مشهد شباب بحرينيين في مقتبل العمر، متهمين بالتجمهر أو كراهية النظام أو تهم سياسية أخرى، يساقون مكبلين بالسلاسل الحديدية، تقودهم عناصر من المخابرات بلباس مدني، أو من الشرطة التي تنتمي إلى جنسيات عربية (أردنية، سورية، يمنية، عراقية)، أو آسيوية (هندية أو باكستانية أو بلوشية)، بات مألوفاً في المحاكم ومراكز الشرطة، وحتى في غرف التحقيقات.
فوزارة الداخلية البحرينية تعتمد على الأجانب، الذين يصفهم المعارضون للنظام بـ"المرتزقة"، في حفظ الأمن والقيام بغالبية الوظائف في الوزارة، بدءاً من الحراسة حتى الترهيب والتعذيب في الغرف المغلقة.
فقد شكا السجناء في سجن جو، بعد حادثة تمرد قام بها محكومون في مارس الماضي، بسبب تعرضهم للتعذيب والتعنيف من ضباط أردنيين لم يكونوا موجودين قبل ذلك، تمت الاستعانة بهم لـ"إعادة النظام إلى السجن".
كذلك يتندر البحرينيون غالباً، على بعض نقاط التفتيش في الشوارع العامة أو على مداخل القرى، التي تتكون من قوات أمن غير بحرينيين، ولا يجيدون التحدث باللغة العربية في أحيان كثيرة، فيطلبون منهم إبراز الـ"بتاكة" أي بطاقة الهوية، وفتح الـ"سنتوك" أي صندوق السيارة للقيام بتفتيشه.
مقالات أخرى
اقتراحات لحل الأزمة البحرينية بطريقة سلمية
ماذا تفعل في البحرين إذا زرتها في عطلة نهاية الأسبوع؟
يقول سيد يوسف المحافظة، نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، إن "المركز سجّل شكاوى لمئات المواطنين الشيعة، الذين تقدموا لوظائف في الأجهزة الأمنية ولم يحصلوا عليها. من الواضح أن الأجهزة الأمنية مشكلة من طائفة واحدة، وبيّنت إحصاءات سابقة أن الشيعة يشكلون 4% في الأجهزة الأمنية، وهي النسبة التي انخفضت بعد عام 2011، وغالبيتهم في وظائف دنيا ومخبرون وحراس في مناطق غير مهمة، أو في شرطة المجتمع".
ويضيف: "في السنة الأخيرة تم توظيف عدد أكبر من المواطنين الشيعة في شرطة المجتمع، وهي الشرطة التي تعمل في تنظيم الفعاليات والوظائف التي لا تتطلب أسلحة. فالمواطن الشيعي لا يعطى سلاح كبقية أفراد الشرطة، ولا يضم لفرق أمنية مسلحة".
وأوضح المحافظة أن "نسبة الشيعة في قوة دفاع البحرين (الجيش) لا تزيد عن 1%، حتى بعد عام 2011، بقي الجيش مكتفياً بمنتسبيه السنة من مختلف الجنسيات".
وأشار المحافظة إلى أن "الشيعة الذين هم في مرتبة الضباط لا تتجاوز نسبتهم1% أيضاً، بحسب إحصاءات لمركز البحرين لحقوق الإنسان، وقد اعتمد لوضعها على شهادات ومعلومات ومستندات".
ولفت إلى أن "غالبية منتسبي وزارة الداخلية هم من الطائقة السنية الكريمة، خصوصاً في قوات مكافحة الشغب، وغالبية العاملين في أجهزة المخابرات من جنسيات عربية من خلفيات عشائرية من سوريا، وتحديداً من منطقة البوكمال في محافظة دير الزور والأردن. وازدادت أعدادهم في السنوات الأخيرة في ظل اتفاقيات أمنية، بالإضافة إلى المستقدمين من باكستان، وتحديداً من إقليم بلوشستان، وجنسيات أخرى كاليمن، والدليل على ذلك أن غالبية المصابين أخيراً في المواجهات مع المتظاهرين أو الذين فقدوا حياتهم هم من جنسيات باكستانية ويمنية".
وبيّن المحافظة أن "استقدام الأجانب للعمل في الأجهزة الأمنية، ليست سياسة جديدة، لكنها أصبحت حادة بشكل واضح منذ العام 2011".
مرتزقة؟
في مقابلة أجراها وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد آل خليفة مع إحدى القنوات الفضائية، علل فيها استخدام الأجانب في المواجهات قائلاً: "لا يمكن أن نوظف شيعة أو سنة بحرينيين في كتيبة حفظ النظام، ونأمرها بمعالجة أمر ما في إحدى القرى، فنحن بذلك نخلق مشكلة أكبر، فليس من الممكن أن نطلب من شخص في بلد صغير، الكل يعرف الآخر فيه أن يقوم بذلك، لذا نستقدم منتسبي الشرطة وعمليات الأمن، من مناطق بعيدة لأنهم لا يعرفون بعضهم بعضاً، ومن واجبي أن أحافظ على هذا التجانس وليس العكس".
وفي تعريفه للمرتزقة قال آل خليفة: "المرتزقة، هو الشخص المستأجر للقيام بعمل ما، وغالباً ما يكون هذا العمل خطيراً وفيه مغامرة، وقد يكون غير قانوني. نحن ليس لدينا مرتزقة، لدينا أخوة يعملون معنا، وهو ليس بالأمر الجديد، هم يعملون معنا منذ سنوات، ومنهم من أصبح يحمل الجنسية البحرينية، وأبناؤهم اليوم يعلمون في وزارة الداخلية"، مؤكداً أن كل الطوائف ممثلة في وزارة الداخلية.
كما كتب وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد آل خليفة، في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي Twitter في أغسطس الماضي، إن "منع الشيعة من الالتحاق بالشرطة كذبة كبرى، ووزارة الداخلية فتحت باب العمل لكل بحريني، من يمنع الشيعة ويخوّفهم هم إرهابيو القرى والشوارع"، في إشارة إلى المتظاهرين.
تفرقة طائفية
ولفت نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان إلى أن "المنتسبين للأجهزة الأمنية من الأجانب، يأتون فقط بهدف العمل في البحرين بسبب العوز والظروف الاقتصادية. فالبحرين توفر الوظيفة والحياة الكريمة والجنسية، وهذا ما يجعل الوظيفة جذابة، لكنهم لاحقاً يصبحون جزءاً من مشكلة طائفية في البحرين".
ويضيف: "أصبحت هذه الجنسيات طرفاً في نزاع طائفي بين السلطة والشيعة، وأصبح هناك حالة من الكراهية ضد هذه الجنسيات، لوجودهم في الأجهزة الأمنية، وللممارسات والانتهاكات التي تمارسها هذه الأجهزة ضد المتظاهرين".
وقال الشيخ ميثم السلمان، عضو مرصد البحرين لحقوق الإنسان: "ليس من المناسب لغير البحرينيين أن يصبحوا جزءاً من الأزمة السياسية والاجتماعية، بل المطلوب من جميع الأطراف، حكومةً ومعارضةً وموالاة، أن يرحبوا بالجاليات الأجنبية، وأن لا يزجوا بهم ويفرضوا عليهم مواقف سياسية واجتماعية تجاه المعارضة".
وكان تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، تقرير بسيوني، أوصى بإدماج جميع المكونات الوطنية في أجهزة الأمن والشرطة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...