"عالم فيراري"، "متحف اللوفر"، "ياس مول"، جامع الشيخ زايد الكبير. هذه بعض الأماكن التي غالباً ما تخطر على بالنا حين نذكر العاصمة الإماراتية، أبوظبي، أو نزورها. فطالما ارتبط اسم الإمارات بالنفط والثروات الكبيرة والرغبة في أن يتحوّل هذا البلد إلى مركز في الشرق الأوسط، يستقطب الاستثمارات والمشاريع العملاقة والزوار من كل أنحاء العالم، ليستمتعوا بالطقس الجميل، والمراكز التجارية الكبيرة والخدمات المتعددة.
لا شك أن المسؤولين أرادوا الترويج لصورة مدينة تجمع التراث والتقاليد والعصرية والمعالم المعمارية المميزة والأنشطة الترفيهية على أنواعها بفضل العديد من الحملات والمبادرات. لكن غالباً ننسى أن هذا البلد وتحديداً أبوظبي يضمّ مواقع طبيعية مميزة تستحقّ التوقف عندها، أكانت في قلب العاصمة أو في المنطقة الغربية أو العين، التي يُطلق عليها لقب "مدينة الواحات".
واحة ليوا
تعتبر هذه الواحة من أكبر الواحات في شبه الجزيرة العربية. تقع في المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي، وتشكّل قوساً تمتدّ من الجنوب الغربي حتى الجنوب الشرقي في قلب إقليم الظفر. تضم نحو 60 قرية، وتشتهر بمزارع النخيل وبكونها تتميّز، على أطرافها، بأحد أكبر الكثبان الرملية في العالم. فكانت واحة ليوا المحطة الأخيرة لاستقرار البشر على الطرف الشمالي لهذه الكثبان، التي تمتدّ على طول 650000 كم، وتُعرف بـ"الربع الخالي" بسبب الظروف المناخية الصعبة، وبيئتها الوعرة، ومساحتها الكبيرة.
ولهذه الواحة تاريخ عريق، فهي كانت مركزاً اقتصادياً مهماً واستقّرت فيها العديد من القبائل، خصوصاً قبيلة بني ياس. لكنها فقدت هذه المكانة مع ولادة صناعة اللؤلؤ في أوائل التسعينيات. ويشار إلى أن اسمها يعود إلى أسلوب النطق المحلي لـ"الجواء" أي الواحة الخضراء، أو مكان آمن للراحة والاسترخاء. فإذا قصدتم واحة ليوا، لا تتردّدوا في الاستمتاع بجولات مثيرة على الكثبان، أو بزيارة المزارع والقلاع والحصون التي كانت تحمي الواحة.
محمية الوثبة الطبيعية
تُغطّي هذه المحمية مساحة 5 كيلومترات مربّعة من البحيرات الطبيعية والاصطناعية، والأراضي الرطبة والمستنقعات، والرمال المتحجرة والكثبان الرملية. تقع بين مدينتي بني ياس والمصفح في أبوظبي. وقد تكوّنت عام 1982 نتيجة تجمّع المياه الفائضة من محطة معالجة مياه الصرف الصحي ومياه الأمطار، ومياه الري التي تسرّبت من حقول الأعلاف القريبة. تقع هذه البحيرة في حوض منخفض يسمّى "السبخة". إلا أن هذه المحمية، التي تضمّ بيئات مختلفة (المياه العذبة، والمياه المالحة، والبيئة الصحراوية)، جعلت منها مركزاً للعديد من النباتات والحيوانات، لتتحوّل إلى موطن للعديد من الطيور المحلية أو محطة للطيور المهاجرة. إذ يمكن مشاهدة أكثر من 250 نوعاً من الطيور مثل النحام الكبير Flamingos، الذي يتكاثر فيها، والطيطاوي الأصفر والزقزاق والبط الطويل الذيل، والطيور البحرية والجوارح.
كما تعيش في المحمية أنواع متعدّدة من الزواحف والثدييات والحشرات. تُشرف على محمية الوثبة الطبيعية هيئة البيئة في أبوظبي، التي أعلنت إعادة افتتاح أبوابها بداية الشهر الجاري، بعد أن كانت أغلِقت مع بداية شهر مايو خلال موسم تكاثر طيور الفلامينغو، وبسبب ارتفاع درجات الحرارة.
منتزه القرم الوطني
إذا كنتم من محبّي هواية التجديف، فلا بد أن تتوّجهوا إلى منتزه القرم على أطراف مدينة أبوظبي، للجمع بين متعة هذه الرياضة وتأمل المنظر الطبيعي الجميل. تُشرف أيضاً هيئة البيئة في أبوظبي على هذا المنتزه، الذي يضمّ نحو 75% من مساحة غابات القرم في الإمارات العربية المتحدة. ويشار إلى أنّ شجرة القرم غالباً ما تنمو في المياه المالحة في المناطق الساحلية الاستوائية وشبه الاستوائية، فتكوّن حاجزاً طبيعياً ضد الرياح والمدّ والجزر، بالإضافة إلى أنها تنقّي المياه المحيطة والهواء من ثاني أكسيد الكاربون. ويتميّز هذا المنتزه إضافة إلى هذا النوع من الأشجار، ببيئة بيولوجية متنوّعة ومستنقعات وتجمعات طحالب إلى جانب العديد من أنواع الحيوانات كسرطان البحر والطيور البحرية والأسماك. ومتى تقررون التوجّه إلى المنتزه، توفّر العديد من الشركات السياحية، التي تريد أن تكون صديقة للبيئة، عدداً من الرحلات.
جبل حفيت
لا تضمّ الإمارات وأبوظبي بالتحديد البحيرات والكثبان الرملية فحسب، بل أيضاً الجبال، وخصوصاً جبل حفيت، الذي يقع على الحدود بين سلطنة عمان والإمارات، التي تملك الجزء الشمالي منه. وهو يُطلّ على مدينة العين في أبوظبي، ويرتفع 1240 متراً عن سطح الأرض، ليكون أعلى قمة في أبوظبي والثانية في الإمارات بعد جبل جيس في إمارة رأس الخيمة.
وأكثر ما يميّز هذا الجبل هو طبيعته الصخرية الكلسية الشديدة الانحدار، التي تعرّضت لعوامل التعرية الطبيعية على مدى السنوات. وبالإضافة إلى أنه يمنح المتسّلق فرصة الاستمتاع بمناظر خلابة في النهار والليل، فقد تمّ اكتشاف آثار أحفورية في محيطه، تظهر تاريخ المدينة، بالإضافة إلى نحو 500 مدفن أثري على سفحه، تعود إلى أكثر من 5000 سنة. كما يمنح جبل حفيت لكل محبّي القيادة على الطرق الوعرة فرصة ممارسة هوايتهم، بالسيارة أو الدراجة الهوائية، إذ وصف البعض هذه الطريق بأنها "أروع طريق للقيادة في العالم".
جزيرة صير بني ياس
هي إحدى الجزر الثماني التي تُشكّل جزر الصحراء في المنطقة الغربية في أبوظبي، حيث تتناغم المناظر الطبيعية الخلابة والمواقع الأثرية والحياة العصرية. وتعتبر الجزيرة موطئ قدم لأكبر محميات الحيوانات البرية في منطقة شبه الجزيرة العربية، إذ يضمّ منتزه الحياة البرية العربية أكثر من 10 آلاف من الحيوانات التي تتجوّل بكل حرية. ومن أبرز هذه الحيوانات، المها العربية والغزلان والزرافات والضباع والفهود. ولا ننسى المواقع الأثرية التي تمّ التنقيب عنها، وتحديداً الدير المسيحي، الذي يعتبر الدير الوحيد المكتشف في الامارات، ويُعتقد أنه بُني في العام 600 وتمّ اكتشافه عام 1992.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...