يقال إن "ربَّ صدفةٍ خيرٌ من ألفِ ميعاد". فكيف إذا قادت الصدفة إلى اكتشاف معالم أثرية ذات قيمة في العالم العربي. صدفة وثّقت تاريخ حضاراتٍ عريقةٍ قامت ونشأت في شرقنا الأوسط، وكانت شاهداً على حقبةٍ زمنية عاشها أجدادنا، منها ما كان اكتشافاً فردياً، ومنها ما كان نتيجة تنقيب وبحث، إلا أن ما يجمع الاثنين هو الصدفة. إليكم أبرز الآثار المكتشفة صدفة في منطقتنا العربية.
أوغاريت
اكتشفت هذه المملكة عام 1928، عندما كان رجل من أهالي منطقة برج القصب يدعى محمود منلا يحرث حقله بالقرب من خليجٍ يقع على بعد 10 كلم شمال مدينة اللاذقية السورية. فبينما كان يقوم بعمله لاحظ أن المحراث يصطدم بجسم صلب، ثم وجد ورفاقه مدفناً قديماً مبنياً بالحجر المصقول، وبعد أن وصل خبر الاكتشاف إلى اللاذقية، التي كانت واقعة آنذاك تحت الاحتلال الفرنسي، انطلقت أعمال الحفر والتنقيب الأثري في منطقة رأس شمرة، لتأتي بعثة فرنسية برئاسة العالم الأثري شيفري وتبدأ تاريخاً طويلاً من الكشف الأثري.
تعتبر أوغاريت مدينة الأبجدية الأولى، إذ قدمت المملكة أغنى أبجدية معروفة في العالم، تحتوي على 30 حرفاً. كما قدمت أقدم تنويط موسيقي وجد حتى الآن ، فظهرت أول مدونة موسيقية عرفتها البشرية في رأس شمرا قبل 3500 عام.
مملكة ماري
البحث عن شاهدة إحدى القبور، قادت سكان تل الحريري، الواقع على الضفة اليمنى من نهر الفرات في سوريا، إلى محاولة اقتلاع حجرةٍ من الأرض، ليكتشفوا أنها جزء من تمثال مفقود الرأس وعليه كتابة مسمارية، كان ذلك في أغسطس عام 1933.
تمّ إبلاغ مديرية الآثار التابعة للمفوضية السامية في بيروت، ووصل الخبر إلى باريس وأرسل العالم أندريه بارو لمباشرة أعمال التنقيب. أول ما اكتشفه بارو كان تمثالاً لرجل واقف وهو يضم يديه، وعلى كتفه كتابة مسمارية تشير إلى أنه يدعى أشكي ملك ماري.
الاكتشاف الأهم كان معبد عشتار، الذي أرّخ لعصر حمورابي، كما تم الكشف عن القصر الملكي المؤرخ بالألف الثاني قبل الميلاد. وقد عثر أيضاً على تمثال ربة الينبوع الذي كان محطماً، وهو آلهة تتخذ وضعية الوقوف وتقبض بين يديها على إناء وفوق ثوبها خطوط تشير للمياه الجارية وفيها أسماك، وهذا التمثال يرمز إلى نهر الفرات.
قلعة عنجر
ترك الأرمن أرضهم وبيوتهم في جبل موسى بلواء الإسكندرون، ورفضوا أن يكونوا مواطنين أتراكاً، ليحطوا رحالهم في مدينة عنجر. أمضى الأرمن سنوات يعيشون في الخيام، وحين باشروا أعمال الحفر لبناءِ المنازل اكتشفوا بعض الآثار على الهضبة، فتم إخبار السلطات وأحضر المهندسين الفرنسيين كون لبنان كان لا يزال تحت الانتداب الفرنسي. فتم التنقيب عن الآثار واكتشفت القلعة الأثرية، التي تمتد تحت الهضبة.
الخبيئة الفرعونية
تركت الماعز التي يملكها الأخوان أحمد ومحمد عبد الرسول مكانها، تبعاها لإعادتها، فاكتشفا بئراً لم يكن أحد يعلم بوجودها. وبعد النزول إلى البئر لاكتشاف ما فيها، وجدا ممراً منحوتاً في الصخر فيه أهم مقبرة فرعونية، ضمت مومياءات وتجهيزات جنائزية لنحو خمسين شخصية من ملوك وأمراء ونبلاء، من أسر مختلفة تناوبت على حكم مصر.
حدث هذا الاكتشاف عام 1871، في منطقة الدير البحري، إلا أنه بقي سراً في محيط العائلة عشرة أعوام، يبيعون خلالها ما خف وزنه. إلا أن السر انكشف عام 1881 حين اشترى أحد مساعدي مدير الآثار المصرية قطعتين نادرتين منهما فجرى القبض على أحمد عبد الرسول، وتسلمت مديرية الآثار المصرية الخبيئة.
مقبرة توت عنخ آمون
بعد بقائها مجهولة لأكثر من 3000 آلاف عام، لاحظ عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر، في نوفمبر عام 1922، وأثناء قيامه بحفريات عند مدخل النفق المؤدي إلى قبر الملك رمسيس الرابع في وادي الملوك، وجود قبو كبير عند مدخل النفق.
وبدأ بالتنقيب الدقيق إلى أن دخل إلى الغرفة التي تضم ضريح توت عنخ أمون، فرأى صندوقاً خشبياً عليه نقوش مطعمة بالذهب في وسط الغرفة. وحين رفع الصندوق لاحظ أنه يغطي صندوقاً ثانياً مزخرفاً بنقوش مطعمة بالذهب ثم صندوقاً ثالثاً، إلى أن وصل إلى التابوت الحجري الذي كان مغطى بطبقة سميكة من الحجر المنحوت على شكل تمثال لتوت عنخ أمون، وعند رفعه للغطاء الحجري وصل إلى التابوت الذهبي الرئيسي الذي كان على هيئة تمثال لتوت عنخ أمون، وكان يغطي تابوتين ذهبيين آخرين على هيئة تماثيل للفرعون الشاب.
مقالات أخرى
القصور الصحراوية في تطاوين التونسية حيث صُوّر فيلم Star Wars
محاولات إنقاذ آثار الحضارة النوبية في السودان
اضطر كارتر إلى قطع الكفن الذهبي إلى نصفين ليصل إلى المومياء الذي كان ملفوفاً بطبقات من الحرير، وبعد إزالة الكفن المصنوع من القماش وجد مومياء توت عنخ أمون بكامل زينته من قلائد وخواتم والتاج والعصي وكلها من الذهب الخالص.
معبد تحتمس الثالث
في نهاية شهر أكتوبر الماضي، قرر المواطن المصري محمد عبد النبي أن يحفر في الأرض لبناء غرفة صرف صحي لمنزله. اكتشف بعد الحفر أمتاراً عدة لوحة أثرية وبقايا تمثال غرانيت، فأبلغ الجبهة الشعبية للدفاع عن الآثار. وبدأت أعمال الحفر والتنقيب ليتم اكتشاف معبد يعود لأحد قادة جيوش العصور الوسطى، وهو الملك تحتمس الثالث، الملقب بالفرعون الأسطورة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...