الجداريات التي تسخر من معمر القذافي في شوارع المدن الليبية، ليست كل ما تبقى من ذكرى "العقيد". فإرث "الديكتاتور"، الذي قتل قبل أربع سنوات في انتفاضة شعبية، لا يزال يخيم على ليبيا، التي لم تتمكن حتى اليوم من استبدال نظام حكم الفرد والعائلة من دولة مؤسسات فعالة.
في طرابلس، تنتشر على الجدران المقابلة لمجمع باب العزيزية الشهير، المقر السابق للقذافي، والذي لم تبق فيه سوى بعض الأبنية، رسوم تسخر من الديكتاتور السابق وتمجد "الثورة"، وبينها رسم له داخل صندوق للقمامة.
ويقول أحمد الذي يملك محلاً لبيع السجائر في منطقة المجمع: "كنا نخاف حتى أن ننظر إلى الأسوار. اليوم، تغير الوضع طبعاً، لكن الرهبة التي نشعر بها حين نمر قرب المجمع، لا تزال تذكرنا به". ويضيف: "قد تمر أجيال قبل أن يتخطى بعضنا شعور الرعب الذي زرعه فينا".
ويقول مايكل نايبي أوسكوي، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة ستراتفور الاستشارية الأمنية الأمركية، "اختار القذافي أن يبني دولة تتمحور حول شخصه، ثم استخدم العامل العسكري معتمداً على عائدات النفط لقمع أي معارضة، بدل أن يبني دولة مؤسسات يمكن أن تستمر في غيابه ". ويضيف: "لم تكن هناك دولة مؤسسات في ليبيا، الأمر الذي دفع نحو السقوط في الفوضى بعد الإطاحة بالقذافي"، مشيراً إلى أن تبعات سياسات "الدولة المفككة"، التي أوجدها القذافي "ستتواصل لعقود".
مقالات أخرى
حركة تنوير الليبية: مواجهة الرصاص بالعمل الثقافي
الحنين إلى زمن الديكتاتور
قتل القذافي في 20 تشرين أكتوبر 2011، على يد مجموعة مسلحة في مدينة سرت، بعد أن حكم البلاد لأكثر من أربعة عقود. ومنذ مقتله، تشهد ليبيا فوضى أمنية وسياسية واقتصادية، إذ لم تستطع الحكومات المتعاقبة منذ الإعلان عن "التحرير الكامل" من نظام القذافي في 23 أكتوبر 2011، ترسيخ حكم ديموقراطي بمؤسسات فعالة، وهي عناوين نادت بها "الثورة". ومنذ أكثر من سنة، تتقاسم الحكم في البلد سلطتان، واحدة يعترف بها المجتمع الدولي مستقرة في شرق البلاد، وأخرى لا تحظى بالاعتراف، وتسيطر على معظم مدن غرب ليبيا، بينها العاصمة طرابلس، بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا".
ويقول نايبي - أوسكوي إن "اسم القذافي سيبقى عنواناً رئيسياً، خصوصاً مع محاكمة رموز نظامه وأفراد عائلته". نظرياً، كان نظام القذافي يقوم على "حكم الشعب"، إلا أنه في الواقع، كان يختصر بالزعيم الليبي، الذي أطلق على نفسه لقب "ملك ملوك إفريقيا"، وحكم بمزاجيته أكثر منه وفق قوانين "الكتاب الأخضر" الذي وضعه بنفسه حتى.
ورغم ذلك، فرض القذافي على أرض الواقع استقراراً امنياً لم تنعم به ليبيا منذ نهاية 2011، بعدما فشلت السلطات الجديدة في نزع أسلحة الجماعات التي قاتلت النظام السابق، والتي باتت تتقاتل في ما بينها. كما لم تنجح في وضع دستور جديد للبلاد، التي تستند حالياً إلى إعلان دستوري مؤقت صدر عام 2011.
ويشير نايبي - أوسكوي إلى أنه "سيمر وقت طويل قبل أن تترسخ في ليبيا هوية وطنية موحدة، ويعود إليها الاستقرار الأمني الذي كانت تتمتع به خلال فترة حكم القذافي".
ويقول مسؤول حكومي في طرابلس، رفض الكشف عن اسمه، "لم يمح مقتله ذكراه السيئة. سيظل حاضراً بيننا حتى نقضي على تبعات 40 سنة من الفوضى. وأتمنى أن لا نحتاج إلى 40 سنة أخرى لتخطي هذه التبعات".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع