شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
ليلى مراد أو

ليلى مراد أو "ليليان" اليهودية التي صارت نجمة العرب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 6 ديسمبر 201703:54 م

حققت شهرة واسعة كمطربة قديرة وفنانة موهوبة، وشكّلت جوانب عدّة ذات علاقة بالسياسة والعقيدة والعاطفة جانباً مهماً من سيرتها. هكذا كانت الفنانة "ليليان" التي صار اسمها "ليلى مراد".

إسلامها

ظلت ديانة ليلى مراد من أهم نقاط الخلاف والجدل بين المهتمين بحياتها الخاصة. فمن المعروف أنها تنتمي إلى أسرة يهودية، وهي بنت المطرب القدير زكي مراد. وقيل إنها اعتنقت الإسلام وتعددت الروايات حول سبب إسلامها. مرة قيل إنها أسلمت بسبب أذان الفجر، ومرّة إنها أسلمت على يد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا. وقال البعض إنها ظلّت على الإسلام حتى ماتت عليه.

حققت شهرة واسعة كمطربة قديرة وفنانة موهوبة، وشكّلت جوانب عدّة ذات علاقة بالسياسة والعقيدة والعاطفة جانباً مهماً من سيرتها. هكذا كانت الفنانة "ليليان" التي صار اسمها "ليلى مراد"

ويذكر الدكتور راغب السرجاني في كتابه "عظماء أسلموا" أن أحمد مراد، نجل الفنانة الشهيرة، قال إن كل أسرتهم أسلمت وكانت تصوم وتتلو القرآن. وكان لليلى مراد في سنواتها الأخيرة صلة وثيقة بالشيخ محمد متولي الشعراوي، واستمر ذلك حتى آخر لحظات حياتها مساء الثلاثاء 21 نوفمبر 1995، حين رحلت في تمام الساعة العاشرة مساء، وتمت الصلاة عليها في مسجد السيدة نفيسة الذي كانت دائماً تزوره وتتصدق فيه بفريضة الزكاة، ودُفنت في مقابر العائلة بالبساتين.

رد فعل "حارة اليهود"

كان ردّ فعل أهالي حارة اليهود بمصر قويّاً وحادّاً تجاه نبأ إسلامها، وقيل إن ثورة غضبهم لم تهدأ حتى زارت معبد ابن ميمون اليهودي الكائن بالحارة في منتصف الليل سرّاً. وينقل الدكتور محمد أبو الغار في كتابه "يهود مصر من الازدهار إلى الشتات" عن اليهودي المصري موريس شماس الذي هاجر من مصر إلى إسرائيل روايته أنه "في مقهى لانسيانو الذي كان يقع في حارة اليهود، اجتمع عدد من يهود الحارة ليناقشوا مشكلة كبيرة تخص مطربتهم المحبوبة ليلى مراد، فهم علموا أنها تحولت من اليهودية إلى الإسلام بعد زواجها من أنور وجدي".

ويتابع: "كان صاحب المقهى وهو يهودي مصري من أصل إيطالي يدعى لانسيانو أكثر الغاضبين، وأعلن أنه سيغلق راديو المقهى أثناء إذاعة أغنيات ليلى مراد، وأنزل صورتها المعلقة على الحائط، إلَّا أن سعدية اليهودية الفقيرة ثارت على هذا التصرف، وصاحت: لماذا هذا الغضب؟ هل هي قريبتكم؟ هل هي أختكم؟ ما علاقتكم بها؟، وأضافت سعدية: الأمر بسيط لقد أحبت وأرادت الزواج مثل أيّة امرأة أخرى".

ويضيف: "لم يسفر النقاش عن شيء، واستمر الغضب حتى تبدل الحال في اليوم التالي بعد أن انتشر خبر في الحارة بأن ليلى زارت سرّاً معبد ابن ميمون اليهودي في الحارة، وذلك في منتصف الليل تماماً، وطلبت من القائمين على المعبد عزف الموسيقى على روح أبيها الفنان زكي مراد، ثم غادرت بهدوء. انتشر الخبر في الحارة فعم الارتياح، وأعاد صاحب المقهى تعليق صورة ليلى على الحائط وفتح الراديو للاستماع إلى أغانيها".

زيارتها لإسرائيل وتبرعها لحكومتها

يتناقض الرأي الذي ذكره الدكتور راغب السرجاني عن ابن ليلى مراد مع بعض الرويات التي ظهرت بعد ذلك، ولا سيما تلك التي تحدثت عن علاقتها بإسرائيل.

ففي أحد السيناريوهات المطروحة بشأن هذه الأزمة أن ليلى مراد أرسلت خطاباً إلى الرئيس محمد نجيب في 23 مارس 1953 تشكو فيه من شعورها بالظلم بسب المضايقات التي تتعرض لها من قِبَل مجلس قيادة الثورة واستدعائها المتكرر بهدف التحقيق معها، مما ألحق بها كثيراً من القلق والتوتر وأثَّر على مسيرتها الفنية والشخصية.

وتستمد تلك الوثيقة التي أوردها أشرف غريب في كتابه "وثائق ليلى مراد" أهميتها من التوقيت الذي أُرسلت فيه، ومن تفاصيلها والأسماء الواردة فيها. إذ تكررت تلك التحقيقات بعد مقابلة تمت بينها وبين شخص يهودي يدير أحد الاستديوهات في اليونان، خلال زيارة لليلى مراد بدعوة من سفير السويد في أثينا. وتلك القصة روتها لعبد اللطيف البغدادي، عضو مجلس قيادة الثورة. وقالت في خطابها إنها أعادت هذه القصة مرة أخرى في زيارة قامت بها إلى مجلس قيادة الثورة بصحبة الموسيقار محمد عبد الوهاب والفنان محمد فوزي وبحضور عبد اللطيف البغدادي وصلاح سالم، وقد أكّد لها الجميع أن الموضوع لا يستحق كل هذا القلق والتوتر.

ولم تلبث ليلى مراد أن اطمأنت حتى فوجئت باستدعائها مرة أخرى في وقت متأخر من اليوم ذاته، وسألوها في مقر مجلس قيادة الثورة عن علاقتها بجماعة تدعى بولاند فونس تتعاون مع اليهود، وأبلغوها أنهم حين ألقوا القبض على مجموعة من أعضاء هذه الجماعة أفادوا بأن مقابلة جرت بينهم وبينها وأنهم حصلوا منها على أموال.

وفي سيناريو آخر لتفاصيل تلك الأزمة يتحدث أشرف غريب في كتابه "وثائق ليلى مراد" عن زيارة ليلى مراد لإسرائيل سرّاً ويقول إنها تبرعت لحكومتها بخمسة آلاف جنيه، وإن تلك الواقعة حصلت عندما كانت خلال زيارة لفرنسا.

سوريا تمنع عرض أعمالها الفنية

يبدو أن سوريا اتخذت موقفاً قضى بمنع عرض أفلام ليلى مراد وأغانيها. فقد نشرت جريدة الأهرام خبراً في 12 سبتمبر 1952 جاء فيه "منعت الحكومة عرض أفلام ليلى مراد وإذاعة أغانيها من راديو دمشق لأنها زارت إسرائيل وتبرعت بخمسين ألف جنيه لحكومتها".

وحاولت القنصلية المصرية في فرنسا إنصاف الفنانة ليلى مراد من التهمة، فقدّمت إليها تقريراً لتوقّع عليه، وهو عبارة عن بيان بتحركاتها، منذ غادرت القاهرة في 8 أغسطس 1952 إلى مطار أورلي، ويؤكد أنها لم تغادر فرنسا حتى صدور تاريخ الخطاب.

كانت ليلى مراد في باريس حينما نشر هذا الخبر، حسبما أشارت في مقالة كتبتها بنفسها ونشرتها في مجلة الكواكب بعد ذلك بست سنوات، بعنوان "كنت في باريس يوم 23 يوليو". وسعت في هذه المقالة لتبرئ نفسها مما تردد عن زيارتها لإسرائيل سرّاً، ثم حكت عن كيفية استقبالها خبر قيام ثورة 23 يوليو وانطباعات الفرنسيين حولها، واللحظة التي غادر فيها الملك فاروق البلاد من الإسكندرية، بعد أيام، في 26 يوليو.

العلاقات العاطفية والزوجية

وعلى الرغم من أن ليلى مراد تقدس الحياة الزوجية، فقد فشلت في الزيجات الثلاث من أنور وجدي ووجيه أباظة وفطين عبد الوهاب، مرة بسبب الخيانة وأخرى بسبب عدم التفاهم وأخرى بسبب الوضع الاجتماعي.

أنور وجدي: "يا رب تتجوزيني يا ليلى"

بهذه الكلمات عبَّر أنور وجدي عن رغبته في الزواج بليلى مراد، وذلك بعد انتهاء أحد أيام تصوير فيلم "ليلى بنت الفقراء" الذي قبلت ليلى مراد القيام ببطولته أمامه، بعدما ألح عليها غير مرة ووضع كل ثروته في إنتاج هذا الفيلم. وكانت شهرة ليلى تملأ السمع والبصر آنذاك وكان هو لا يزال يؤدي الأدوار الثانوية. اصطحبها أنور في سيارته وفاجأها قائلاً: "يا سلام يا ليلى لو اتجوزتك وعشت معاكي على طول" فعلقت ليلى: "ياه! مرة واحدة كده؟"، فرد أنور: "وفيها إيه يعني، أهو ساعات ربنا يستجيب دعا الواحد"، ثم رفع يديه إلى السماء صائحاً: "يا رب تتجوزيني يا ليلى"، فانفجرت ضاحكة. ولكن لم تلبث أن صارت قصتهما معاً حديث الوسط الفني وتزوجا قبل الانتهاء من تصوير الفيلم.

ليلى مراد ونجيب الريحاني

تنكرها بملاءة لف لاكتشاف الخيانة

استدعت ليلى مراد موهبتها السينمائية للتحقق شخصيّاً من خيانة أنور وجدي لها حين شاعت أنباء عن تعلقه بفتاة فرنسية فاتنة الجمال تدعى لوسيت. وضعت ليلى خطة سينمائية ذات حبكة فنية دقيقة للاطلاع على هذا الأمر. ارتدت منديلاً وملاءة وخرجت بصحبة صديقتها مارسيل، زوجة عازف الكمان يعقوب تاتيوس، وخضر سائق السيارة.

وأمام إحدى العمارات توقفت السيارة ونزلت منها ليلى متنكرة بملابسها الجديدة، وطلبت من مارسيل والسائق الانتظار في السيارة، وتوجهت إلى البواب وسألته: "سي أنور الممثل في الدور الكام؟" فرد البواب: "عايزه إيه يا ست انتي" فقالت: "أنا الغسالة الجديدة ودايخه على العمارة من ساعتين" سألها البواب: "هو فيه حد ييجي يغسل فى وقت زي ده؟"، فردت: "أنا جايه اتفق معاه على ميعاد" فأشاح البواب قائلاً: "الأستاذ أنور ساكن في الدور السادس". صعدت ليلى إلى الدور السادس ولما سمعتهما يتحدثان بالفرنسية، قررت تغيير خطتها، فعادت إلى السيارة مرة أخرى، وطلبت من صديقتها مارسيل والسائق الانصراف بالسيارة، لتبقى هي في سيارة أنور الموجودة في المرآب منتظرة عودته، وقد كان من عادته ألَّا يبيت خارج المنزل.

نزل أنور ولوسيت في الساعة الثالثة صباحاً وهما يتضاحكان، وما إن اقتربا من السيارة حتى زلزلته المفاجأة. هبطت ليلى من السيارة، وقالت للوسيت بالفرنسية: "أنا آسفة يا مدام أو مودموزيل، لكن أنا زوجته". يصف صالح مرسي هذا المشهد في كتابه عن ليلى مراد بقوله "وقف أنور مذهولاً لا يعرف ماذا يقول، وراحت الفتاة الفرنسية تتلفت يميناً وشمالاً، تنظر إلى أنور تارة، وإلى ليلى تارة أخرى، وابتسمت ليلى قائلة: حانفضل واقفين كده ما تتفضلوا بالركوب، وركب الجميع، وانطلقت السيارة بالثلاثة".

ويذكر صالح مرسي أن ليلى ظلت تتحدث مع لوسيت داخل السيارة بلا توقف عن باريس وفينسيا، وعن كان والكازينو العالمي الشهير، ثم التفتت إليها قائلة "أرجو أن يكون بلدنا عجبك"، ولما وصلوا إلى عمارة "الإيموبليا" التي تسكن بها ليلى، صافحت لوسيت بحرارة، ثم أمرت السائق أن يعود بها إلى الشقة التي أتت منها. انتظر أنور ماذا ستقول ليلى، لكنه فوجئ بها لا تفتح فمها، ودخلت إلى غرفة النوم، قائلة "تصبح على الخير". وفي الرابعة صباحاً بدأت جمع أغراضها، وكان أنور يجلس في حجرة المكتب، ثم نامت واستيقظت في السابعة صباحاً، ارتدت ملابسها وجهزت حقائبها.

ويقول صالح مرسي: كان أنور لا يزال جالساً كما هو، وقالت: "أنا ماشية يا أنور". التفت إليها مذهولاً، وعادت تقول له: "على فكرة أنا مش زعلانة منك، بالعكس، أنا فرحانة جدّاً" فقال: "عاوزة تقولى إيه؟ فيه واحدة تفرح لما تضبط جوزها مع واحدة تانية؟" فردت: "أصل الناس كانوا دايماً يقولوا لي إني اتجوزت واحد مالوش قلب، ما يعرفش يحب غير الفلوس، لكن أنا كنت باقول إن لك قلب، وطلعت أنا صح" فرد: "إنت فاكرة نفسك مين.. شكسبير؟" فقالت: "ولا شكسبير ولا حاجة، أنا بقول لك اللي أنا حاسة بيه، أشوف وشك بخير"، وانصرفت.

وجيه أباظة

تزوج وجيه أباظة وليلى مراد بعد طلاقها من أنور وجدي واعتزالها الفن، واستمر زواجهما لمدة عام تقريباً، وهو أحد الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة 1952، وعُهدت إليه فى ليلة 23 يوليو 1952 مسؤولية قيادة المطار، القاعدة الأساسية للقوات الجوية المصرية، وينتمي إلى أسرة من أشهر العائلات في مصر. أسفر الزواج عن ولد وحيد هو أشرف وجيه، إلَّا أن وضعه بين أبناء عائلته ومنصبه دفعاه إلى إنهاء علاقته بليلى مراد سريعاً، لتعود إلى حياتها الفنية مرة أخرى.

فطين عبد الوهاب

تعرفت ليلى مراد إلى المخرج فطين عبد الوهاب خلال إخراجه فيلماً لشقيقها منير مراد، ومع مرور الوقت انجذب أحدهما إلى الآخر، وحينما عرض عليها الزواج ترددت ليلى التي كانت تخشى تكرار تجربتيها المريرتين. لكنه استطاع أن يطمئنها وينتزع قبولها. وقدم لها مهراً قدره 25 قرشاً ذهبيّاً، بينما كان المؤخر ألف جنيه مصري.

أسفرت الزيجة الثالثة والأخيرة لليلى مراد عن ابنها الثاني الممثل والمخرج زكي فطين عبد الوهاب، وسمي زكي على اسم والدها. استمر هذا الزواج 11 عاماً. دبّت الخلافات بينهما، وأصرت على الطلاق والاحتفاظ بحضانة ابنها زكي، وباءت بالفشل محاولات الأصدقاء من الفنانين كهدى سلطان وزينب صدقي وفريد شوقي لإقناعها بالعدول عن ذلك القرار الصعب.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard