أعلنت وزارة الإعلام السورية، الخميس 27 ديسمبر، أن الإمارات ستعيد اليوم فتح سفارتها في دمشق المغلقة منذ ست سنوات، في خطوة غير منفردة تأتي بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن السعودية ستتكفل بإعادة إعمار سوريا لأنها “أولى بفعل ذلك من أمريكا”، بعد قراره سحب القوات الأمريكية من سوريا. الإعلان أعقبه تأكيد من الخارجية الإماراتية باستئناف العمل في سفارتها في دمشق ابتداءً من اليوم.
وفي ما يبدو أنه تنسيق عربي رفيع المستوى، أعلنت تونس قبل قليل أن أول رحلة مباشرة بين دمشق وتونس منذ ثماني سنوات ستحط بعد قليل في تونس، يأتي هذا بعد أيام من انتشار أخبار في تونس عن توجيه الرئيس الباجي قائد السبسي الدعوة للرئيس السوري بشار الأسد لحضور القمة العربية التي تحتضنها تونس في مارس المقبل، وهو الخبر الذي نفته الرئاسة مؤكدة آنذاك أنها لم توجه الدعوات بعد إلا للقيادتين في السعودية والإمارات.
وكانت الإمارات قد أغلقت سفارتها في دمشق في سياق المقاطعة العربية لنظام بشار الأسد. هذا الحدث اللافت الذي يؤسس لمرحلة جديدة داخلية في سوريا وخارجية في المنطقة الخليجية والعربية، يأتي كذلك بعد مرور أسبوعين على زيارة الرئيس السوداني عمر البشير دمشق ولقائه بالرئيس السوري ليكون أول رئيس عربي يكسر عزلة الأسد منذ قيام الانتفاضة في سوريا عام 2011.
مواقع التواصل الاجتماعي السورية نشرت يوم 23 ديسمبر الجاري صوراً لأعمال الصيانة في مقر سفارة الإمارات العربية المتحدة في منطقة أبو رمانة في دمشق، فكانت إشارة باقتراب افتتاح السفارة التي بقيت مغلقة ستة أعوام.
كما نشر الإعلام السوري بالتزامن مع ذلك تقارير تشير إلى زيارة غير معلنة قام بها وفد إماراتي إلى دمشق لترتيب إعادة فتح السفارة، فيما لاذ الإعلام الإماراتي بالصمت حيال ما راج من أخبار، دون تكذيب رسمي لها.
وقال موقع مراسلون السوري في نوفمبر الماضي إن السفارة الإماراتية ستفتح قريباً مستنداً في ذلك إلى تصريح نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بقوله إن"سوريا ترحب بإعادة الدول العربية فتح سفاراتها في دمشق من أجل مواصلة عملها في سوريا”.
المقداد كان يومها يرد على ما راج من أخبار غير مؤكدة تفيد باقتراب افتتاح السفارة الإماراتية في دمشق، معلناً في تصريح لصحيفة الوطن السورية أن قرار إعادة الإمارات فتح سفارتها “يخص الإمارات…فهي دولة ذات سيادة وهي التي تعلن وتذيع هذا الخبر”.
غيرأن إعلان فتح السفارة الإماراتية في دمشق اليوم، أعلن عنه الإعلام السوري ولم يعلنه الإعلام الإماراتي بعد.
وعن هذه الخطوة التي تغير المشهد في سوريا بشكل جذري، بعد قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا بما يغير المعادلة ميدانياً، يقول المحلل السياسي محمد حامد لرصيف22 إن الإمارات لا يمكن أن تتخذ خطوة مثل هذه بمفردها دون موافقة السعودية، مضيفاً أن تغير موقف دول الخليج من سوريا بهذا الشكل يعني أن ملف الحرب السورية "انتهى بشكل كامل".
ويعتبر حامد أن إعادة فتح الإمارات سفارتها في سوريا هو أول موقف عربي لافت يتخذ بعد إعلان الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي أنها تستعد للانسحاب "السريع" و"الكامل" من سوريا.
وللولايات المتحدة قوات في سوريا قِوامها أكثر من 2000 جندي، يقومون بالأساس بتدريب القوات المحلية لمحاربة تنظيم داعش.
وكانت الغارديان البريطانية قد ذكرت في تقرير، نشر الأربعاء 26 ديسمبر، أن دول الخليج بقيادة السعودية في طريقها إلى إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، بعد ثماني سنوات من طرد دمشق من الجامعة، ناقلة عن مصادر لم تسمها أنه من المرجح أن يتم الترحيب بالأسد في الجامعة العربية مرة أخرى خلال العام 2019، ليجلس مجدداً بين قادة العالم العربي.
الإمارات التي لا تتحرك دبوماسياً ولا سياسياً بمعزل عن السعودية، ربما تمهد الطريق أمام بقية دول الخليج لتطبيع العلاقات مع الأسد، مع وعود له بإقامة علاقات تجارية طبيعية معه، وبتمويل عملية إعادة إعمار سوريا.
الإمارات التي لا تتحرك دبوماسياً ولا سياسياً بمعزل عن السعودية، ربما تمهد الطريق أمام بقية دول الخليج لتطبيع العلاقات مع الأسد، مع وعود له بإقامة علاقات تجارية طبيعية معه، وبتمويل عملية إعادة إعمار سوريا. وكانت مصادر سورية قد أعلنت في نوفمبر الماضي أن سلطنة عمان تستعد بدورها لإعادة فتح سفارتها في دمشق.
ظلّ ترامب
لا يمكن فصل الخطوة الإماراتية عما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم 19 ديسمبر، حين كتب على حسابه الرسمي على تويتر أن بلاده هزمت تنظيم داعش في سوريا، مضيفاً أن هذا هو "السبب الوحيد لوجود (القوات الأمريكية) هناك خلال رئاسة ترامب". غير أن هزيمة داعش ليست حقيقية، بدليل موقف فرنسا المعارض للخطوة الأمريكية، فعلى لسان رئيسها إيمانويل ماكرون، اعتبرت فرنسا خطوة ترامب مثالاً عن تخلي الحليف عن حليفه ونسيان تعهداته.
وقبل إعلان فتح السفارة الإماراتية، بادرت الأردن منتصف أكتوبر الماضي بإعادة فتح معبر نصيب الذي يربطها بسوريا، وتزامن ذلك مع دعوة رئيس البرلمان الأردني عبد الكريم الدغمي إلى تعيين سفير جديد في دمشق، فيما قالت مصادر روسية في وقت سابق إن دولاً عدة من بينها إيطاليا تفاوض دمشق على إعادة فتح سفاراتها في العاصمة السورية.
التغييرات الميدانية في سوريا، بانسحاب القوات الأمريكية الوشيك بعد توقيع البنتاغون على الأمر المنفذ له، وفسح المجال أمام الجيش التركي ليحل محلها في المناطق التي ستنسحب منها والتي كانت القوات الكردية تستظل بظلها، تأتي كمقدمة للتطبيع مع دمشق مانحة الضوء الأخضر للعواصم العربية بالعودة إلى سوريا وإعادة بشار الأسد الوشيكة إلى مقاعد الجامعة العربية، فيما تبقى تسوية الملف السوري غير مكتملة على أرض الواقع.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...