -
منذ 17 ساعةمبدع
أحمد لمحضر -
منذ يومينلم يخرج المقال عن سرديات الفقه الموروث رغم أنه يناقش قاعدة تمييزية عنصرية ظالمة هي من صلب و جوهر...
نُور السيبانِيّ -
منذ 5 أيامالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ 5 أياموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامرائع