إجاباتٌ صادمةٌ وفكاهيةٌ في أغلبها، قالها مصريون ردّاً على سؤال "ماذا يعني الرقص المعاصر؟" ("تعرف إيه الرقص المعاصر؟") كقولهم "هو الرقص الصعيدي، معاصر من العَصْر، مثل رقصة الكيكي ودماغ اليومين دول.." البعض ألمح للإجابة دون معرفته جوهرَ معنى الرقص المعاصر، كشكلٍّ فنيٍّ ظهر بعد الرقص الحديث والرقص مابعد الحداثة.
السؤال طرحه مركزُ الرقص المعاصر في مصر، الذي نجح في فردِ مساحتِه الفنية الخاصة، وسط صخبِ القاهرة وضغوطها، مساحةٌ تعيد رسمَ العلاقة مع الجسد والمحيط، وشكلٍ مختلفٍ لمفهوم الحركة، درجة أن تواصلكَ مع الشارع خلال خطوكَ به سيختلف، إذا تعلّمتَ الرقص المعاصر.
شكَّل الرقص المعاصر حركةً مغايرةً للرقص الكلاسيكي "الباليه"، كسرت قواعدَه لتبني لغةً جديدة للرقص، الأمرُ الذي بدّلَ علاقةَ الرقص بالمشاهد، تقول كريمة منصور، مؤسسةُ مركز القاهرة للرقص المعاصر، مضيفةً لرصيف22 أن الباليه خُصّص للبلاط الملكي والنخبة، ويقوم على سرد قصةٍ لها بدايةٌ ووسطٌ ونهاية، وحركةُ الراقصينَ فيه تعمل وفق خطوطٍ رأسية وأفقية وبعكس الجاذبيةِ الأرضية، فالعارضون في انعتاقٍ دائم نحو الأعلى والوقوف على أطراف الأصابع.
ففي هذا العرض كما غيره تستمد مصممة الرقص المصرية أفكارَها من السياق الاجتماعي والبيئة المحيطة فيها، تسكبها في موضوعاتٍ قد تكون شخصيةً لكنها تلامس الجميع، شرطَ أن تُقدَّم بصدق كي تصل إلى الآخرين "منبع الأفكار ليس واحداً، هي تجتاحني وتدفعني للتعبير عنها، التعامل مع الرقص بصدق يجعله شخصياً لكنه في ذات الوقت عالمي، ويمس الآخرين".
كريمة في حالة رضا عما حققته المدرسة التي استحوذت مساحةً جيدة في فضاء الفن المصري المستقل، غيرت نظرةَ البعض اتجاه الرقص المعاصر وقربت المسافة بينهما، خاصة أهالي الطلبة الذين لمسوا النتيجةَ في عروض أبنائهم فباتوا يفخرون بإنجازهم بعد استهجانٍ ربما يكون مألوفاً في مجتمعٍ لا يخلو من التحفظات والقيود.
تنهي حديثها "الرقص فن ورياضة تعلّمُ الانضباطَ واحترامَ الوقت وفهمَ المساحة، مساحة الآخر التي تفكر فيها حتى في علاقتك مع الرصيف الذي تمشي عليه كل يوم.. مركز القاهرة للرقص المعاصر بيت مفتوح لكل من يعمل في الفن، ورش بروفات وعروض، شراكات ودعم لكل ساعٍ له".
يقدم مركز القاهرة للرقص المعاصر حالياً فعاليةً للطلبة، تحت عنوان "المنصّة" على خشبة مسرح جزويت القاهرة، بين 20 و23 ديسمبر.
"المنصّة" مساحةٌ يقدِّم عبرها الطلابُ عروضَ رقص طورها الجيل الأول من المدرسة، يليها حلقاتُ نقاشٍ وعروضُ أفلام، إلى جانب تنظيم أولِ لقاءٍ للشبكة العربية الأوربية للرقص المعاصر والأداء في مصر.
أهالي الطلبة في مركز القاهرة للرقص المعاصر لمسوا النتيجة في عروض أبنائهم فباتوا يفخرون بإنجازهم بعد استهجانٍ ربما يكون مألوفاً في مجتمعٍ لا يخلو من التحفظات والقيود
شكَّل الرقص المعاصر حركةً مغايرةً للرقص الكلاسيكي "الباليه"، كسرت قواعدَه لتبني لغةً جديدة للرقص، الأمرُ الذي بدّلَ علاقةَ الرقص بالمشاهد، تقول كريمة منصور، مؤسسةُ مركز القاهرة للرقص المعاصر، مضيفةً لرصيف22 أن الباليه خُصّص للبلاط الملكي والنخبة، ويقوم على سرد قصةٍ لها بدايةٌ ووسطٌ ونهاية، وحركةُ الراقصينَ فيه تعمل وفق خطوطٍ رأسية وأفقية وبعكس الجاذبيةِ الأرضية، فالعارضون في انعتاقٍ دائم نحو الأعلى والوقوف على أطراف الأصابع.مركز الرقص المعاصر في مصر، مساحةٌ فنيةٌ خاصة، وسط صخبِ القاهرة وضغوطها، تعيد رسمَ العلاقة مع الجسد والمحيط، وشكلٍ مختلفٍ لمفهوم الحركة، درجةَ أن تواصلكَ مع الشارع خلال خطوكَ به سيختلف، إذا تعلمتَ الرقص المعاصر
تستمد كريمة منصور أفكارَ عروضها من السياق الاجتماعي والبيئة المحيطة فيها، تسكبها في موضوعاتٍ قد تكون شخصيةً لكنها تلامس الجميع، شرطَ أن تُقدَّم بصدق كي تصل إلى الآخرينبينما الحركة في الرقص المعاصر تتجاوز هذه الخطوطَ لتكون مع الجاذبية الأرضية وضدَّها، وبحركاتٍ حلزونيةٍ ودائرية، ليست فقط رأسيةً وأفقية، أما خطُّه الدرامي فهو واضح، لكنه ليسَ كسردِ السابق، ولا يشترط مدخلاً ووسطاً ونهاية، قبلَ كلّ ذلك عملَ الرقصُ المعاصر على الخروجِ من بلاط النخبة إلى الشارع وتقديمِ عروضِه لعامة الشعب. فروقٌ أخرى بين الرقص الكلاسيكي "الباليه" والمعاصر تحدثنا عنها كريمة منصور، لنفهم أكثر آليةَ عمل الأخير ومغزاه. لعل أهمها مساحةُ الخشبة التي تُستَغلُ كلُّ زاويةٍ منها في الرقص المعاصر، وكل من يقف عليها له شأنٌ يظهر من خلال أدائه وحركته، في حين الرقصُ الكلاسيكي جعلَ منتصفَ المسرح تحت بؤرةِ الضوء فقط، إلى جانب البطلَين الأساسيين على حساب طمس باقي الشخصيات على المسرح. "تتجاوز الموسيقا كونَها عنصراً جمالياً مكمِّلاً لعرض الرقص المعاصر، لتصبحَ عاملاً مهماً يتضمن مبرراتِ استخدامه التي قد تشمل جميع أنواع الصوت والموسيقا. ذاتُ العلاقةِ المختلفة يبنيها الرقصُ المعاصر مع الديكور الذي يُستغلُ وفق مبرراتٍ معينة، كأن يخلو المسرح من أيّ عنصرٍ بهدف التركيز على العارضين والأشكال التي يخلِّقونها بأجسادهم على المسرح وفقَ تقنياتٍ تلقوها في المدرسة لكن يقدمونها بشكلٍ ارتجالي نابع من خبراتهم الحياتية المأخوذة حتى من المارّة في الطريق أو في أي مكان" تقول كريمة، مضيفةً أنَّ الحريةَ ومواكبةَ مفردات العصر أكثرُ مميزاتِ الرقص المعاصر. [caption id="attachment_176734" align="alignnone" width="1024"] مدرسة الرقص المعاصر، عدسة علاء القمحاوي[/caption]
لماذا الرقص المعاصر؟
"الرقصُ المعاصر يقدم مساحةً أكبر للتعبير، وليس محدوداً بحقبةٍ زمنيةٍ معينة، وهو مبنيٌّ وفق تقنياتٍ معينة، لكن مضمونَه معاصرٌ، فيشتغل طوال الوقت بالبيئة المحيطة التي بدورها تغذّي العملَ، مايجعل الأمرَ دائمَ الاستمرار والمواكبة للعصر" تقول كريمة معللةً سبب اختيارها الرقصَ المعاصر دونا لباقي فنون الرقص. رَغم أنها بدأت برقص الباليه في الطفولة، كانت رحلةً مع الرقص لم تخلُ من المنعطفات والكثير من التنقل. بقي خلالها الرقصُ المعاصر شغفَها وحلمَ حياتها التي بدأت تحقيقَه جدياًّ بعد إنهائها دراستَها الجامعية في معهد السينما في القاهرة، لتسافر إلى إيطاليا مدة سنتين أتمت خلالهما كورساً احترافياً في الرقص المعاصر، بعدها توجهت إلى انكلترا لتدرسَ وتنال شهادةَ بكالوريوس وماجستير في الرقص المعاصر من مدرسة الرقص المعاصر في لندنLondon Contemporary Dance School. [caption id="attachment_176735" align="alignnone" width="700"] عرض كريدو، فرقة معت للرقص المعاصر، عدسة بسام الزعبي[/caption] عن المدرسة تقول كريمة "منهجُها دسمٌ ومنوَّع بين قسمي النظري والعملي الذي يتضمن خطَّ الرقص المعاصر بأنواعه ومدارسه المختلفة، إلى جانب الباليه، اليوغا، البيلاتس، فيتنس، جاز وهيبهوب وأفريقي أيضاً. وبهدف فهم الطلبة كيفيةَ أداء وعمل أجسادهم، فهم يتلقون مادة التشريح ومادة علوم الغذاء، إضافةً إلى تاريخ الرقص، والفنون القتالية مثل شاوينج، كونغ فو، وغيرها". إلى جانب المدرسين الثابتين، هناك آخرون زائرون يقدمون دروساً مكثفة عن تجاربهم، الأمر الذي جعل المنهجَ في تجدّد دائم، وهذا ما تؤكده كريمة "المنهج غير جامد بل في حالة تحديثٍ مستمرة وفق ماتتطلبه المتغيرات". تعتبر كريمة المدرسةَ محطةً أساسية لتأهيل الراقصين، لكنها خطوةٌ للمتابعة في مشوارهم مع الرقص المعاصر "بعض الراقصين تخرجوا والآن يكملون دراستهم خارجاً، وآخرون يسافرون مع فرق أوروبية في عروض حول العالم، ومنهم من يقدم دروساً في المدرسة ذاتها" بعدما تخرجوا ونجحوا في تغيير النظرة النمطية اتجاه الرقص عامة والرقص المعاصر.إنجازاتٌ وعروض
انضم عددٌ من خريجي المدرسة لفرقة "معت" التي قدمت مؤخراً ثلاثةَ عروض، أحدُها عرضٌ جماعي بعنوان "كريدو" تصميم وإخراج كريمة منصور، وآخر حمل اسم "لاس بيرنادراس" تصميم وإخراج الإسبانية ليبارتد بوزو، مستقى من مسرحية "بيت برناردا ألبا" لغارثيا لوركا. أيضاً قدمت كريمة منصور عرضاً فردياً تحت عنوان "من قال شيئاً عن الرقص؟" العرض يفجر تساؤلاتٍ هامةً حول ماهيةِ الفن وأهميتِه ومدى المعاناة التي يعيشُها صُنّاعُه، سواءٌ في الرقص أوالمسرح أو السينما، حاولت كريمة أن تشاركَ الجمهور اعتقاداً وخبرةً شخصيةً عايشتها وشغلتها طويلاً.مدرسة لبناء العلاقة مع الجسد والمحيط.. ماذا نعرف عن مركز القاهرة للرقص المعاصر؟
ففي هذا العرض كما غيره تستمد مصممة الرقص المصرية أفكارَها من السياق الاجتماعي والبيئة المحيطة فيها، تسكبها في موضوعاتٍ قد تكون شخصيةً لكنها تلامس الجميع، شرطَ أن تُقدَّم بصدق كي تصل إلى الآخرين "منبع الأفكار ليس واحداً، هي تجتاحني وتدفعني للتعبير عنها، التعامل مع الرقص بصدق يجعله شخصياً لكنه في ذات الوقت عالمي، ويمس الآخرين".
كريمة في حالة رضا عما حققته المدرسة التي استحوذت مساحةً جيدة في فضاء الفن المصري المستقل، غيرت نظرةَ البعض اتجاه الرقص المعاصر وقربت المسافة بينهما، خاصة أهالي الطلبة الذين لمسوا النتيجةَ في عروض أبنائهم فباتوا يفخرون بإنجازهم بعد استهجانٍ ربما يكون مألوفاً في مجتمعٍ لا يخلو من التحفظات والقيود.
تنهي حديثها "الرقص فن ورياضة تعلّمُ الانضباطَ واحترامَ الوقت وفهمَ المساحة، مساحة الآخر التي تفكر فيها حتى في علاقتك مع الرصيف الذي تمشي عليه كل يوم.. مركز القاهرة للرقص المعاصر بيت مفتوح لكل من يعمل في الفن، ورش بروفات وعروض، شراكات ودعم لكل ساعٍ له".
يقدم مركز القاهرة للرقص المعاصر حالياً فعاليةً للطلبة، تحت عنوان "المنصّة" على خشبة مسرح جزويت القاهرة، بين 20 و23 ديسمبر.
"المنصّة" مساحةٌ يقدِّم عبرها الطلابُ عروضَ رقص طورها الجيل الأول من المدرسة، يليها حلقاتُ نقاشٍ وعروضُ أفلام، إلى جانب تنظيم أولِ لقاءٍ للشبكة العربية الأوربية للرقص المعاصر والأداء في مصر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع