انتشرت ظاهرة بيع الملابس العسكرية في العاصمة بغداد، بشكل لافت، بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على ثلث مساحة البلاد. الآن، صار صعباً التمييز بين المسلح الذي ينتمي إلى الدولة والمسلّح الذي ينتمي إلى ميليشيا أو عصابة في شوارع العاصمة. فالجميع يرتدون ملابس عسكرية ويمارسون وظائف الدولة ويقطعون الشوارع ويمنعون السيارات المدنية من اجتياز مواكب المسؤولين.
باتت للملابس العسكرية سوق خاصة في منطقة باب الشرقي، وسط العاصمة العراقية، يقصدها ليس مَن يدافعون عن الوطن فحسب بل أيضاً مَن ينهبونه ومَن يبحثون عن الشهرة والظهور الإعلامي من خلال الاشتراك في جبهات المعارك والتقاط الصور، بالزيّ العسكري، مع المقاتلين في القوات الأمنية والفصائل المؤيدة لها.أغلب الوزراء والسياسيين والمقربين منهم ارتدوا الزيّ العسكري بعد فتوى المرجع الشيعي البارز السيد علي السيستاني التي أطلقها لإيقاف تمدّد تنظيم "داعش" نحو العاصمة والمحافظات الجنوبية. هذا السلوك ولّد انطباعاً لدى معظم العراقيين بأن هؤلاء السياسيين يركبون الموجة للحصول على دعم شعبي برغم أنهم يتحمّلون المسؤولية عن الانتكاسة الأمنية التي حصلت في 10 يونيو 2014 والتي راح ضحيتها آلاف من المواطنين.
مواضيع أخرى:
الأحزاب العراقية لا تمتلك فقط ميليشيات بل جيوشاً إلكترونية أيضاً
أدوار لعبها بعثيون عراقيون سابقون في بناء داعش
وفي الفترة الأخيرة، زادت عمليات الخطف والاغتيالات التي ينفذها أشخاص يرتدون الزيّ العسكري ويستخدمون سيارات الدفع الرباعي، وسيطر الرعب على حياة العراقيين، وهذا ما دفع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى الطلب من عناصره عدم ارتداء الزي العسكري في المحافظات المستقرة أمنياً.
وقال محمد الربيعي، بائع الملابس العسكرية، لـرصيف22 إن "الملابس العسكرية أصبحت سلعة رائجة إذ يطلبها رجال الأمن والمدنيون"، موضحاً أن "الدولة توزّع بدلات عسكرية رديئة على رجالها، لذلك يفضّل بعضهم شراء ملابس أكثر جودة وأحسن شكلاً من المحالّ التجارية".
وأضاف: "بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل، اشترى العديد من المدنيين البدلات العسكرية من أجل مساندة الأجهزة الأمنية"، مشيراً إلى أن "هناك قياسات مختلفة تبدأ من قياسات الأطفال وتنتهي بقياسات الكبار".
وقال علي كريم، وهو أيضاً صاحب محل لبيع الملابس العسكرية في بغداد "إن فتوى المرجعية الدينية للشيعة بقتال تنظيم داعش، أنعشت سوق الملابس العسكرية، وبدأنا نستوردها من الصين، كما أن هناك العديد من شارات الرتب التي نعرضها على زبائننا".
وأشار إلى أن "محله يمتلك إجازة رسمية صادرة من وزارة الداخلية تخوّله ممارسة التجارة، لكن هناك بعض الملابس ممنوع بيعها، وتقوم لجان رسمية بالتفتيش والتدقيق بعملنا".
وقال المواطن ثائر العبيدي إن "عصابة مكوّنة من ثمانية أفراد يرتدون زياً عسكرياً قاموا باقتحام منزلنا في منطقة زيونة وسط بغداد، وسطوا على 60 مليون دينار (52 ألف دولار) ومصاغ ذهبي يقارب وزنه الكيلوغرام".
وأوضح أن "السارقين قدّموا أنفسهم على أنهم تابعون لجهة معروفة ولكن تبيّن أنهم عصابة"، مضيفاً أن "أحد أقربائي خطفته إحدى العصابات التي يرتدي أفرادها زياً عسكرياً وطلبوا فدية قيمتها 100 ألف دولار".
العضو في لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب، المسؤول عن مراقبة عمل الأجهزة الأمنية، كاظم الشمري، قال لرصيف22 إن "العراق يعاني من فلتان أمني منذ عام 2003 وزاد هذا الفلتان خلال العام الماضي، فانتشرت عمليات بيع الملابس العسكرية والأسلحة"، وأضاف أن "بعض الأشخاص ضعفاء النفس استغلوا الظرف وارتكبوا جرائم منظمة من خطف مواطنين وسرقة ممتلكاتهم".
وشدّد الشمري على ضرورة "مكافحة هذا الأمر والسيطرة على عملية بيع الملابس العسكرية من خلال وضع عقوبات صارمة"، مبيناً أن "من عوامل انتشار عملية بيع هذا النوع من الملابس غياب قوانين رادعة ووجود أجهزة أمنية فاسدة".
ودعا عضو لجنة الأمن والدفاع إلى "مواجهة حالات بيع الملابس العسكرية وحمل السلاح داخل المدن، ومنع الفصائل التي ترتدي زياً عسكرياً من التجوّل في العاصمة، لأن ذلك مؤشر سيىء على حالة السلم الاهلي ويثير مخاوف الناس"، ورأى أنه يجب حصر السلاح والزيّ بيد الأجهزة الأمنية وعدم تدخل أي جهة سياسية في ذلك.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية سعد معن إن "محالّ بيع الملابس العسكرية يجب أن تكون مرخّصة ومراقبة من قبل وزارة الداخلية، ونحن نقوم بعمليات تفتيش بشكل مستمر من أجل التأكد من أنها لا تخالف القانون".
وأضاف أن "القوات الأمنية المنتشرة في بغداد تتابع موضوع الزيّ العسكري، وقد أُلقي القبض على العديد من الأشخاص الذين يتنكرون بالملابس الرسمية وأُحيلوا إلى القضاء"، لافتاً إلى أن "بعض العصابات التي ألقينا القبض عليها كان أفرادها يرتدون زيّاً عسكرياً ويركبون سيارات دفع رباعي". وأكد أنه "لا أحد فوق القانون".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.