شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
ماذا سيحدث بعد رحيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟

ماذا سيحدث بعد رحيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 21 سبتمبر 201611:18 م

منذ مدّة، تدور نقاشات ساخنة في شأن خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الرئيس الثالث للسلطة الوطنية الفلسطينية. وتتزايد التكهنات يومياً حتى أن المواطن أصبح تائهاً وخائفاً من المستقبل، خصوصاً أن مسألة ما بعد الرئيس الحالي لم تُطرح جدياً داخل أطر حركة فتح أو على صعيد منظمة التحرير الفلسطينية.

كتب "عريب الرنتاوي" في مقالة نشرها في صحيفة الدستور الأردنية: "كنّا نود لو أن إجراءات نقل السلطة قد بدأت قبل بضع سنوات، حتى لا يتسبب خروج الرئيس عباس من المسرح السياسي الفلسطيني، بكثير من الإرباك والفراغات، سيما وأن الوضع الداخلي لحركة فتح، الفصيل القائد للسلطة والمنظمة، ليس على ما يرام، في ظل غياب قيادات كارزمية قادرة على توحيد الحركة، واشتداد المنافسة بين "متساوين" على خلافة الرئيس".

الرئيس يبحث عن خلفه

مَن دعا ويدعو إلى إيجاد نائب للرئيس أو انتخاب رئيس جديد هو الرئيس نفسه. لكن أطر حركة فتح ومنظمة التحرير لم تتجاوب مع دعوته وذلك لسبب بسيط هو أن غالبية أعضاء اللجنة المركزية للحركة وغالبية أعضاء المنظمة يطمحون إلى الحصول على هذا المنصب. تمرّ حركة فتح والحركة الوطنية عموماً بمرحلة مخاض عسير ومعقد. فالمؤتمر العام المقبل المقرر نهاية نوفمبر المقبل، سيقرر الاتجاهات المطلة للحركة، التي قادت النضال الوطني الفلسطيني أيام الثورة وأيام التفاوض والسلطة.

مقالات أخرى

نشر فضائح فساد في إطار الصراع على السلطة الفلسطينية

كيف يتعامل المجتمع مع أرامل الشهداء في قطاع غزة؟

والآن، بعد 22 عاماً على اتفاق أوسلو الذي هندست فتح بنوده وبعد انعدام إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة عن طريق المفاوضات بسبب ممارسات إسرائيل في القدس، وبسبب دعمها سياسات الاستيطان وهدم البيوت، لا بد من إجراء جردة حساب مع الذات ومراجعة المرحلة الماضية بهدوء وبصيرة.

والمهمة الأولى هي إنهاء الانقسام الداخلي والعمل على استكمال مرحلة التحرر الوطني وإنهاء الاحتلال. لذلك، إن حركة فتح لم يعد بإمكانها حمل هذه المهمات بالطريقة السابقة نفسها. ومن هنا فإن فتح مدعوّة إلى استعادة دورها عبر إنجاح المؤتمر وتوحيد الحركة والتخلص من الرتابة وحالة الذوبان في السلطة لتعود من جديد حركة تحرر وطني.

خشية من زيادة الانقسام

وقال الناشط السياسي عصام بكر لرصيف22: "هناك تخوف من تحويل الانقسام الفلسطيني إلى انفصال كامل، الأمر الذي سيترك آثاره على الفراغ القيادي الذي سيخلقه قرار الرئيس عباس مغادرة المشهد لأي سبب كان". وأضاف: "قرار كهذا سيدخلنا في صراعات واختلافات عميقة أكثر خطورة من الأزمة القيادية التي نعيشها الآن. فأدوات النظام السياسي ومكوناته المعروفة لم يعد بمقدورها العمل بالطرق السابقة ما ينذر بتحويل الصراع على السلطة من حالة الاختلاف الطبيعي إلى الاحتراب من جديد. وعليه ستبدو صورة المشهد بالغة القسوة والتعقيد".

ويتفق مع بكر رئيس وحدة المناصرة في مؤسسة الحق والمحاضر في جامعة بيرزيت عصام عابدين الذي قال لرصيف22 إن "رحيل فرد في ظل غياب إصلاحات جدية في المؤسسة، وغياب آلية اتخاذ القرار يعني الذهاب باتجاه الفوضى والمزيد من التفكك والتشرذم. فهذه عملية متكاملة. إما أن تسير سريعاً باتجاهها قبل فوات الأوان أو أن تسير بالاتجاه المعاكس نحو المجهول. والجميع سيدفع الثمن في نهاية المطاف وقد يكون باهظاً".

وتابع: "يجب أن يكون هناك إرادة سياسية جادة لإجراء إصلاحات حقيقية في إطار منظمة التحرير وهياكلها، وفي السلطة وأجهزتها وعلاقتها بالدولة وآلية اتخاذ القرار، وذلك على أسس ديمقراطية شفافة قبل فوات الأوان". ورأى أن "العمل على ترميم النظام السياسي الفلسطيني المترنح وتأمين انتقال ديمقراطي وسلس للسلطة يمثّل بشكل حقيقي وشامل الفلسطينيين أينما وجدوا. والأمر يتطلب بالضرورة الحرص على إشراك المجتمع المدني الفلسطيني بجميع شرائحه وأطيافه في مسار الإصلاحات وعملية اتخاذ القرار بعيداً عن التفرد بالسلطة وبالقرار".

لا اسم متفق عليه

يتداول مقربون من الرئيس أسماء ماجد فرج وصائب عريقات. وفي الطرف الآخر تُطرح أسماء مثل محمد دحلان، سلام فياض، الأسير مروان البرغوثي. المثير بالنسبة للكثيرين هو لعبة التحالفات والتكتلات التي ستحصل بين قيادات فتح. واستنتج المحلل السياسي الإسرائيلي بن كاسبيت أن أكثر ما يثير القلق في إسرائيل هو أن يترشح القيادي مروان البرغوثي الذي يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة في سجون الاحتلال وأن يتم انتخابه.

ونقل كاسبيت عن أوساط سياسية وأمنية إسرائيلية قولها إن انتخاب البرغوثي سيشكل تحدياً هائلاً لإسرائيل، لأن العالم سيتعامل معه كرئيس معتقل من قبل قوة احتلال، وهذا ما يمثل "تسونامي" سياسياً وديبلوماسياً كبيراً، وسيقلص من هامش المناورة أمام حكومة تل أبيب ويزيد من حرجها. أسماء كثيرة تطرح. ولكن الأهم هو مدى نجاح هذه الأسماء في استقطاب أكبر عدد من المواطنين من مختلف الأطياف والقطاعات، ومدى قدرتها على تشكيل التحالف والتكتل الذي سيحوّل أحد الأسماء إلى الاسم الأكثر قبولاً والأوفر حظاً.

ويُجمع غالبية أعضاء القيادة الميدانية لفتح على أن الحركة لن تتفق أبداً على شخص واحد، وأن الخليفة سيعاني مما عاناه أبو مازن من معسكرات وتيارات متناقضة داخل الحركة. وقال رئيس جهاز الإحصاء الفلسطيني لؤي شبانة لرصيف22: "أظن أن السؤال الجوهري يتعدى التفكير في الرئيس وخليفته. المسألة أبعد من ذلك، فالموضوع يتعلق بجوهر قضيتنا وإلى أين وصلنا في المشروع الوطني. فبرغم الانجازات الرمزية على الصعيد السياسي، وصلنا إلى مرحلة متهالكة من العمل الوطني غابت فيها معاني التضحية والعمل الجماعي والكفاح الوطني".

وأضاف: "نحن بحاجة إلى الإجابة عن سؤال أكبر: هل تكون سلطة أم لا؟ في كل الأحوال، أظن أنه لا توجد لدينا خطة؟ وفي تقديري المتواضع إن ما يجري هو أقرب إلى مشاهد الإثارة وليس عملاً سياسياً ناضجاً. فلا يوجد حراك ولا نقاش ولا تشاور على الصعيد الوطني إلا في نطاق دوائر صغيرة جداً بينما نحن بحاجة إلى حوار وطني شامل خارج أطر الهياكل المتهالكة التي لم تعد تحظى بشرعية قانونية أو شعبية تمثيلية".

أين حركة حماس؟

برغم أن الرئيس الفلسطيني قد أعلن في مناسبات عدّة أنه لن يبقى رئيساً للسلطة مدى الحياة، فإن هذا الأمر يرتبط بعدد من القضايا أهمها الانقسام والعلاقة مع حركة حماس. وقال المتخصص في شؤون الانتخابات عارف جفال لرصيف22: "لا يمكن إجراء الانتخابات من الناحية العملية في ظل عدم موافقة حماس. وإذا أصرّ أبو مازن على مغادرة الحياة السياسية فلا بد له من الاتفاق مع حماس على موعد للانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية. أما مغادرته بدون ترتيبات مسبقة فهذا سيؤسس للفوضى والانقسام".

وأضاف: "مغادرة الرئيس دون الاتفاق مع حماس ستعزز الانقسام بشكل جوهري وعميق وذلك أن مغادرته دون ترتيب تعني تسلم حماس للرئاسة حسب القانون الأساسي. وفي حال عدم موافقة فتح على ذلك، سيتعزز الانقسام، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى صدامات داخلية ولن يستطيع أي قائد أن يقول إنه يحظى بالشرعية حتى لو كانت شرعية منظمة التحرير".

في الأخير، فإن فاتورة غياب الرئيس الفلسطيني عن منصبه دون إتمام الترتيبات الديمقراطية الملائمة لاختيار خلف له، سيدفع ثمنها المواطن أولاً. لذلك فإن الفلسطيني حالياً تائه لا يعرف إلى أين يذهب وما هو المخرج من هذا المأزق.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image