يوماً ما، في المستقبل القريب ربّما، سيتم تعريف التطرف، الديني منه على الأخص، كواحد من أنواع الأمراض العقلية القابلة للمعالجة. هذا ما توصلت إليه كاثلين تايلور، باحثة في جامعة أوكسفورد وناشرة متخصصة في علم الأعصاب، في مقال نشره موقع هوفينغتن بوست Huffington Post الإلكتروني، بقلم ميريديث بينيت - سميث Meredith Bennett-Smith في 31 مايو 2013.
أدلت كاثلين تايلور Kathleen Taylor، التي تصنف نفسها كاتبة وباحثة "متخصصة بعلم وظائف الأعضاء، علم التشريح وعلم الوراثة"، بهذا التصريح خلال محاضرة ألقتها في مهرجان هاي الأدبي Hay Festival في وايلز.
وأضافت الباحثة بالقول إنها، في حديثها عن التطرف الديني، لا تتكلم فقط عن "التطرف الإسلامي الواضحة معالمه، بل أيضاً عن الكثير من المعتقدات الأخرى مثل القناعة بأن ضرب الأطفال أمرٌ مقبول." بهذا أبعدت بحثها عن التطرف الديني حتى لا تُتهم بأنها فقط تُعادي الأصوليين والإرهابيين الإسلاميين.
نشرت تايلور، عام 2006، كتاباً بعنوان "غسل الدماغ: علم السيطرة على الأفكار"، قامت خلاله بدراسة الطرق التي تستعملها المجموعات العقائدية، مثل القاعدة، لإقناع الآخرين بالإنضمام إليها.
في خضم دفاعها عن نتائج بحثها قالت في مقابلة نشرت على اليوتيوب: "كلّ الناس يقومون بتغيير معتقداتهم، وهذا أمرٌ مؤكّد. فنحن قادرون على إقناع الآخرين بالقيام بأشياء معينة. كلنا نشاهد الدعايات والإعلانات، وكلنا نحصل على الثقافة ونمارس الدين، وبالتالي كلنا نغير مبادئنا ومعتقداتنا مع مرور الوقت، وغسل الدماغ هو الحد الأقصى من الإقناع: إنه التعذيب النفسي القسري." ورغم أنّ غسل الدماغ أمرٌ متطرف، تقول تايلور، إلا أنّه "جزءٌ من ظاهرة الإقناع التي نقوم عبرها بجعل الأشخاص يقتنعون بما لا يصحّ أو ما ليس جيّداً، أو بأمور لم يكونوا ليفكّروا فيها أبداً".
كان لهذا التصريح وقع قوي على كثير من رجال الدين والمتدينين؛ فالأديان وتعاليمها مقدسّة منزلة على البشر، رغم اختلاف الأنبياء حَمَلَة هذه الرسائل. هاجم الباحثة كثيرون، بعضهم بالمنطق والتحليل العلمي، بينما قام آخرون بدعوتها إلى العودة عن "طريق الهلاك"، لكنها أصرّت على مواقفها وتصريحاتها معلنة أن استنتاجاتها مستندة إلى أسس علمية متينة، بينما لم يقم المفكّرون أو المثقفون أو العلمانيون، حَمَلة عقائد غير دينية، بالتعليق على تصريحات تايلور سواء سلباً أو إيجاباً. وإذا ما حاول القارىء النظرَ إلى ما يحدث في عالمنا العربي قد يصل إلى استنتاج مبدئي بأنّ المشكلة لم تكن يوماً في العقائد الدينية نفسها، بل بطريقة تطبيق هذه المعتقدات لدى البعض؛ فالمرض النفسيّ ليس في "الإيمان".
المرض العقلي هو الذي يدفع بهؤلاء الأشخاص إلى التطرف بعد مرحلة الإيمان، سواء في الحب أو في الدين أو في العلاقات الاجتماعية، ويدفعهم بالتالي إلى استعمال العنف والإكراه والوسائل الملتوية لتلبية رغبات عقدهم النفسية.
عن مقالة Meredith Bennett-Smith الصادرة في Huffington Post، تاريخ 31/05/2013، تحت عنوان : "Kathleen Taylor, Neuroscientist, Says Religious Fundamentalism Could Be Treated As A Mental Illness"
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...