لم يكن المساء الدموي الذي شهدته الضاحية الجنوبية لبيروت ليل 12 نوفمبر، الأول من نوعه. فبعد التفجير الأخير الذي حصل قبل نحو سنة، عاد الموت هذه المرة على شكل انتحاريين قررا أن يفجرا نفسيهما في منطقة عين السكة في برج البراجنة الواقعة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وقد أدى الانفجاران المتتاليان إلى مجزرة حصيلتها 45 قتيلاً ونحو 240 جريحاً. الضحايا ليسوا أرقاماً، لهم أسماءٌ وعائلات وأشغال وقصص، لكن اسماً من بين هؤلاء تصدر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي التي تناقلت قصة شاب اسمه عادل ترمس. حين رأى عادل الانتحاري الثاني بعد وقوع التفجير الأول، هاجمه محاولاً منعه من الوصول إلى المصلين في الحسينية، إذ ذاك فجّر الانتحاري نفسه.
مات عادل وابنته الصغيرة، لكن 100 على الأقل أنقذت أرواحهم. قصة عادل تعيد إلى الأذهان قصصاً أخرى ضجّت بها وسائل التواصل الاجتماعي أثناء حدوث تفجيرات سابقة في لبنان.
عبد الكريم حدرج 23-6-2014
كان "عبودي"، كما يناديه الجيران والأصدقاء، شاباً وسيماً في العشرين من العمر، وعنصراً في الأمن العام اللبناني، عندما خرج من بيته لقضاء أمر ما في يومٍ عادي. لكن أحداً لم يتوقع أن عبودي لن يعود إلى بيته يومذاك، فعندما لاحظ أن سيارة غريبة متوقفة وسط الشارع بالقرب من "قهوة أبو عساف" على مستديرة الطيونة، على مدخل الضاحية الجنوبية لبيروت، استوقف السائق وأرسل صديقه ليستدعي الجنود على حاجز قريب للجيش اللبناني. فبالإضافة إلى غرابة السيارة المتوقفة، كانت تتجه عكس السير، وهذا ما أثار ريبة عبودي. لكنه حين اقترب من السيارة، قام الانتحاري الموجود داخلها بتفجيرها.
لم يكن عبودي الوحيد في ذلك الشارع حينذاك، فالمكان كان يغص بالناس الذين يشاهدون إحدى مباريات كأس العالم في كرة القدم، لكنه اختار عدم التغاضي عن السيارة الغريبة المتوقفة في وسط الشارع، فدفع ثمن ذلك. خيار عبد الكريم أنقذ عشرات المتجمعين في المقهى حينذاك.
أبو علي عيسى 10-1-2015
لم يكن أبو علي عيسى في المقهى المزدحم في قرية جبل محسن الطرابلسية شمال لبنان، حين فجر انتحاري نفسه في يناير الماضي، لكنه سارع إلى المشاركة في إنقاذ الجرحى وتفقد الضحايا. وعندما لاحظ أن الانتحاري الثاني ينتظر أن يتجمع أكبر عدد من الناس ليفجر نفسه هو أيضاً، ركض نحوه محاولاً إيقافه وهاجمه موقعاً به، قبل أن يتمكن الانتحاري من أن يفجر نفسه.
استغرب معظم الناس أن مقهى مزدحماً كهذا لم يسقط فيه إلا 10 ضحايا جراء تفجيرين انتحاريين، لكنهم علموا بعد ذلك، من خلال تداول الناس لقصة أبو علي، أن ذلك الرجل هو من منع حدوث المجزرة. صورة واحدة لم تظهر كثيراً في الإعلام، وعينان غائرتان تعباً، هو أبو علي عيسى.
هيثم أيوب 19-11-2013
لا تشبه قصة هيثم أيوب، العريف في الأمن العام اللبناني، القصص السابقة، لكنه لم يهرب من الواجب الذي اختاره هو، وقام به حتى النهاية، باذلاً حياته في انفجار السفارة الإيرانية في بئر حسن في الضاحية الجنوبية لبيروت، قبل عامين تقريباً. حين اصطدمت السيارة المشتبه بها بسيارة أخرى، حاول السائق الانتحاري أن يلوذ بالفرار، ولكن هيثم لحق به فوراً لإيقافة، وحين فتح باب السيارة، لم يبق للسائق خيار سوى أن يفجرها، وهذا ما منعها من الوصول إلى وجهتها المقصودة، وقلص عدد الضحايا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 17 ساعةبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ أسبوعمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون