كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية النقاب عن اسم واحدة من أخطر الشركات الإسرائيلية التي تعمل في مجال الهجمات السيبرانية والتي ظلّ عملها سرياً للغاية لسنوات، في وقت ووجهت جميع طلبات الصحيفة بالتعليق على ما نشرت بالرفض من قبل طاقم الشركة أجمع.
وقالت هآرتس إن صحيفة "TheMarker" الاقتصادية، وهي أحد إصداراتها، استطاعت التوصل إلى تفاصيل هامة عن الشركة التي يُطلق عليها اسم "كانديرو" (Candiru) نسبة إلى سمكة تعيش في نهر الأمازون وتحمل الاسم نفسه.
وتمتاز سمكة الكانديرو رغم حجمها الصغير وجسمها الشفاف بتأثيرها الفتاك، إذ أنها تستطيع دخول جسم الإنسان عبر مجرى البول لتبدأ في تدمير الخصيتين لدى الرجل أو الجهاز التناسلي كاملاً لدى الأنثى. كما أنها تسبب آلاماً مبرحة للمُصاب وتؤدي إلى وفاته بشكل مؤكد، لذا يُطلق عليها بعض السكان المحليين هناك اسم "مصاص الدماء".
تفاصيل دقيقة عن الشركة
تقصد الشركة الإسرائيلية معنى اسمها على وجه الدقة. فرغم أن عدد موظفيها لا يتعدى الـ 120 إلا أن مبيعاتها السنوية تبلغ 30 مليون دولار، وتتخصّص في إنتاج أنظمة وأدوات وبرامج وتقنيات الهجوم الإلكتروني الفتاكة.
ولفتت الصحيفة إلى السياج الكامل من السريّة الذي تفرضه الشركة، حيث لا تضع اسمها على المقر الذي يحتضن موظفيها في تل أبيب، ولا موقع لها عبر الشبكة العنكبوتية كما لا يُسمح لأفرادها حتى بامتلاك حسابات على مواقع التوظيف مثل "لينكد إن" أو الحديث عنها بينما يتم توثيق ذلك بتوقيعهم على عقود صارمة لعدم إفشاء السرية. كما يضع "لينكد إن" صفحتها في "وضع التخفي".
وأشارت "هآرتس" إلى أن مجال الهجمات الإلكترونية "بيزنس ضخم" في إسرائيل، ويزعم القائمون عليه أنه يدرّ حوالي مليار دولار سنوياً. وتبقى شركة "NSO" أكبر اللاعبين في هذا المجال وأكثرهم إثارة للجدل، إذ ثبُت مراراً قيامها ببيع منتجاتها لصالح بلدان مثل السعودية والمكسيك والتي استخدمتها في التجسّس ومكافحة معارضين لأنظمتها.
وتعمد "كانديرو" إلى توظيف الضباط السابقين في وحدة الاستخبارات الإسرائيلية (8200) المتخصصة في مجال الأمن السيبراني كسائر شركات الأمن الإلكتروني البارزة في إسرائيل، ويتقاضى الواحد منهم 21400 دولار شهرياً.
وقال مصدر، رفض الكشف عن هويته للصحيفة، إن الشركة توظّف أفضل الهاكرز (محترفي الهجمات السيبرانية) بعد انتهاء خدمتهم بالوحدة 8200". ولفت إلى أنه لا توجد ظروف أو اشتراطات معينة للعمل بها وهناك فرصة للعمل عن بعد أيضاً دون الالتزام بالحضور إلى مقرّها.
"كانديرو" أو السمكة الفتّاكة... تقصد الشركة الإسرائيلية معنى اسمها على وجه الدقة، فرغم أن عدد موظفيها لا يتعدى الـ 120 إلا أن مبيعاتها السنوية تبلغ 30 مليون دولار، وتتخصّص في إنتاج أنظمة وأدوات وبرامج فتاكة
تختلف "كانديرو" الإسرائيلية عن العديد من شركات الهجمات الإلكترونية الأخرى التي تبيع أدوات الهجوم فقط، حيث تبيع هي النظام كاملاً
وبحسب ما أكدته مصادر رفضت الكشف عن هويتها للصحيفة الإسرائيلية، فقد تمّ إنشاء "كانديرو" قبل 4 سنوات والأرباح المتوقّعة لها -30 مليون دولار أمريكي- تجعلها في المرتبة الثانية بعد شركة "NSO" إذا ما أُخذت أرباح شركة "Verint" والشركات العامة التابعة لوزارة الدفاع في الحسبان.
إسحاق زاك هو مؤسس الشركة، وهو مؤسس "NSO" في الوقت نفسه، بينما يُعدّ أحد كبار المستثمرين في مجموعات مثل "Founders Group" و "Pico Venture Partners". وأكدت الصحيفة أنه عضو كذلك في مجالس إدارة 13 شركة ناشئة تعمل جميعاً في مجال الأمن السيبراني الوقائي. أما المدير التنفيذي لـ"كانديرو" فهو إيثان أكلوي والذي كان في السابق مديراً تنفيذياً لإحدى شركات السياحة البارزة في تل أبيب.
الفارق بين "NSO" وكانديرو
أكدت "هآرتس" أن "كانديرو " -بخلاف "NSO"- تُعتبر أكثر تحفظاً (انتقائية) في اختيار عملائها، ومعظمهم يكون من أوروبا الغربية في وقت نفت تماماً بيعها أي من منتجاتها في أفريقيا أو حتى داخل إسرائيل نفسها، زاعمة أن ذلك يعود إلى سياسات العمل وليس لأسباب سياسية. وأوضحت أنها آثرت بذلك الابتعاد عن حدوث أي مشكلات محتملة.
وفي حين تتخصص "NSO" في إنتاج تقنيات اختراق أجهزة الهواتف المحمولة، تتخصص "كانديرو" في إنتاج وبيع تقنيات اختراق الحواسيب وأجهزة الخوادم. لكن مصادر أكدت لـ"هآرتس" أنها اكتشفت أن الشركة تعمل على إنتاج وابتكار تقنيات اختراق الهواتف المحمولة أيضاً.
وإسرائيل، حسب الصحيفة، تعتبر التقنيات والأدوات المستخدمة في الهجمات السيبرانية "أدوات هجومية" ولا تقل خطورةً عن الأسلحة القتالية، لذا تشترط موافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية على الصادرات. لكنها لفتت إلى أنها "تقلّل من المخاوف المتعلقة بالديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل المشترين" رغم حساسية الوزارة للمخاطر الأمنية على إسرائيل من الصادرات.
تختلف "كانديرو" كذلك عن العديد من شركات الهجمات الإلكترونية الأخرى، مثل "FinFisher" التي تبيع أدوات الهجوم فقط، حيث تبيع كانديرو النظام كاملاً.
يُذكر أن صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية كشفت عن بيع إسرائيل أجهزة تجسّس للرياض استخدمتها الأخيرة لتعقب معارضيها في الخارج، مشددةً على أن ثمة دلائل على أن الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي تمّ تعقبه ببرنامج إسرائيلي.
واتهمت "هآرتس" شركة "NSO" صراحةً ببيع قدرات هجومية متطورة للاستخبارات السعودية تتيح لها اختراق هواتف معارضيها في الداخل والخارج، ولفتت إلى أن المفاوضات بين الشركة وولي العهد السعودي محمد بن سلمان بدأت قبل أشهر من حملة مكافحة الفساد المزعومة عام 2017، ولا تزال التحقيقات الإسرائيلية بشأن الصفقة المزعومة جارية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...