"الأربعاء الحزين"، هكذا أطلق نشطاء مصريون على يوم 27 فبراير الذي شهد حادث اصطدام جرار مناورة برصيف محطة مصر، الواقعة بميدان رمسيس بقلب القاهرة،انفجار بالقاطرة أوقع عشرات القتلى والمصابين. وزاد من حزن المصريين موقف سائق القطار، الذي استضافه الإعلامي المصري وائل الإبراشي مساء الأربعاء في حلقة خاصة من برنامج كل يوم الذي تعرضه فضائية On E المصرية.
ظهر السائق علاء فتحي في الحلقة، هادئاً، مبتسماً، معتبراً أن الحادث أمر طبيعي لأن جميع الجرارات التابعة لسكك حديد مصر في حالة لا تصلح للعمل، وبحاجة إلى الكثير من الصيانة على حد قوله، وحين سأله الإبراشي لماذا لم تبلغ المسؤولين في المحطة عن ذلك، قال بهدوء شديد: أفعل ذلك كثيراً لكنهم لا يتخذون أي موقف.
في الحلقة طالب فتحي بتشكيل لجنة فنية لفحص حالة الجرارات، وتحديد ما إذا كانت تصلح أو لا تصلح للعمل، وأكد أن المسؤولية لا تقع عليه وحده، وأنه يرفض أن يكون "كبش فداء"، على حد وصفه.
لا مبالاة
ربط الكثيرون بين اللامبالاة في ملامح السائق وبين حالة اللامبالاة التي يتعامل بها أغلب المسؤولين المصريين مع حوادث القطارات المتكررة، وكأنه أمر طبيعي أن تتحول سكك حديد مصر من وسيلة للسفر إلى وسيلة لحصد أرواح المصريين. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي عبّر مستخدمون عن تعجبهم من موقف السائق، وغرد مواطن مصري: "بعد ماشفت حضرة سائق القطار تأكدت من إننا بقينا إحنا أكبر خطر علي نفسنا، برود متناهي، بيقول لك نسيت أعمل احتياطاتي، هو ماحدش بيغلط!!، وابتسامة من الودن للودن وكأنه بيتصور سيلفي!!...القماش الإجتماعي بقي مهترئ، وفيه تجريف بشع حصل للإنسان المصري، وأمثال هذا السائق يملأون المحروسة". وتعجبت مستخدمة أخرى: "سائق قطار محطة مصر: نزلت أقول لزميلي أنت خبطتنى، لاقيت الجرار مشى لوحده إزاي مش فاهم، لأ وبيبتسم ومنشكح كده هو أنت عبيط ولا بتستعبط". وكتب مستخدم: "بعد مشاهدتي لكلام سائق القطار، أصبحت متأكداً أن هذا الحادث ليس نتيجة إهمال". المستغرب أن حادث محطة مصر لم يكن الوحيد الذي تشهده مصر، إذ وقع حادث آخر في اليوم نفسه لكن لم يهتم به الإعلام كثيراً، ربما بسبب قلة عدد ضحاياه، فبعد ظهر أمس الأربعاء اصطدم قطار بسيارة نقل على خط سكة حديد مطروح - الإسكندرية، ما أدى إلى مصرع شخص وإصابة 6، لكن هل هذا كل شيء؟ الحقيقة لا، فالحوادث لا تتوقف في مصر. تاريخياً تعتبر مصر ثاني دولة في العالم تدخل السكك الحديدية إلى أرضها بعد بريطانيا العظمى، كما تعد الأولى التي يتم إنشاؤها في أفريقيا والشرق الأوسط، حيث أنشئت في العام 1851 وبدأ تشغيلها رسمياً في العام 1854. لكن مثل أشياء كثيرة في مصر ظل التطوير بعيداً كل البعد عن هذا المرفق الحيوي الذي يستخدمه ملايين المصريين سنوياً في سفرهم عبر محافظات مصر المختلفة، إذ تبين إحصاءات مصرية رسمية أن القطارات تنقل نحو 500 مليون راكب سنوياً، وتمثل نحو 30% من إجمالى حجم نقل الركاب على مستوى الجمهورية.تاريخياً تعتبر مصر ثاني دولة في العالم تدخل السكك الحديدية إلى أرضها بعد بريطانيا العظمى، كما تعد الأولى التي يتم إنشاؤها في أفريقيا والشرق الأوسط، حيث أنشئت في العام 1851 وبدأ تشغيلها رسمياً في العام 1854.
ربط الكثيرون بين اللامبالاة في ملامح السائق وبين حالة اللامبالاة التي يتعامل بها أغلب المسؤولين المصريين مع حوادث القطارات المتكررة، وكأنه أمر طبيعي أن تتحول سكك حديد مصر من وسيلة للسفر إلى وسيلة لحصد أرواح المصريين.
أبرز حوادث القطارات في السنوات العشر الأخيرة
في السنوات العشر الأخيرة وقع العديد من حوادث القطارات التي حصدت أرواح مئات المصريين، ففي أكتوبر من العام 2009، اصطدم قطاران في منطقة العياط على طريق القاهرة- أسيوط، وأدى الحادث إلى مقتل 30 شخصاً وإصابة عشرات آخرين. وفي نوفمبر من العام 2012 تصادم قطاران بالفيوم، ونجم عن الحادث مقتل 4 مواطنين وجرح العشرات، وبعد هذا الحادث بأيام قليلة، وبالتحديد يوم 17 نوفمبر، وبالقرب من قرية المندرة التابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، اصطدم قطار آخر بحافلة مدرسية، وراح ضحية الحادث نحو 50 تلميذاً، إضافة إلى سائق الحافلة ومُعلمة كانت تصاحب التلاميذ. وفي يناير من العام 2013 وقع حادث تصادم بين قطارين، أحدهما يحمل جنوداً، في البدرشين، ما أدى إلى مقتل 17 مجنداً وجرح أكثر من 100، وفي نوفمبر من نفس العام اصطدم قطار بسيارتين، فقضى من جرائه 27 شخصاً وجرح أكثر من 30. ويوم 11 أغسطس من العام 2017 وقع حادث تصادم بين قطارين بالقرب من محطة خورشيد على خط القاهرة - الإسكندرية، أودى بحياة 41 شخصاً وإصابة 132 آخرين، وفي نفس الشهر وقع حادث تصادم بين قطار وسيارة بالإسكندرية، وهو ما أودى بحياة سائق السيارة وإصابة اثنين آخرين. أما في يوم 28 فبراير من العام 2018 فقد وقع حادث تصادم قطار بضائع بآخر للركاب بمنطقة كوم حمادة، في محافظة البحيرة، أسفر عن وفاة 12 وإصابة 39 آخرين.لماذا تتكرر حوادث القطارات في مصر؟
يقول اللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، عن تكرار حوادث القطارات، أن بعضها يقع نتيجة إهمال العنصر البشري، بينما بعض الحواث الأخرى يكون قدرياً. لكن من وجهة نظر المهندس مجدي الصباغ، نائب رئيس هيئة سكك حديد مصر، فإن السر وراء تكرار حوادث القطارات هو أن المنظومة بكاملها تخلفت تماماً عن التطورات الهائلة التي شهدتها قطاعات النقل بالسكك الحديدية خلال السنوات الأخيرة في الدول المتقدمة. مضيفاً في حوار هاتفي مع رصيف22 أن كل عناصر منظومة السكك الحديدة سواء من مهندسين أو عمال وحتى الإشارات والمزلقانات والمحطات جميعها تحتاج إلى تطوير كبير حتى يمكن أن تصل مصر إلى ما وصل له العالم من تقدم فى هذا المضمار، مؤكداً أنه وقتذاك سينخفض معدل تكرار الحوادث وتتوافر السلامة والخدمة الجيدة للمصريين.عدد حوادث القطارات في مصر في السنوات الأخيرة
بحسب إحصائية أصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء المصري (حكومي) ضمن كتيب "مصر في أرقام" والذي صدر في مارس من العام الماضي، فإن عدد حوادث القطارات في مصر خلال الفترة من 2003 وحتى 2017 بلغ نحو 16.174 ألف حادث. ووفقاً لنفس الكيان الحكومي، شهد عام 2017 أكبر عدد لحوادث القطارات خلال الفترة المشار إليها بـ 1657 حادثاً، وفى المقابل جاء عام 2012 أقل عدداً فى حوادث القطارات بـ 447 حادثاً يليه عام الثورة المصرية 2011 بعدد حوادث وصل إلى 489.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...