"على الحكومات التي لها مواطنون محاصرون في سوريا أن تقوم بما قام به البريطاني روجر ووترز، العضو المؤسس لفرقة الروك الشهيرة بينك فلويد الذي ساعد في إنقاذ طفلين محاصرين في سوريا" بهذه الرسالة تبدأ ليتا تايلر الباحثة البارزة في مجال مكافحة الإرهاب في منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية رسالتها إلى الحكومات التي لها مواطنون من الأطفال في سوريا. لكن ما الذي فعله نجم فرقة "بينك فلويد" بالضبط؟
تروي تايلر في مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، تفاصيل ما حدث قبل أيام قليلة، في يوم 21 يناير الجاري، حين أنقذ روجر ووترز طفلين من منطقة بحر الكاريبي، كان والدهما قد اصطحبهما معه إلى سوريا عند التحاقه بتنظيم "داعش"، ونجح ووترز في إعادة الطفلين إلى حضن والدتهما بعد أن وافق على دفع جميع التكاليف بما فيها استقدام والدة الطفلين من ترينيداد وتوباغو إلى سوريا.
قصة الطفلين
الطفل أيوب فيريرا يبلغ من العمر اليوم 7 أعوام، وشقيقه محمود 11 عاماً، تم اختطافهما عام 2014 من ترينيداد وتوباغو، إحدى دول منطقة الكاريبي، من قبل والدهما الذي قرر حينها الالتحاق بتنظيم "داعش" في الرقة السورية.
وبعد أن تم تحرير الرقة من التنظيم الإرهابي في نهاية عام 2017 من قبل قوات سوريا الديمقراطية الكردية، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، تم العثور على الطفلين في المنطقة، فتم نقلهما إلى إحدى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية “قسد" بعد أن قُتل والدهما.
ولإنقاذ الطفلين كان على الأم السفر إلى سوريا، لكن بسبب الإجراءات المعقدة والتكلفة الباهظة لإعادة الطفلين، قرر روجر ووترز أن يساعد الأم على السفر إلى مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، كي تستلم طفليها من السلطات الكردية التي اشترطت حضورها.
تتمنى تايلر في مقالها أن تقوم عشرات الحكومات التي لها مواطنون في سوريا بما قام به نجم فرقة بينك فلويد بهدف إنقاذ مئات الأطفال المحاصرين في سوريا دون ذنب اقترفوه سوى أنهم ولدوا في أسر انضمت لداعش.
تؤكد الباحثة في هيومن رايتس ووتش أن هناك 1250 طفلاً من 46 دولة بينهم على الأقل حوالي 12 طفلآً بريطانياً تم احتجازهم لمدة تصل إلى عامين في معسكرات شمال شرقي سوريا دون أن تقوم الدول التي ينتمون إليها بمجهود لاستعادتهم، لا سيما أن العديد من الأطفال الصغار لا جرم يُدانون به، وقد طلبت السلطات المحلية في سوريا من بلدانهم مراراً أن تستلمهم لكن معظم الحكومات رفضت استعادتهم لاعتبارات أمنية على حد وصفها.
تؤكد تايلر التي زارت منظمتها هذه المعسكرات أن الأوضاع بداخلها غالباً سيئة، بسبب نقص الغذاء وانعدام الرعاية الصحية والتعليم، كما أن العديد من الأطفال يعانون صدمات نفسية ويحتاجون إعادة تأهيل، وبعضهم يحتاج عمليات جراحية، مضيفة أنه في معظم الحالات يتم احتجاز الأطفال مع أمهاتهم، بينما يكون آباؤهم مسجونين أو مفقودين أو ماتوا، لكن الأطفال الآخرين مثل محمود وأيوب قبل إنقاذهم كانوا بمفردهم، بلا أب ولا أم.
تضيف الباحثة أن حالة محمود وأيوب كانت أكثر وضوحاً من معظم الحالات الأخرى، لأن أمهما كانت في ترينيداد وتوباغو ولم تنضم إلى "داعش" أو تسافر مع الأب إلى سوريا، وكانت تسعى جاهدة لإعادتهما، لكن على العكس يفتقر العديد من أطفال داعش إلى أوراق هوية، ولا سيما من ولد منهم في الأراضي التي يسيطر عليها "داعش"، وبعضهم يتامى، وهناك مشكلة أخرى تتعلق بالأطفال الذين ولدوا لأبوين من جنسيتين مختلفتين، وهو ما يجعل تحديد جنسيتهم أو الدولة التي يجب أن تستعديهم أكثر تعقيداً.
التحدي الأكبر بحسب الباحثة هو أن العديد من الأمهات المعتقلات في المعسكرات السورية يقلن إنهن لا يردن أن يُرسل أبناؤهن وبناتهن إلى الوطن دونهن وهو ما يجعل الحكومات أكثر تردداً في إعادة هؤلاء الأطفال.
كما أن العديد من الدول قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا ولا اتصالات لها مع تحالف الأغلبية الكردية الذي يسيطر على شمال شرقي سوريا.
وبحسب الباحثة فإن شهادات الميلاد موجودة في ملفات العديد من أطفال داعش في بلدانهم الأصلية، أما باقي الأطفال فيمكن تحديد هوياتهم من خلال اختبارات الحمض النووي مع الأجداد أو غيرهم من أفراد الأسرة، وتكمل أنه يمكن للحكومات التي تتخوف من إعادة هؤلاء الأطفال لأسباب أمنية أن تراقبهم وتراقب كذلك أمهاتهم للتأكد من أنهم لا يمثلون خطراً على البلاد، ومقاضاتهم إذا لزم الأمر بما يتماشى مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة ومعايير قضاء الأطفال القصر.
تحذر الباحثة من أن ترك الحكومات هؤلاء الأطفال سيجعلهم يواجهون الاحتجاز التعسفي لأجل غير مسمى وانعدام الجنسية المحتمل، مشددة على أنه "لا يجب أن نننتظر فرقة "بينك فلويد" لإحضارهم إلى وطنهم"، فهذا دور الحكومات.
وتذكر الباحثة بما أعلنته فرنسا الثلاثاء 29 يناير من أنها تخطط لإعادة مواطنيها المتشددين من سوريا، على خلفية قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من البلاد، كما أعلنت فرنسا أيضاً في أكتوبر الماضي أنها تخطط لإعادة الأطفال الفرنسيين إلى بلادهم.
ومع احتمال الإنسحاب الأميركي، قد تتعرض مناطق الأكراد لهجوم تركي أو تعود إلى السلطة السورية، ما يثير مخاوف من فرار ألف جهادي أجنبي إلى أوروبا أو مناطق نزاعات أخرى.
هيومن رايتس ووتش: هناك 1250 طفلاً من 46 دولة بينهم على الأقل حوالي 12 طفلآً بريطانياً تم احتجازهم لمدة تصل إلى عامين في معسكرات شمال شرقي سوريا دون أن تقوم الدول التي ينتمون إليها بمجهود لاستعادتهم.
البريطاني روجر ووترز، العضو المؤسس لفرقة الروك الشهيرة بينك فلويد ساعد في إنقاذ طفلين محاصرين في سوريا، ماذا عن بقية أطفال داعش المحاصرين هناك؟ من ينقذهم؟
فرنسا قررت استعادة أطفالها من سوريا
نُشر مقال "ليتا تايلر" قبل ساعات قليلة من إعلان وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه، اليوم الخميس، عودة وشيكة للمواطنين الفرنسيين المقاتلين في سوريا والمحتجزين لدى الأكراد هناك وتدرس فرنسا آليات إعادتهم إلى بلدهم بعد الإعلان عن قرب انسحاب القوات الأميركية “ وتقول إن الأطفال يمثلون عدداً كبيراً من العائدين من سوريا.
لكن الوزيرة الفرنسية أكدت في الوقت نفسه أنها لا تملك “رقماً مؤكداً" بعدد هؤلاء الفرنسيين.
وكانت مصادر فرنسية قد أفادت بأن قوات سوريا الديموقراطية تحتجز نحو 130 مواطناً فرنسياً بينهم رجال ونساء وأطفال.
وبينما توجه انتقادات متزايدة لاحتمال عودة جهاديين فرنسيين إلى بلدهم، قالت بيلوبيه: "هناك بشكل رئيسي أطفال، وهؤلاء الأطفال إما ولدوا هناك أو سافروا وهم صغار جداً من فرنسا مع أهلهم"، مؤكدة أن "عدد الأطفال أكبر من عدد البالغين".
وأضافت: "بالنسبة للأرقام المتوافرة لدينا بشأن الأطفال الذين عادوا إلى فرنسا، هم خصوصا أطفال تقل أعمارهم عن سبع سنوات"، مؤكدة: "نعتقد أنه في 75 ٪ من الحالات، يتعلق الأمر بأطفال دون سبع سنوات من العمر".
يأتي تصريح الوزيرة الفرنسية متزامناً مع توصية من الولايات المتحدة للدول الغربية، بأن تعيد مواطنيها الذين انضموا إلى صفوف الجهاديين في سوريا ثم اعتقلتهم القوات الكردية.
وقالت الخارجية الأمريكية، إن "إعادة المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى بلدانهم الأم هو الحل الأنسب لتجنب عودتهم إلى ساحة القتال"، حيث "يمثل المقاتلون مشكلة للمجتمع الدولي برمته، ولا بد من تعاون دولي لحلها".
وأضافت الخارجية أن "سياسة الحكومة الأمريكية تقضي بتشجيع الدول على إعادة مواطنيها وملاحقتهم قضائياً، وخصوصا أولئك المعتقلين لدى الأكراد"، داعية إلى "تحمل مسؤولية هؤلاء عبر برامج إدماج أو إجراءات أخرى لتفادي سقوطهم مجدداً في الإرهاب".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...