لطالما قيل إن في الدول الديكتاتورية، ومن بينها بعض الدول العربية، توجد تحت المدن الأصلية، غرف سريّة يرسل إليها المواطنون، ليس ذوو التهم الجنائية، بل التهم السياسية. سوء السمعة، الذي تتصف بها بعض السجون والمعتقلات العربية ينبع من وسائل التعذيب التي لا تخالف كل الأعراف والقوانين المحلية والدولية فحسب، بل تتخطى حدود الخيال في الإذلال الذي تتضمنه. رصيف22 يقدم لمحة عمّا يمكن أن تواجهوه إذا زرتم أحد السراديب السرية.
الكرسي الألماني
يعدّ من أشهر وسائل التعذيب في السجون، ويقال إنه مستمد من السجون النازية كما تعود جذوره إلى العصور الوسطى لكن بصورة أقل تطوراً. يُحكم وثاق المعتقل على الكرسي من ناحية القدمين واليدين. ظهر الكرسي المتحرك يسمح بتمديد جسد المعتقل بالطول ثم يتم ثنيه بالعكس حتى تتكسر فقرات ظهره شيئاً فشيئاً. قد يسبب ذلك الشلل والإعاقة الدائمة.
بساط الريح
هناك صورة شعرية في اسم وسيلة التعذيب هذه، فبساط الريح يتجاوز قوانين الفيزياء، وفيه استعادة لأساطير القدماء وقصص سندباد. لكن في المعتقل، لبساط الريح دلالات أخرى، إذ يربط المعتقل على قطعة من الخشب إما مربعة أو لها شكل الجسم البشري، فيبدو كأنه يحلّق وتنهال عليه أساليب التعذيب المختلفة. يمكن طوي البساط بحيث يلامس رأس المعتقل قدميه. يرجح أن يكون هذ الأسلوب مشتقاً من الصلب الذي تعود جذوره إلى ما قبل الميلاد.
الدولاب
يعود هذا الأسلوب إلى العصور الوسطى وما زال مستمراً إلى الآن، إلا أن شكله المعاصر اختلف. هناك أساليب مختلفة لاستخدام هذه الوسيلة: عبر ربط يدي وقدمي المعتقل بالدولاب، سواء من جهة البطن أو جهة الظهر، ثم تعذيبه؛ أو عبر وضع المعتقل داخل الدولاب بحيث تلامس يداه قدميه وتمارس عمليات التعذيب المختلفة عليه.
الشبح
لا يمكن تحديد أصل الكلمة بدقة، فلها لفظان "الشَبح" أو "الشبِح"، لكن يمكن ربطها بحالة الطفو أو الخفة التي تصيب المعتقل، ليصبح أقرب للشبَح، إذ يبقى طافياً فوق الأرض التي تلامسها أطراف أصابعه. يعلق من يديه في السقف، ويبقى جسده متدلياً لتمارس عليه أساليب التعذيب المختلفة. يروي مَن مورست عليهم هذه الوسيلة أن الوضعية تدفع الألم إلى أقصاه. الحوادث المسجلة لاستخدام هذا الأسلوب تعود إلى عصر النهضة باسم Strappado حيث تربط يداي المعتقل نحو الخلف ويتمّ رفعه حتى تتحطم مفاصله.
الغرفة والمفتاح
هذا الأسلوب يعتمد على اغتيال العقل، وعلى ضرب البنى الفكرية التي تقوم عليها أساليب المحاكمة العقلية. يوضع السجين ببساطة في غرفة ذات سقف عالٍ ويعلق مفتاح الغرفة في أعلاها ويُرسم سلّم على الجدار من الأرض إلى مكان المفتاح. المفتاح فعلياً للغرفة، يطلب من المعتقل صعود السلّم لالتقاطه والخروج. قد يتخلل ذلك عمليات تعذيب في سبيل إقناع المعتقل بالحصول على المفتاح.
الآلة قادرة على إيصال العذاب إلى أقصاه بصورة مختلفة عن أسلوب الضرب الذي يقوم به شخص. فعلاقة “إنسان-إنسان” يحكمها التعب أو القدرة الفيزيولوجية، أما الآلة فلا تتعب، إنها كائن أصم هدفه إحداث الألم فقط
سوء السمعة الذي تتصف بها بعض السجون والمعتقلات العربية ينبع من وسائل التعذيب التي لا تخالف كل الأعراف والقوانين المحلية والدولية فحسب، بل تتخطى حدود الخيال في الإذلال الذي تتضمنه
الصعق بالكهرباء
في المعتقلات وأقبية التعذيب، يمر تيار كهربائي بتوتر عالٍ عبر جسد المعتقل، معطلاً بعض وظائفه الحيوية ومقلصاً عضلاته وأحياناً مسبباً ضرراً دائماً في الدماغ. يعمد هذا الأسلوب إلى تحديد التوتر المطلوب للحفاظ على المعتقل حياً وشاعراً بالألم، لأن فقدانه هذا الشعور يجعل تعذيبه بلا جدوى.
الغسّالة
لا ارتباط بين الاسم وشكل التعذيب. إنه نوع من التشويه السيميولوجي لتصعيد المنحى المجازي في هذا الأسلوب. يمد المعتقل يديه في ما يشبه الطبل الأجوف أو الغسالة اليدوية ثم تدخل يداه في ما يشبه المغزل لتسحق أصابعه وأطرافه. الاسم هنا مشتق من الوعاء الذي يحتضن عملية التعذيب لا من وضع الجسد.
المنفردة
واضح أنها تعني وضع أحدهم منفرداً في زنزانة منفصلة لكن هذا لا يحصل دائماً. فنتيجة اكتظاظ السجون، يوضع أشخاص عدة في زنزانة منفردة واحدة، هنا تعجز الحاسة الفنية (نظرياً) لدى المعتقل عن تدوين ما يحصل في دماغه ليرويه عندما يخرج، إذ يغرق في مفرزاته ومفرزات غيره. تزاحم الأجساد يعيد تكوين الجسد نفسه فيكتسي بطبقة جديدة نتيجة الحرمان من الضوء وانعدام النظافة.
هناك مئات الأساليب المستخدمة في السجون حالياً، وكل يوم تُبتدع وسائل جديدة. من الصعب تحديد بداية استخدام كل وسيلة والمصادر المرتبطة بها. التعذيب سطوة تستخدم للحصول على المعلومات، لكنه تطور إلى أسلوب لزرع الرعب. بالإضافة إلى الضرب، تدخل الآلة بوصفها حضوراً رمزياً لإشباع الرغبة بالحصول على لذة لدى مَن يقوم بالتعذيب. الآلة قادرة على إيصال العذاب إلى أقصاه بصورة مختلفة عن أسلوب الضرب الذي يقوم به شخص. فعلاقة “إنسان-إنسان” يحكمها التعب أو القدرة الفيزيولوجية، أما الآلة فلا تتعب، إنها كائن أصم هدفه الألم فقط.
نشر هذا الموضوع على الموقع في 11.04.2015
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ يومينلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...