شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"كحك العيد"، من أفواه الكهنة إلى موائد المصريين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 23 أغسطس 201602:34 م

على مدى مئات السنين، ارتبط الاحتفال بعيد الفطر عند المصريين، بإعداد "الكحك" (كعك العيد)، الذي يشهد طقوساً معينة لدى عجنه وخبزه في الأسبوع الأخير من شهر رمضان. إذ تعج مناطق مصر، خصوصاً في الأرياف وأحياء القاهرة القديمة، بصاجات "الكحك" التي تستعد النساء والأطفال لإعدادها، في أجواء احتفالية تستمر حتى ليلة العيد.

"الكحك" بهجة عيد المصريين

على الرغم من الأوضاع الاقتصادية المتوترة، والأزمات المادية في الشارع المصري، فإن الأسر البسيطة هي الأكثر تمسكاً بصنع "الكحك المنزلي"، مع أن مستلزماته من سمن ودقيق ومكسرات، تستوجب إنفاق المئات من الجنيهات لإعداده. لكن الواضح أن البهجة التي تدخلها "صاجات الكحك" في قلب العديد من الأسر لا تقدر بالمال.

لطالما عرف "الكحك"، منذ عشرات السنين، بأنه رمز البهجة والاحتفال بعيد الفطر، إلا أن تاريخه يعود إلى أصول فرعونية. ظهر "الكحك" في عهد القدماء المصريين منذ نحو 5 آلاف سنة، كان يقوم الخبازون في بلاط زوجات الملوك بإعداده وتقديمه إلى الكهنة المسؤولين عن حراسة مقابر الملوك الكبار، مثل خوفو، بحسب صلاح خطاب المتخصص في العادات والمعتقدات، في المعهد العالي للفنون الشعبية.

كحك العيد من أفواه الكهنة إلى موائد المصريين - صورة 1restaurante-kaialde_Flcikr

وقد أبدع المصريون القدماء في إعداد "الكحك"، إذ بلغت أشكاله المئة، وتعددت باختلاف مقابر الملوك، التي كانت تقدم لها "الكحك" قرابين. واتخذت هذه الأشكال طابعاً هندسياً، ونقشت عليها رسوم حيوانات ونباتات.

أما عملية صناعة "الكحك" نفسها، فقد صورت على جدران مقبرة "طيبة" و"منف"، في معبد الأقصر. هناك نقشت رسوم تشرح كيف كان القدماء يخلطون السمن والعسل والدقيق، في أوانٍ تشتعل تحتها النيران حتى يتحول المزيج إلى عجينة، ثم يحشون "الكحك" بالفواكه المجففة لتقديمه مع الجبن الأبيض وزجاجات عسل النحل الخالص.

بعد ذلك، امتدت صناعة "الكحك" على مدار التاريخ الإسلامي، فكانت الدولة الفاطمية تخصص 20 ألف دينار لصنع "الكحك" في عيد الفطر. واستمرت هذه الصناعة في العهد العثماني، إذ كانوا يقدمونه للفقراء ورجال الدين في قوالب منقوش عليها عبارة "كل واشكر مولاك"، وهي موجودة حتى اليوم داخل متحف الفن الإسلامي في القاهرة.

كحك العيد من أفواه الكهنة إلى موائد المصريين - صورة 2youtube

وتقوم بعض الأسر المصرية الآن بشراء "الكحك" الجاهز من محالّ الحلويات، لكونه يحتاج إلى طاقة ووقت لإعداده. يقول محمد زياد أحد العاملين في أحد المتاحر الشهيرة وسط المدينة، إن "الناس بدأت تشتري كحك العيد من أسبوعين تقريباً، وآخر أسبوع في شهر رمضان قد يدخل المحل يومياً 600 زبون لشراء الكحك والبسكويت".

ربما ترجع طوابير الزبائن أمام محالّ الحلويات خصوصاً عشية عيد الفطر، إلى المثل الشعبي المصري، الذي يقول: "بعد العيد ما يتفتلش كحك". وهو مثل يؤكد عادة المصريين في إعداد "الكحك" أو شرائه احتفالاً بعيد الفطر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image