يشارك مئات الأشخاص الأربعاء في مراسم الحج اليهودي السنوي إلى كنيس الغريبة بجزيرة جربة جنوب شرق تونس، والذي يجري هذا العام وسط إجراءات أمنية مشددة بعد الهجوم الدموي على متحف باردو وتحذير إسرائيل من هجمات "إرهابية" في تونس.
يحظى كنيس الغريبة بمكانة خاصة عند يهود تونس ودول أخرى، باعتباره أقدم معبد يهودي في أفريقيا، ويعتبرون أنه توجد فيه واحدة من أقدم نسخ التوراة في العالم. ويحج اليهود إلى الغريبة منذ أكثر من 200 عام لإقامة طقوس دينية واحتفالات "الهيلولة" بحسب رئيس الكنيس بيريز الطرابلسي.وتتمثل هذه الطقوس والاحتفالات في إقامة صلوات وإشعال شموع داخل الكنيس والحصول على "بركة" حاخاماته وذبح قرابين (خرفان) والغناء في أجواء من الفرح وتناول نبيذ "البوخة" المستخرج من ثمار التين والذي يشتهر بصناعته يهود تونس دون سواهم. يبدأ الحج في اليوم الثالث والثلاثين من الفصح اليهودي ويستمر يومين. يعيش في تونس اليوم نحو 1500 يهودي يقيم أغلبهم في جزيرة جربة وتونس العاصمة. غير أنه قبل استقلالها عن فرنسا سنة 1956، كان يعيش في تونس 100 ألف يهودي، غادر معظمهم البلاد بعد الاستقلال نحو أوروبا وإسرائيل.
إجراءات مشددة لضمان أمن موسم الحج
عند منافذ جزيرة جربة، ركزت قوات الأمن حواجز لتفتيش السيارات والتثبت من هويات القادمين، كما تم تركيز حواجز مماثلة حول "الحارة الكبيرة"، أكبر حي لليهود في جربة.
وأغلق الأمن محيط كنيس الغريبة الذي تحرس مدخله شاحنات شرطة عديدة ومدرعة تابعة للجيش. في حين تم تزيين الكنيس ومحيطه بأعلام تونسية صغيرة بمناسبة الحج. عادة، يتوافد أغلب الحجاج على الكنيس بعد الظهر، لكن أعداداً منهم وصلوا منذ الصباح. تقول لورين بندايان (60 عاماً) القادمة من فرنسا "هناك أمن كثير، نرى العسكريين والشرطة في كل مكان وهذا يطمئننا".ويقام الحج اليهودي وسط إجراءات أمنية مشددة منذ أن تعرض كنيس الغريبة في 11 أبريل 2002 لهجوم انتحاري بشاحنة مفخخة أسفر عن مقتل 21 شخصاً (14 سائحاً ألمانياً و5 تونسيين وفرنسيين اثنين) تبناه تنظيم القاعدة. وكان للهجوم الذي نفذه انتحاري تونسي مقيم بفرنسا انعكاسات سلبية كبيرة على السياحة في تونس.
لذا يجري حج هذا العام في "أقصى درجات اليقظة" الأمنية بحسب وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلي، لأنه يأتي إثر مقتل 21 سائحاً أجنبياً وشرطي تونسي في هجوم دموي استهدف في 18 آذار الماضي متحف باردو الشهير وسط العاصمة تونس وتبناه تنظيم "الدولة الإسلامية".كانت إسرائيل قد أعلنت نهار السبت في بيان نشره مكتب مكافحة الإرهاب التابع لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن "آخر المعلومات تشير إلى أن هناك مشاريع لاعتداءات إرهابية ضد أهداف إسرائيلية أو يهودية في تونس".
وشدد البيان على أن هذه "التهديدات جدية" ونصح الإسرائيليين واليهود بعدم السفر إلى تونس، لكن مسؤولاً بوزارة الداخلية التونسية نفى لفرانس برس وجود مثل هذه التهديدات.
والثلاثاء أعلن وزير الداخلية ناجم الغرسلي أن التحذير الإسرائيلي "غير بريء ويراد به الإساءة إلى سمعة تونس من الناحية الأمنية والعسكرية". وقال إن التحذير "يراد به التأثير على حج الغريبة الذي يتم سنوياً في أحسن الظروف وفي أقصى درجات الأمان، وتم في سنوات 2011 و2012 و2013 و2014 في ظروف أمنية أصعب بكثير مما هو عليه حال البلاد اليوم".ولفت إلى أن السلطات "اتخذت اقصى درجات التغطية الأمنية" و"أقصى درجات اليقظة والانتباه ليلاً نهاراً" في جزيرة جربة لإنجاح الحج اليهودي. وقال إن "نجاح حج الغريبة سيكون تمهيداً لنجاح الموسم السياحي" الذي تضرر إثر الهجوم الدموي على متحف باردو.
بالإضافة إلى اليهود التونسيين، يشارك في حج هذا العام نحو 500 يهودي قادمين من إسرائيل وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة، بحسب روني الطرابلسي أحد المنظمين. قبل الهجوم الانتحاري الذي استهدف كنيس الغريبة في 2002، كان يشارك 8000 يهودي في مراسم الحج بحسب رئيس الكنيس.
يذكر أن تونس لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. غير أنه منذ سنوات، تمنح مصالح الحدود التونسية "رخصة مرور دخولاً وخروجاً" للحجاج الإسرائيليين من دون التعامل مع الجوازات الإسرائيلية، حسبما أعلنت وزارة الداخلية التونسية في 2014.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...