مع حلول شهر رمضان، ينفض تجار السلع التقليدية والتراثية الغبار عن بضائعهم، استعداداً للموسم الكبير الذي تنتعش فيه الأسواق الشعبية في مختلف أنحاء السعودية. فيُقبل الزائرون على شراء المأكولات الشعبية والأقمشة التقليدية، التي لا تباع إلا في مواسم عيد الفطر، ليعود الحال إلى ما كان عليه بعد أفول الشهر الكريم.

ضيق الحال في هذه الأسواق دفع التجار إلى التشاجر من أجل الحصول على شبر إضافي في السوق، والاستفادة من انتعاش الحركة التجارية خلال المهرجانات الموسمية، التي تمثّل الفرصة الوحيدة للبيع وجني الأرباح. وتمتاز الأسواق الشعبية بعرض المنتجات ذات الطابع التراثي، من الملابس التقليدية خصوصاً الجلابيب والأحذية والأواني المصنوعة من الفخار، وموائد القهوة وغيرها من المنتجات التي يُقبل عليها عادة السياح الأجانب. وتعود صناعة هذه المنتجات إلى النساء أو كما يُطلق عليهن في السعودية "الأسر المنتجة"، التي تعدّ أكثر الفئات حضوراً في المهرجانات والمعارض التراثية.
مقالات أخرى:
أن تعيش رمضان في دبي
أم صالح، امرأة سعودية تكافح لتربية أبنائها بعد وفاة زوجها، وتبرع في طهو المأكولات الشعبية التي تروج لها في المهرجانات الشعبية والتراثية في السعودية. تقول لرصيف22: "الأسواق الشعبية لعبت دوراً كبيراً في ترويج المأكولات التي ربما يندر وجودها في المطاعم الأخرى"، مضيفة: "لا أملك المال لفتح مطعم خاص بي، إلا أنني أوصل الوجبات إلى المنازل بعد إعدادها في بيتي". وتؤكد أم صالح الأسواق الشعبية هي موسم الترويج لنشاطها التجاري، إذ ساهمت هذه الأسواق في التعريف عنها.
حظيت "الأسر المنتجة" باهتمام حكومي واسع. إذ كشفت أمانة المنطقة الشرقية في السعودية أخيراً، أن "400 أسرة منتجة استفادت من الخدمات التي تقدمها لها، عبر إنشاء أسواق خاصة في عدد من محافظات ومدن الشرقية”. خلال السنوات الخمس الماضية، شاركت أكثر من 1000 أسرة منتجة في المهرجانات التي أقامتها الأمانة، وتمّ تخصيص أماكن مناسبة لعرض منتجاتهم المتنوعة. كذلك يتمّ توفير تسهيلات كبيرة لبائعات الحرف اليدوية والمأكولات الشعبية بهدف مساعدتهنّ وتشجيعهن على ممارسة هذه الأعمال، لتأمين مردود مادي مناسب لهن.
إحدى ركائز السياحة في السعودية
تعد الأسواق الشعبية في السعودية واحدة من أهم المنافذ السياحية، خصوصاً الداخلية، إذ تجذب المدن الكبيرة حيث تتمركز الأسواق الشعبية، السعوديين من مختلف المناطق، ولعلّ مهرجان جدة التاريخي يعد واحداً من أفضل نماذجها. فقد نجح هذا المهرجان، الذي يُعرف بـ"كنا كدا"، في استقطاب عدد واسع من الزوار الأجانب، إذ توافد إلى نسخته الثانية قرابة 3 آلاف سائح لمشاهدة المدينة، التي دخلت منظمة اليونسكو لحضارتها وموروثها الثقافي والإنساني.
ورأى حبيب الرحمن، الذي يعمل في أحد دكاكين بيع العطور، أن "مهرجان كنّا كدا أحيا المنطقة وساهم في إنعاش جيوب التجار، الذين كانوا يقفون أمام دكاكينهم يتلهفون لكل عابر سبيل".
العائق الوحيد: رجال الحسبة
غير أنّ هذا الإقبال على مهرجان جدة التاريخي أو غيره من المهرجانات التراثية، التي اشتهرت بها السعودية كمهرجان الجنادرية، تسبّب بأزمة أخرى تتكرّر كل عام، وهي اعتراض رجال الحسبة على اختلاط صفوف الزوار من النساء والرجال أحياناً، وعلى بعض المظاهر المصاحبة للمهرجان، والتي لا تروق رجال الشرطة الدينية. فتحوّلت الأسواق الشعبية إلى حلبات جديدة لتصارع التيار المحافظ والتيار الليبرالي. وعلى سبيل المثال، قام أفراد من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في النسخة الأخيرة من مهرجان جدة التاريخي، بجولة ميدانية أعربوا خلالها عن ملاحظاتهم الشرعية للجهات المختصة ومنها "تبرّج بعض المشاركات في الفعاليات، وعدم توفير مصليات كافية لا سيما مع وجود أعداد كبيرة من الزوار"، في حين أوقف أفراد الهيئة بث الأغاني والموسيقى، التابعة إلى إحدى الإذاعات المشاركة في الفعاليات، مطالبين المسؤولين بعدم تكرار ذلك مستقبلاً.
هذه الحوادث ليست الأولى في أروقة المهرجانات التراثية، إذ سبقتها حوادث أخرى في مهرجانات عدة، حتى باتت تشكل جدلاً سنوياً. وأبرزها ما حدث عام 2013 في مهرجان الجنادرية حين أبعد رجال الحسبة ثلاثة شبان إماراتيين مشاركين في فرق شعبية إماراتية من المهرجان، بسبب "وسامتهم وخشية افتتان زائرات الجناح الإماراتي بهم"، وهذا ما دفع إدارة المهرجان إلى تدبير سفر الشبان على جناح السرعة إلى أبو ظبي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 ساعاتهذا ليس طبيعيا، وهو ينشئ في الحالات القصوى من اضطرابات ومشاكل نفسية. الإنسان العاقل عندما يواجه...
مستخدم مجهول -
منذ 3 ساعاتAnyone that studies human psychology and biological functioning of the body and it's interactions...
مستخدم مجهول -
منذ 3 ساعات'لا يسخر قوم من قوم', لا أذكر هذه العنصرية عندما كنت في المدرسة في الجنوب.
للأسف أن المعتقد...
Mohammed Liswi -
منذ يومينعجبني الموضوع والفكرة
Ahmed Alaa -
منذ 3 أياملا حول ولا قوة إلا بالله
Hossam Sami -
منذ أسبوعالدراما المصرية فـ السبعينات الثمانينات و التسعينات كانت كارثة بمعنى الكلمة، النسبة الأغلبية...