لطالما كان القناع حاضراً في تاريخ البشرية، إذ استخدم في الطقوس الدينية، وفي المسرح كالقناعين التراجيدي والكوميدي، وفي الحفلات الأرستقراطية، وامتد ليشمل الثوّار الذين يلجأون إلى تغطية وجوههم لإخفاء هويتهم الحقيقية. كذلك استخدم القناع في الأفلام وعالم السينما للأبطال الخارقين. ولأن المميزات التي يمتلكها البطل الخارق تميزه عن البشر وأعماله لا تشبه أعمال الناس العاديين، كان لا بد من أن يصوَّر بشكل مختلف عنهم. وأحياناً كثيرة كان ارتداء القناع شرطاً لتنفيذ الخوارق.
حالياً تتنوّع استخدامات القناع. فيستخدم إما للحماية كما في الرياضات المختلفة، أو لإخفاء الوجه، أو كبيان سياسي وثوري، أو في احتفالات دينية لا تزال منتشرة في بعض الأماكن.
والقناع رمز واضح يكشف عن انتماء مرتديه وعن أهدافه، ويساعد صاحبه على التصرّف والتعبير بحرية أكبر ولذلك رأينا أشخاصاً ارتدوه في تظاهرات شهدتها بعض الساحات العربية.
وفي الآتي، يقدمّ لكم رصيف22 أشهر ستة أساليب لا تزال مستخدمة هذه الأيام لإخفاء الوجه (أقنعة):
قناع غاي فوكس
قناع "غاي فوكس" هو الأشهر للتعبير عن الثورة ضد نظام قائم، وعن تضامن الشعب في سبيل تقويض السلطة. فمرتدي القناع يخفي هويته الشخصية ويتحوّل إلى رمز للثورة. يعود تاريخ هذا القناع إلى عام 1605، إلى غاي فوكس الذي خطط لاغتيال ملك إنكلترا جيمس الأول. وحديثاً أعيد إنتاج قناع فوكس عام 1982 في رواية V For Vendetta، ونال شهرة واسعة عام 2006 حين تحولت الرواية إلى فيلم. واليوم تستخدم مجموعة Anonymous المختصة بعمليات القرصنة هذا القناع بوصفه إعلاناً للثورة ضد النظام القائم ومحاولة للقضاء عليه.
قناع KKK
يحمل هذا القناع في داخله تاريخاً من الكراهية والتمييز العنصري، إذ يعود إلى ستينيات القرن التاسع عشر، حين نشأت جماعات أخوية متطرفة في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، عُرفت بممارسة العنف الشديد والتمييز العنصري ضد الأمريكيين السود. والقناع الذي يرتديه أفرادها، ويشبه وجه الشبح، يهدف إلى تخويف الخصوم ورسمت ملامحه بفعل انتشار الخرافات في تلك الفترة. أما شكله الهرمي فيعبر عن سمو العرق الأبيض. حالياً، هذه الجماعات التي تعرف بالـ Ku Klux Klan محظورة.
الكوفيّة، قناع المقاومة الفلسطينيّة
تحولت الكوفية الفلسطينية (البيضاء والسوداء، أو البيضاء والحمراء لاحقاً) إلى رمز للنضال الوطني الفلسطيني. ويعبّر مرتدوها علناً عن انتمائهم للمقاومة وتبنيهم فكرها المناهض للاحتلال الإسرائيلي. وقد استخدمت الكوفية كوسيلة لإخفاء الوجه أثناء الصدامات مع الإسرائيليين. وتعود شهرتها كرمز سياسي إلى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إذ تحولت معه إلى تعبير عن الفدائي وسلاحه، وقد تبنتها حركة فتح شعاراً لها. ويستخدمها أيضاً مناصرو حماس للغاية نفسها.
لثام الطوارق
الطوارق هم الشعب المنتشر في الصحراء الإفريقيّة الكبرى بين ليبيا والجزائر. وهم يرتدون اللثام لأسباب تتعلق بجو الصحراء وحماية وجوههم من الرمال. ويقول بعضهم إن اللثام يستخدم لحماية فتحات الوجه (الأذنان والأنف والفم) من دخول الأرواح الشريرة. كذلك يعتبر هذا اللثام مفخرة، ومن دونه لا يعدّ الذكر منهم راشداً وقادراً على تولّي المسؤولية.
النقاب الإسلامي
يعدّ وضع النقاب من أكثر المسائل المثيرة للجدل في التاريخ الإسلامي الحديث، بسبب الإشكاليات حول مدى ارتباطه بجوهر الدين الإسلامي. فهل هو عادة اجتماعية أم فرض ديني؟ وينتشر النقاب، الذي يتخذ أشكالاً مختلفة، في وسط المسلمات في كل أنحاء العالم، ويرمز إلى العديد من الأفكار والمفاهيم المرتبطة بحرية المرأة وقدرتها على إبراز جسدها ومفاتنها. وهو، بحسب مناصريه، حجاب يحمي من الفتنة التي قد يسببها الجمال الأنثوي.
القناع الأسود
لا يمكن تحديد هوية ومرجعية هذا القناع بدقة، فالجميع يستخدمونه: القوات الخاصة، والمرتزقة، وقوات الغيريلا، وكل الذين يحملون السلاح ويرون في إخفاء وجوههم أهمية لحماية أنفسهم. كما أنه يرمز إلى مفاهيم التفاني والقدرة على القتل في سبيل فكرة ما أو في سبيل المال. وأحياناً يضيف بعضهم إليه شعاراً خاصاً يرتبط بالمنظمة المنظمة أو المؤسسة التي يعمل لمصلحتها، سواء من قوات الجيش أو الشرطة أو من الجماعات الإرهابية أو من المقاومة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...