شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
تطاير سدادات الشامبانيا بين بيكاسو وباسكيا... عن أسرار الأعمال الفنية في يخوت الأغنياء

تطاير سدادات الشامبانيا بين بيكاسو وباسكيا... عن أسرار الأعمال الفنية في يخوت الأغنياء

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 7 فبراير 201902:21 م
تخيّلوا أنكم أنفقتم ملايين الدولارات مقابل شراء قطعٍ فنيّةٍ مميّزةٍ، وأثناء تناول الفطور يسكب أطفالكم، الحليب وحبوب الكورن فلاكس على إحدى اللوحات الفنية. مثل هذه الحوادث قد يحصل مع أصحاب الثروات الذين ينفقون مبالغ طائلة على الأعمال الفنية بهدف "تزيين" يخوتهم، ولعلّ أكثر ما يخشونه هو تضرر لوحاتهم الفنية جرّاء حدثٍ خارجٍ عن السيطرة. via GIPHY فمن تطاير سدادات "الشمبانيا" نحو لوحةٍ للفنان العالمي "بيكاسو" وصولاً إلى تلطيخ اللوحة بحبوب الكورن فليكس، يواجه هواة الفن من الأثرياء مخاطر مختلفة عن تلك التي يخافها عادة البحارة في أعالي البحار. من هنا فإن أصحاب الثراء يزيّنون يخوتهم بالعديد من التحف الفنية، لدرجة أنّ المحافظين يقومون بتعليم "كابتن" اليخت والطاقم كيفية الاعتناء بالفن تماماً كمسألة تدليل الركّاب.

دروس للاعتناء باللوحات

تحدث تقريرٌ ورد في صحيفة "الغارديان" البريطانية، عن علاقة أصحاب الثراء الفاحش بالأعمال الفنية وكيفية تحويل يخوتهم الفاخرة إلى متاحف تضم أهم وأثمن القطع الفنية على الإطلاق، والتي قد تتضرر في الكثير من الأحيان نتيجة الإهمال والحوادث المتفرقة. في هذا الصدد، بدأت "باندورا ماثر ليز"، وهي مؤرخة فنية محافظة، بإعطاء دروسٍ في كيفية الاعتناء باللوحات الفنية، بعدما طلب منها أحد المليارديرات المساعدة في إصلاح لوحةٍ تعود للفنان "جان ميشال باسكيا".
لا نبالغ إذا قلنا إن بعض اليخوت قد تحولت إلى متاحفٍ، لا بل إن المجموعات الفنية التي تضمها على متنها تعتبر أفضل حتى من تلك الموجودة في بعض المتاحف.
الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، وهو مالك نادي "مانشستر سيتي" ونائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات العربية المتحدة، يمتلك المئات من التحف الفنية على متن يخته الفاخر الذي يحمل اسم "توباز"، الذي تقدّر قيمته بنحو 350 مليون جنيه استرليني.
اللافت أن هذه اللوحة لم تتضرر نتيجة رذاذ البحر بل تلطَّخت بسبب حبوب الفطور. عن هذه الحادثة، قالت باندورا: "لقد سكب أطفاله رقائق الذرة عليها أثناء تناول الفطور على اليخت، لأنهم اعتقدوا أنّها مخيفة"، مشيرةً إلى أن طاقم العمل ساهم في تفاقم المشكلة حين مسح البقع من اللوحة. bean-1997-rowan-atkinson-5-531699-mr-bean-art-rowan-atkinson-painting-movie وفي حين أن المؤرخة امتنعت عن ذكر اسم المالك أو تحديد اسم اللوحة الفنية، فإن إحدى لوحات باسكيا تظهر وجهاً مخبولاً على شكل جمجمة، كانت قد بيعت في مزادٍ في الولايات المتحدة الأميركية مقابل مبلغٍ قياسي بلغ 110.5 مليون دولار أميركي في العام 2017. وخلال مؤتمرٍ عُقد في لندن الأسبوع الماضي حول اليخوت العملاقة الفارهة، أوضحت "ماثر ليز" أن أفراد الطاقم "ظنوا أنّها مجرد لوحة فنية، ولم يكن لديهم أدنى فكرة بأنها تساوي ملايين كثيرة"، لا سيما أن وظيفتهم تقتصر على خدمة أصحاب اليخت في البحر، وليس تكوين معرفة حول اللوحات والفن. أما الآن، بعدما أصبح الأثرياء يجلبون المجموعات الفنية على يخوتهم بشكلٍ متزايدٍ، فبات من المهم أن يعرف طاقم العمل كيفية العناية بهذه القطع، بحسب ما أكدت المؤرخة.

اليخوت أفضل من المتاحف

لا نبالغ إذا قلنا إن بعض اليخوت قد تحولت إلى متاحفٍ، لا بل إن المجموعات الفنية التي تضمها على متنها تعتبر أفضل حتى من تلك الموجودة في بعض المتاحف. via GIPHY هذا ما قالته "باندورا ماثر ليز"، كاشفةً أن أحد اليخوت يضم أكثر من 800 قطعةٍ فنيةٍ تزيد قيمتها على ضعفَيْ قيمة اليخت نفسه. وفي حديثها في مؤتمر Superyacht Investor الذي عُقد في فندق "لاندمارك"، قالت "باندورا": "من الواضح أنّ أصحاب اليخوت يريدون إظهار مجموعتهم الفنية عندما يأتي الضيوف إلى متنها، فهي تعدّ إحدى وسائل كسر الجليد، وتكشف الكثير عن أذواق أصحابها". أضافت أن اليخوت ليست صالات عرض فنية، وعندما تتضرر التحف الفنية، فهذا يرتب عبئاً كبيراً على كاهل أفراد الطاقم، ويجعل أصحاب اليخت تعساء. وفي حين أن الحذر مطلوب في عالم الفن وعالم اليخوت العملاقة، كشفت "ماثر ليز" أن الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، وهو مالك نادي "مانشستر سيتي" ونائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات العربية المتحدة، يمتلك المئات من التحف الفنية على متن يخته الفاخر الذي يحمل اسم "توباز"، الذي تقدّر قيمته بنحو 350 مليون جنيه استرليني. في سياقٍ متصل، يبرز يخت "أفيفيا" الذي تبلغ قيمته نحو 200 مليون جنيه استرليني وتعود ملكيته إلى "جو لويس"، والذي اكتشف فيه أحد المراسلين (الذي نظر عبر نوافذه حين كان يرسو على نهر التامز في العام الماضي) لوحةً ثلاثية الأقسام للرّسام "فرانسيس بيكون" مُعلَّقة في إطاراتٍ ذهبيةٍ على السطح السفلي لليخت. واللافت أنه تم إدراج هذه اللوحة، التي تدور حول موت "جورج داير" عشيق "بيكون"، في معرض "بيكون" و"فرويد" الذي أقيم في متحف Tate Britain في الصيف الماضي. وأوضحت الغارديان أن "جو لويس" المولود في بريطانيا، يملك ثروةً تقدر بنحو 3.9 مليار جنيه استرليني، ويستحوذ على غالبية الأسهم في نادي توتنهام لكرة القدم ويعيش في جزر البهاما التي لا يفرض فيها ضرائب على الدخل، هذا بالإضافة إلى امتلاكه مجموعةٍ فنيةٍ يصفها بأنّها "واحدة من أكبر المجموعات الفنية الخاصة في العالم"، وهي تشمل لوحاتٍ رسمها ديغاس، فرويد، كليمت، موديغلياني، ماتيس وبيكاسو، ومنحوتات نفّذها مور، وديغاس ودي موديكا. ومن غير المعروف أي من تلك التحف يحتفظ بها على متن يخته.

غياب التوعية بالفن

أثناء التجول في معرض موناكو لليخوت في شهر سبتمبر من كل عام، لاحظت "باندورا ماثر ليز" أن هناك فجوة في السوق لناحية التوعية بالفن وكيفية التعامل مع التحف الفنية. via GIPHY وتعليقاً على هذا الموضوع، قالت "باندورا":"كنت أتجول واستمع إلى أحاديث تدور حول كل شيء، من دروس الاعتناء بالزهور وتذوق النبيذ، ولكن لم يكن أحدٌ يفكر في الفن ومساعدة أصحاب اليخوت في العناية بمجموعاتهم الفنية". من هنا تهدف الدورة التدريبية التي تنظمها "ماثر ليز" وتبلغ قيمتها نحو 295 جنيهاً استرلينياً ( 340 دولاراً) في اليوم إلى منح طاقم العمل وعياً يختص بجامعي الأعمال الفنية وتوعيتهم حول القيمة الجوهرية للأشياء الموجودة على متن اليخوت، بالإضافة إلى معرفة الأماكن التي يمكن الذهاب إليها للحصول على مساعدةٍ متخصصةٍ في حالات الطوارئ. في هذا السياق، تنصح "هيلين روبرتسون"، من المتحف البحري الوطني في غرينتش، الأثرياء بالعناية بالأعمال الفنية على متن اليخوت:"كنت أعمل كمضيفةٍ رئيسيةٍ في اليخوت الفاخرة، لذا رأيت بعض المشكلات مباشرةً"، مشيرةً إلى أنها عملت على متن يخت يضم أعمالاً فنية بقيمة 450 مليون دولار. أضافت "روبرتسون" أن هناك بعض الناس الذين يسألونها دائماً وبتعجبٍ عن سبب وضع الأعمال الفنية على متن اليخوت، فتؤكد لهؤلاء أنه بالامكان السيطرة على اليخوت إلى حدٍّ كبير، خاصة أن "أنظمتها المتعلقة بضبط درجات الحرارة والرطوبة يمكن أن تتفوق على تلك الموجودة في صالات العرض"، على حدّ قولها. غير أن "هيلين" تشدد على أن أهم شقٍ في الموضوع يكمن في التثبٰت من أنّ جميع أفراد الطاقم على درايةٍ بقيمة القطع الفنية.

حوادث مكلفة

أخبرت "روبرتسون" كيف قام الطاقم في إحدى المرّات بكسر مصباح تبلغ قيمته 75 ألف جنيه استرليني: "كانت نهاية مدة تأجير اليخت بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة، وكان الجميع متعباً، فقرر الطاقم نقل الوسائد بأسلوب كرة الركبي من سطح السفينة إلى الصالون، فاصطدمت إحداها بالمصباح". وفي حادثةٍ أخرى، كشفت أن طاقم أحد اليخوت الفاخرة أقام حفلة مرتجلة في مسكن المالك باليخت، فاصطدمت إحدى سدادات زجاجات الشمبانيا بلوحةٍ زيتية على قماش تبلغ قيمتها عدة ملايين من الدولارات. من جهةٍ أخرى، قال "تيلمان كريسل"، وهو مؤسس شركة استشارات فنية، إن أحد العملاء سأل عن كيفية عرض لوحةٍ تعود للرسام "روثكو" كونها كانت طويلة جداً بالنسبة إلى صالون اليخت الكبير: "لقد حوّلنا اللوحة 90 درجة. ربما كان الفنان يتقلّب في قبره، لكننا أخذنا نفساً عميقاً وقلنا: إنها لوحتك، فافعل بها ما تشاء"، مضيفاً أن هناك عميلاً آخر لديه لوحةٌ للفنان الياباني المعاصر "تاكاشي موراكامي" وأراد عرضها في "نادي الشاطئ"- وهو الجزء الخلفي من اليخوت الفاخرة الذي غالباً ما يركب المالكون من خلاله الدرَاجات المائية والألعاب المائية الأخرى- لكنّ، مرة أخرى، لم يكن حجمها مناسباً:"في النهاية، قطع جزءاً منها لكي يصبح حجمها مناسباً".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image