شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الشيعة في مصر... شعور بالاضطهاد وبحث عن المساواة والاعتراف

الشيعة في مصر... شعور بالاضطهاد وبحث عن المساواة والاعتراف

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

تُسلَّط الأضواء على الوجود الشيعي في مصر بين آونة وأخرى وفقاً للتطورات التي تظهر على الساحة، سواء خلال المناسبات الدينية الخاصة بهم والتي قد تؤدي إلى بعض المناوشات مع المتشددين من السنّة، أو حينما يطرأ موقف ما على الساحة السياسية يمسهم بشكل أو بآخر، مثل الحرب الأخيرة في اليمن.

ولعل قضية مقتل الزعيم الشيعي المصري حسن شحاتة تُعَدّ أحدث الوقائع التي تعيد إلى الضوء النظر في أوضاع الشيعة في مصر كأقلية دينية. فقد حكمت إحدى المحاكم المصرية، في شباط/ فبراير 2016، بالسجن المشدد 14 عاماً لثلاثة أشخاص بتهمة قتل شحاتة وثلاثة من أتباعه عمداً، بعد توجههم، في حزيران/ يونيو 2013، إلى مكان وجود الضحايا وإجبارهم على الخروج من المنزل وضربهم وطعنهم بالأسلحة البيضاء حتى الموت، في ما عُرف إعلامياً بقضية "فتنة الشيعة".

بدايات الشيعة في مصر

بدأ النشاط الشيعي في مصر في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، واستمر حتى السبعينيات. وظهرت في تلك الفترة جمعية "آل البيت" التى تُعدّ أبرز الجمعيات الشيعية وما زالت تعمل حتى الآن. ويدين العدد الأكبر من الشيعة المصريين بالمذهب الجعفري أو "الاثني عشري" والذي يعترف به الأزهر.

وقال صالح الورداني في كتابه "الشيعة في مصر" إنه مع بدايات الثمانينيات، أثّر نجاح الثورة الإسلامية في إيران على موقف الحكومة المصرية من الشيعة في مصر، فصار يراوح بين التربص بهم وحصارهم إعلامياً، نظراً لأن السلطة المصرية كانت تتخذ موقفاً معادياً من الثورة آنذآك.

أما عن أعداد معتنقي المذهب الشيعي في مصر، فمن الصعب التوصل إلى إحصاء دقيق، إذ لم تصدر إحصاءات رسمية من قبل أيّة مؤسسة حكومية بهذا الخصوص. ولكن آخر تقرير صدر عن مركز ابن خلدون للأبحاث في القاهرة قدّر عددهم بنحو 700 ألف، فيما يصرح عدد من قادة المذهب الشيعي في مصر بأن العدد يزيد عن ذلك بكثير ويصل إلى نحو مليون ونصف المليون.

اتهامات بنشر التشيع وتلقي تمويل خارجي

يعاني الشيعة في مصر من هجوم دائم عليهم من قبل بعض الجماعات المتشددة التي تكيل لهم اتهامات متكررة بأنهم يسعون إلى التوغل داخل البلاد ونشر التشيع، وبأنهم يتخذون بعض الطرق الصوفية غطاءً لهم، بالإضافة إلى اتهامهم بالتعاون مع إيران وتلقي التمويل منها لتحقيق أغراضها.

وفي هذا السياق، يعتبر المفكر المصري الشيعي البارز أحمد راسم النفيس أن هذه الاتهامات مغرضة وعارية تماماً من الصحة، ويقول لرصيف22 إن "التمويلات تغرق العالم العربي والإسلامي، وليس هناك ما هو أسهل من توجيه الاهتامات الباطلة، وحتى وإنْ صحّت، فمن حق أيّة دولة أن تدعم فصيلاً ترى أن حقه مهضوم".

وكل فترة، يظهر في مصر نقاش أو سجال مرتبط بالشيعة وعقائد الشيعة. فعلى سبيل المثال، صرّح شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، في حزيران/ يونيو 2015، بأن "الأزهر لا يمكنه أن يقف مكتوف الأيدي أمام ترويج قضايا تطعن مباشرة في عقيدة أهل السنة". وبعد حديثه عن خلاف السنّة والشيعة حول "عدالة الصحابة" مفصلاً أن "أهل السنة يعتقدون أن الصحابة عدول، والشيعة للأسف الشديد ينكرون هذه القضية... وأحياناً هذا النقد يؤدي بالغلاة والمتطرفين منهم إلى الجرأة على تكفير صحابة الرسول"، أكّد أن طرحه هذا الموضوع في ذلك التوقيت سببه أنه "كثر علينا الهجوم من التبشير الشيعي".

يعاني الشيعة في مصر من هجوم دائم عليهم من قبل بعض الجماعات المتشددة التي تكيل لهم اتهامات متكررة بأنهم يسعون إلى نشر التشيع ويتعاونون مع إيران ويتلقون التمويل منها لتحقيق أغراضها

وعن حالة الاضطهاد التي يشعر بها الشيعة في مصر، يقول النفيس: "هناك بالفعل حالة من الشك والارتياب بين أبناء المذهب، لكنها ليست بالشيء الجديد، فهي موجودة منذ 40 عاماً"، لافتاً إلى أن "هناك مَن يرشق الشيعة بالأكاذيب مثل الحديث عن أن كتبهم سرية، أو أن عقيدتهم لا تتماشى مع الدين، بل نجد أن مثل هذه الأقاويل تصدر عن رجال من المفترض أنهم هامات دينية مثل شيوخ أزهريين وغيرهم". ويضيف: "هناك حالة من عدم تقبل الآخر بشكل عام ليس في مصر فقط، بل في العالم العربي كله، وذلك على الرغم من أن هناك فئة ليست بالقليلة مؤمنة بأن الدين لله والوطن للجميع".

وعن النظرة السياسية لأوضاع الشيعة في مصر، يكشف النفيس أنه كانت هناك محاولات من جانب الخارجية المصرية، وخاصة وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، للتقارب مع إيران في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، إلا أن الأخير كان يرفضها خشية إغضاب ملك السعودية، في حين أن الشيعة كانوا يمارسون حياتهم وطقوسهم في المناسبات المختلفة بشكل طبيعي.

ويهتم النفيس خلال حديثه بالحرب في اليمن، والتي أثارت جدلاً كبيراً بين صفوف الشيعة في مصر، وأدانها قادة المذهب معتبرين أنها عدوان سعودي على الشعب اليمني. ويرى أن هناك حالة من الاهتمام الشديد والخوف من جانب السعودية في ما يتعلق بالشأن الشيعي في مصر، وأن السعودية تحاول مدّ سيطرتها ونفوذها داخل البلاد عن طريق تمويل العديد من الرموز الدينية والإعلامية المصرية، لافتاً إلى أن الوثائق الأخيرة التى كشف عنها موقع "ويكيليكس" أصدق دليل على ذلك.

طموحات الشباب الشيعي

أثرت التغييرات التي تعاقبت على الساحة السياسية المصرية، تحديداً بعد ثورة 25 يناير 2011، على الشيعة. ويقول إسلام الرضوي، المتحدث باسم شباب الشيعة في مصر، لرصيف22: "بعد صعود الإخوان إلى الحكم في مصر كانت هناك هجمة شرسة من جانب الجماعات السنّية المتطرفة على متبعي المذهب الشيعي، بدءاً من التحريض العلني ووصولاً إلى التهديدات المباشرة بالقتل، فيما لم تحاول السلطات في ذلك الوقت التدخل لإنهاء ذلك".

"هناك مَن يرشق الشيعة بالأكاذيب مثل الحديث عن أن كتبهم سرية، أو أن عقيدتهم لا تتماشى مع الدين، بل نجد أن مثل هذه الأقاويل تصدر عن رجال من المفترض أنهم هامات دينية مثل شيوخ أزهريين وغيرهم"

ويضيف الرضوي: "بعد سقوط الجماعة أصبح الوضع أفضل نسبياً"، موضحاً أن الحكومة التي أعقبتها لديها طموحات وتريد إثبات نفسها وعدم التورط مع تيار بعينه، ويتابع: "هناك المزيد الذي يمكن فعله، حيث يوجد العديد من الحقوق الضائعة للشيعة من بلاغات ضد متشددين وغيرها، ولم يتم التحرك بشأنها حتى الآن".

ويشير الرضوي إلى أن الشباب الشيعي يشعر ببعض الاضطهاد على المستوى الاجتماعي، "ما بين حقه المهضوم في المواطنة، وتهجيره، إلى الاضطهاد المعنوي وسط سكوت تام من الدولة"، ويخلص إلى أن هؤلاء الشباب لا يطالبون إلا بالمساواة والاعتراف بهم، وحماية حقوقهم عن طريق معاقبة المعتدين عليهم.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image