"ربما تحلّ عملية استخدام الخلايا الجذعية مشكلة المرضى الذين ينتظرون دورهم لزراعة كبد". قالت مونيا بايكر في مقال نشرته على موقع نايتشر Nature الإلكتروني.
اكتشف بعض الباحثين أن استئصال خلايا جذعية، واستعمالها لتكوين "أكباد مصغّرة" يعيد إحياء وظائف الكبد عند الفئران، لكنّ النتائج لا تزال أولية. أخذ العلماء خلايا جذعية من جسد إنسان، وقاموا بزرعها داخل جسد فأر توقّفت وظائف كبده عن العمل. تقوم هذه الخلايا بتنظيم بعضها ثمّ تنمو لتصبح عضواً فاعلاً. يشبه هذا الأمر استنساخ الأعضاء، لكن عن طريق وسيلة طبيعية. النتيجة، في المستقبل القريب، أو ربما البعيد، كبد جديد لا يحتاج الى واهب.
أنقذت تلك الأكباد المصغّرة، التي لا يتعدّى حجمها 4 مم، فئران تعاني من فشل في عمل الكبد، فصار لهذه المجموعة من الخلايا المزروعة شكلٌ منظم، والعديد من الوظائف الحيوية، مثل إفراز نوع خاص من البروتينات التي يفرزها الكبد، وبعض المستقلبات التي ينتجها الجسد البشري. لكن الأمر الأهم من هذه الوظائف هو قدرة التكوين الجديد، الذي شكّلته الخلايا الجذعية المزروعة، على الاتصال بكل الأوعية الدموية المجاورة، وبالتالي على النمو بشكل مستمر.
صحيحٌ أنّ النتائج أوليّة، إلا أنها واعدة، يقول فاليري غويون-إيفانز Valerie Gouon-Evans الباحث في نمو وتطور الكبد في مستشفى ماونت سيناي Mount Sinai في نيويورك، ويضيف: "هذا الأمر غير مألوف أبداً" لأن الدورة الدموية للجسد المُضيف تدعم الكبد المصغّر الذي تتكاثر خلاياه، وتنمو مما يمكنه القيام بوظائف الكبد الحقيقي.
يقول إيفانز، من جهة أخرى، إن على العلماء مراقبة الحيوانات التي تحمل الأكباد المزروعة على مدى عدّة أشهر للتأكد من عدم تفسّخ الخلايا، أو تحولها إلى أورام. تفيد الإحصاءات بوجود نقص كبير في عدد الأكباد المتوفرة للزرع، إذ تمّ زرع 5805 كبد عام 2011 في الولايات المتحدة، بينما لاقى في العام نفسه 2938 شخصاً حتفهم، أو زادت حدّة مرضهم، ما أدّى إلى جعل عملية الزرع غير مفيدة.
تُعتبر محاولات تكوين عضو متطور في المختبرات العلمية تحدّياً كبيراً للعلماء. لهذا السبب صرّح تاكانوري تاكيبي Takanori Takebe، عالم أحياء متخصص في دراسة الخلايا الجذعية في جامعة يوكوهاما Yokohama في اليابان، والذي شارك في تحضير وقيادة هذه الدراسة، بأن هذه هي المرة الأولى التي يتوصل فيها العلماء إلى تكوين عضو صلب عن طريق برمجة وتحفيز خلايا جذعية، ومن ثمّ زرعها.
ستنتظر الإنسانية عدّة سنوات قبل التأكد من قدرة هذه الأكباد على مساعدة المرضى، وسينتظر المرضى أيضاً وقتاً كافياً، بسبب صعوبة تشكيل وتكوين أعداد كافية من هذه الأكباد المصغّرة. في هذه المرحلة من إجراء التجارب، قام تاكيبي بزرع الخلايا في أماكن مثل الجمجمة والبطن عن طريق الجراحة. وهو يأمل، في مراحل متقدمة، بتكوين كبد مصغّر بما يكفي لزرعه، عن طريق الوريد، في الفئران أولاً، ومن ثمّ لدى البشر. كما ويأمل لاحقاً بزرع الكبد المصغّر في الكبد نفسه علّ العضو الجديد يتمكّن من خلق قنوات العصارة الصفراء الضرورية لعملية الهضم السليمة، والتي لم يُلحَظ وجودها في التجارب السابقة.
إذا ما تحولت هذه التجربة إلى إنجاز علمي، وتمكن الباحثون حقاً من خلق كبد مصغّر عن طريق زرع الخلايا الجذعية، قد يتمكّن العلم أيضاً من تسخير هذا الإنجاز لتكوين وتصنيع العديد من الأعضاء الأخرى، مثل الرئتين والكليتين والبنكرياس وغيرها.
عن مقال نشره موقع نايتشر Nature الإلكتروني بقلم مونيا باكر Monya Baker .في 3 تموز 2013
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...