"يا كبير"، مسرحية سورية ألمانية، لم يكن عرضها، ليلة الاثنين، على خشبة المسرح البلدي في تونس العاصمة، خلال الدورة الـ 20 لأيام قرطاج المسرحية، ليمر دون أن يُثير جدلاً واسعاً لظهور بطله الممثل السوري حسين مرعي عارياً، مُجرداً من ملابسه كُلياً، لنحو 6 دقائق. مشهدٌ لم يعتد الجمهور العربي رؤيته في السينما أو التلفزيون لـ"خدشه الحياء العام"، ماذا لو كان يُشاهده مُباشرةً على "خشبة مسرح"؟
/قيل إن أنجح الأعمال السينمائية أو الدرامية أو المسرحية هي تلك التي يُمكننا الاستغناء فيها عن الصوت كُلياً ونكتفي بلُغة الجسد، التي تكون أكثر بلاغة أحياناً، إذ تستطيع العين حفظ ما يمكن أن تنساه الأذن يوماً، وهذا ما حاول تقديمه المُخرج رأفت الزاقوت الذي شارك في كتابة العمل إلى جانب أمل عمران.
تتناول مسرحية "يا كبير" (75 دقيقة)، التي تعمّد صُناعها أن تكون "جدلية" و"استفزازية"، علاقة الديكتاتورية بالمُجتماعات الأبوية، من خلال قصة امرأة سورية (أمل عمران)، تزور شقيقها الفنان التشكيلي (حسين مرعي) في المنفى، بعد غياب طويل بسبب خلافات في الرأي بينهما، وتتزامن زيارتها مع وفاة والدهما. وبينما يحاول الأخ ثني أخته عن قرار العودة إلى سوريا لحضور جنازته بسبب الحرب المُندلعة مُنذ عام 2011، يدخلان في صراع مرير، إذ تبدي شقيقته إعجابها بوالدها الضابط "الكبير" في المُخابرات السورية، فيما يُحاول شقيقها توضيح صورته أمامها، وإقناعها بأنه متورّط في الدم المسفوك في بلادها.
وبعد سلسلة من الأحداث الدرامية، يبدأ فيها الماضي بالظهور على السطح، وحين أُغلق باب النقاش لتمسّك الشقيقة بفكرتها التي لن يهزّها أحد عن والدها الذي فارق الحياة، تعرّى الممثل السوري أمام الحضور، مُجسداً آلاف العراة من اللاجئين، وغيرهم من المُعتقلين في السجون السورية، ومن ثم اغتصب شقيقته، لإيصال رسالته التي فشل في سردها شفاهياً، في محاولةً منه تغيير الصورة "اللامعة" لأصحاب السلطة، ابتداءً من الأب وانتهاء بـ"الديكتاتور"، وينتهي الصراع بقتل شقيقته له، قبل أن تنتحر في مشهد قاس يصفه مخرج العمل بأنه يشبه "ما يجري في سوريا"، مُضيفاً "الديكتاتور نحن، ونحن الديكتاتور".
https://youtu.be/lo_UnmxCL_M?t=51وتعليقاً على الضجة التي نتجت عن عُري الممثل الشاب، نفى الزاقوت في حوار مع "دويتشه فيله" الألمانية أن يكون المشهد "مُرتجلاً"، موضحاً أنه جزء أساسي من بنية المسرحية، لافتاً إلى أنه لم يكن بغرض إيحاءات جنسية، وإنما لـ "محاكاة ما آلت إليه الأوضاع السورية من انتهاكات وجنون وهستيريا، واعتداءات"، بحسب قوله.
وبدورها، أعربت إدارة أيام قرطاج المسرحية، الثلاثاء، عن "إدانتها ورفضها" لما وصفتها بـ"الممارسة الفردية واللامسؤولة" التي قام بها الممثل حسين مرعي في المسرحية، لافتةً إلى أن فعلته لم تكن مذكورة في شريط الفيديو الذي اعتمدته لجنة اختيار العروض.
وقالت إنها رغم سعيها للحفاظ على مبدأ ضمان حرية التعبير، "كما ينص عليها الدستور التونسي"، فإن الممثل السوري "أخلّ بالعقد الأخلاقي الاحترافي المهني"، ولم يتبع الأعراف والمعايير المتفق عليها والمعمول بها.
/وفيما قيل إن الجمهور غادر قاعة العرض بسبب العُري، قالت صفحة "تيار الفكر الحر" على فيسبوك إن الجمهور لم ينسحب بل "استمر بالتصفيق وإكمال العمل حتى النهاية".
"يا كبير"، مسرحية سورية ألمانية، لم يكن عرضها، ليلة الاثنين، على خشبة المسرح البلدي في تونس العاصمة، ليمر دون أن يُثير جدلاً واسعاً لظهور بطله الممثل السوري حسين مرعي عارياً، مُجرداً من ملابسه كُلياً، لنحو 6 دقائق.
حين أُغلق باب النقاش لتمسّك الشقيقة بفكرتها التي لن يهزّها أحد عن والدها الذي فارق الحياة، تعرّى الممثل السوري أمام الحضور.
من الذي خلق الديكتاتور؟
يقول المخرج والمؤلف رأفت الزاقوت إن الشعب السوري انقسم منذ عام 2011: مع أو ضد النظام، مع أو ضد الثورة، مع أو ضد الإسلاميين، ومع أو ضد السلاح، لافتاً إلى أنه أراد بعد سبع سنوات، من خلال المسرحية فتح باب الأسئلة عن زوايا مسكوت عنها: من القاتل؟ ومن القتيل؟ ومن الضحية؟ ومن الجلاد؟
وتُضاف إلى هذه الأسئلة: من الذي خلق الديكتاتور؟ هل الديكتاتوريات هي التي خلقت المجتمعات الأبوية أو أن الديكتاتور هو ابن هذا المجتمع؟
ولفت الزاقوت في حوار مع مجلة الفن، إلى أن خروج النص من الورق إلى المسرح يشبه خروج السوريين من "بلدهم الصغير" إلى شتّى أنحاء العالم، قائلاً إن الخروج يجعل السوري "مكشوفاً وعارياً" بنظر الناس في الشوارع والمطاعم، "وهذا ما يجعل المجتمع الأبوي الذي جاء منه السوريون أكثر انكشافاً وعرياً"، يُضيف الزاقوت.
مسرحية "يا كبير" هي ثاني أعمال مجموعة "مقلوبة"، بعد مسرحية "حبك نار" (2017) التي اعتبرها البعض "جريئة جداً" لاحتوائها على مشاهد جنسية. والمجموعة مؤلفة من المخرج رأفت الزاقوت، والممثلة أمل عمران، والكاتب مضر الحجي، وكان الثلاثي قد اجتمع حين أعلن مسرح "أن دير رور" في مدينة مولهايم الألمانية منحة إقامة فنية. وقد سُميت المجموعة كذلك نسبةً لطبخة "المقلوبة" الشاميّة، ليسخروا من "قلب كل شيء".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون