عندما نتحدث عن التلوّث غالباً ما نفكّر بتلوّث المياه والتربة، فنحرص على شرب المياه النقيّة المكرّرة وأكل الخضار والفاكهة من تربة نظيفة صالحة، حفاظاً على صحتنا .غير أنّنا لا نفكّر بنوعين هامين للتلوث باتا في غاية الخطورة، وهما الضوضاء وتلوث الهواء، إذ أثبتت الدراسات أنّ انعكاساتهما سلبية جدا ليس فقط على صحتنا الجسديّة بل النفسية أيضاً.
إنّ البيئة هي إجمالي الأشياء التي تحيط بنا وتؤثّر في وجودنا، كما يمكن وصفها بأنّها مجموعة من الأنظمة المتشابكة التي تطال الأرض وتحدّد بقاءنا عليها. وتعاني البيئة في السنوات الأخيرة من نسب تلوّث عاليّة مما أدّى إلى انتشار الأمراض البيولوجيّة وضاعف من توتّر الإنسان ونسبة الاكتئاب عنده.
وإذا أردنا تفصيل نتائج التلوّث على البشر لا بدّ من التطرّق إلى نتائج الدراسات التي أجريت في السنوات الاخيرة .
ولا تقتصر تداعيات تلوّث الهواء على المشاكل الصحيّة بل تتعدّاها إلى الصحّة النفسيّة والعقليّة للبشر. ففي دراسة أُجريت في جامعة واشنطن تناولت 6000 شخص تمّ الكشف عن وجود صلة مباشرة بين الهواء الملوث والصحة النفسيّة والعقليّة. فقد ركّزت الدراسة على معرفة نسبة الجسيمات التي تنتج عن محطات توليد الكهرباء، وأفران الخشب ومحركات السيارات، والتي يقوم الناس بتنفسها.
وفي أثناء الدراسة التي أجريت بين عامي 1999و2011 تمّ قياس مشاعر الحزن والتوتّر واليأس وغيرها لدى المشاركين، وأظهرت النتائج زيادة خطر المعاناة النفسيّة مع ازدياد كميّة الجسيمات الدقيقة الملوّثة في الهواء.
إلى ذلك ربطت دراسة حديثة أعدّها باحثون في جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins، بين تلوث الهواء وارتفاع معدّلات الإصابة بالقلق النفسي، إذ كشفت الدراسة أنّ النساء اللواتي يعشن في مناطق تشهد مستويات عاليّة من تلوث الهواء، يعانين قلقاً نفسيّاً شديداً، ما يعني أنّ للتلوث تأثيراً خطيرًا في الصحّة النفسيّة.
تلوّث الهواء مشكلة متفاقمة
أشارت منظمة الصحّة العالميّة في آخر إحصائيّاتها الصادرة في أيار من العام الحالي إلى أنّ حوالي سبعة ملايين شخص يموتون كلّ عام بسبب تنشّق الجسيمات الدقيقة الموجودة في الهواء الملوث، مما يؤدّي إلى إصابتهم بسكتة دماغية أو أمراض في القلب أو سرطان في الرئة أو إلتهابات حادّة في الجهاز التنفسي.في دراسة أجريت بين عامي 1999 و2011، تمّ قياس مشاعر الحزن والتوتّر واليأس وغيرها لدى المشاركين، وأظهرت النتائج زيادة خطر المعاناة النفسيّة مع ازدياد كميّة الجسيمات الدقيقة الملوّثة في الهواء
ولا تقتصر تداعيات تلوّث الهواء على المشاكل الصحيّة بل تتعدّاها إلى الصحّة النفسيّة والعقليّة للبشر. ففي دراسة أُجريت في جامعة واشنطن تناولت 6000 شخص تمّ الكشف عن وجود صلة مباشرة بين الهواء الملوث والصحة النفسيّة والعقليّة. فقد ركّزت الدراسة على معرفة نسبة الجسيمات التي تنتج عن محطات توليد الكهرباء، وأفران الخشب ومحركات السيارات، والتي يقوم الناس بتنفسها.
وفي أثناء الدراسة التي أجريت بين عامي 1999و2011 تمّ قياس مشاعر الحزن والتوتّر واليأس وغيرها لدى المشاركين، وأظهرت النتائج زيادة خطر المعاناة النفسيّة مع ازدياد كميّة الجسيمات الدقيقة الملوّثة في الهواء.
إلى ذلك ربطت دراسة حديثة أعدّها باحثون في جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins، بين تلوث الهواء وارتفاع معدّلات الإصابة بالقلق النفسي، إذ كشفت الدراسة أنّ النساء اللواتي يعشن في مناطق تشهد مستويات عاليّة من تلوث الهواء، يعانين قلقاً نفسيّاً شديداً، ما يعني أنّ للتلوث تأثيراً خطيرًا في الصحّة النفسيّة.
موجات الضوضاء، وجزئيّات الهواء الملوَّث: إثارة لليأس ومصدر لقهر الجسد
الضوضاء تلوّث بات منتشراً في مختلف المدن ولا سيّما المزدحمة منها، وفي المناطق الصناعيّة والتجاريّة، إنّه تلوث العصر الخفي، يدخل إلى حياتنا ويتحكّم بنفسيتنا من دون أن ندري. إنّه التلوّث الأكثر تأثيراً في جهازنا العصبي. فالضجّة والأصوات الصاخبة تحدّ من نشاط الإنسان وحركته، وتؤدي إلى استثارة القلق والتوتّر والارتباك عنده، وقد تسبّب له انهياراً عصبيّاً، كما تتسبّب بسرعة إصابته بأزمات انفعاليّة وتخلق عنده مشاعر مختلفة من عدم الرضا والضيق والخوف. أثبتت إحدى الدراسات أنّ ارتفاع نسبة الضوضاء وتجاوزها 45 ديسيبل نهاراً، و35 ديسيبل ليلاً، يضرّ الإنسان نفسيّاً واجتماعيّاً ويخلق ضغوطاً وتوتراً لأعصابه وعقله ويدفعه إلى عدم التركيز والإرهاق والاكتئاب ويعكّر عليه الصفاء الذهني، مما يؤدي بالتّالي إلى تدهوّر حالته النفسيّة وانخفاض مستوى أدائه، وإعاقة نموّه النفسي. وأكّدت الدراسة أنّ ازدياد الضوضاء عن 110 ديسيبل يحدث أيضاً مشاكل صحيّة لأنّه يؤدي إلى ألم شديد بالأذن وإلى أضرار قد تصل إلى حدّ فقدان تام للسمع سواء على المدى القريب أو المدى البعيد. ومن الآثار السلبيّة للضوضاء أيضاً انقباض الأوعية الدمويّة، واضطراب في إيقاع القلب وحركة التنفّس والجهاز المعوي، وفشل في مقاومة الجلد عبر إفراز العرق، والتغير الكيميائي للدم والبول. وكشفت دراسة أخرى أجراها باحثون في جامعة أوهايو على فئران تجارب أنّ التعرّض طويل الأمد لتلوّث الهواء يمكن أن يؤدّي إلى تغيرات فيزيولوجيّة في الدماغ، أو إلى مشاكل في الذاكرة وطريقة الاستجابة، وقد يصيب الشخص بالاكتئاب. إنّ الأبحاث العلميّة أثبتت أيضاً أنّ للضوضاء تأثيراً سلبيّاً في تكوين الأجنّة عند الحوامل، خاصّة عند اللواتي يعملن في المصانع، لأنّ تعرضهن لدرجات من الضوضاء يسبّب حساسيّة عند الجهاز العصبي لأطفالهنّ، ويعرّضهم لأمراض عصبيّة بعد الولادة.يتم إغفال نوعين للتلوث باتا في غاية الخطورة، وهما الضوضاء وتلوث الهواء، إذ أثبتت الدراسات أنّ انعكاساتهما سلبية جدا ليس فقط على صحتنا الجسديّة بل النفسية أيضاً.
أثبتت دراسة صادرة عن جامعة جونز هوبكنز أنّ النساء اللواتي يعشن في مناطق تشهد مستويات عاليّة من تلوث الهواء، يعانين قلقاً نفسيّاً شديداً
المياه والتربة تنازعان
إنّ هذين النوعين من التلوّث ظاهران للعين، وحجمهما يكبُر مع تطوّر المجتمعات الصناعيّة. وقد بات مثبتاً علميّاً أنّ لهذا التلوث أضراراً كبيرة على صحة الإنسان الجسديّة، ولكن التجارب تدلّ على أنّ حالات العصبيّة والانزعاج والقلق والتوتر تنتج أحياناً كثيرة بسبب تنشّق روائح القمامة والمياه الآسنة ورؤية منظرها.عصب الحياة في خطر
ويُقصد بتلوّث الماء دخول مواد ضارّة بشكل مباشر أو غير مباشر إلى المحيطات، والبحار والبحيرات والأنهار والجداول وطبقات المياه الجوفيّة ومخازنه، ممّا يغيّر من خصائصها الكيميائيّة والبيولوجيّة. إنّ هناك عوامل مختلفة تتسبّب بتلوّث المياه الذي يُعتبر ليس فقط خطراً على الثروة المائيّة بل أيضًا على صحّة الإنسان. ومن هذه العوامل إلقاء نفايات المصانع التي تحتوي على ملوِّثات كالكبريت، والأسبست، والنّترات، والرّصاص، والزّئبق، وغيرها من المواد الكيميائيّة في الأنهار والبحار، وتسرّب مياه الصّرف الصّحي التي تحمل البكتيريا الضّارة إلى المياه الجوفية والمسطّحات المائيّة واختلاط مياه الأمطار مع المواد المتسربّة من مطامر القمامة الى عمق التربة. يسبّب تلوّث الماء الأمراض المعويّة للإنسان كالكوليرا، والتيفوئيد، والملاريا، والتسمّم والتهابات الجلد، كما أنّ هذا التلوث في المسطّحات المائيّة يقضي على الثروة السمكيّة ويلحق الضرر بالحيوانات البحريّة.هل نعي مخاطر تلوّث التربة؟
إنّ الإنسان والتربة مرتبطان ارتباطًا عضويًّا. هي مصدر قوّته وملجأ أساسي له في حياته ومماته. ولكن كما يبدو لا يعير الإنسان لتعافي هذه التربة أيّ اهتمام بعدما ظهر جليًّا ازدياد نسبة تلوثها. ويعني تلوّث التّربة اختلاطها بمواد كيميائيّة ليست من مكوناتها الأصلية، وإنّما من صنع البشر، فيتسبب هذا التلوث بتدهور نمو النّباتات التي تشكّل المصدر الرئيسي للغذاء. ومن الأسباب الأساسية لتلوث التّربة النّفايات الصّناعية الصّلبة التي تتراكم على سطح التربة، والمبيدات المستعملة في الزراعة، وتسرُّب النّفط إلى التّربة أثناء نقله أو تخزينه، واستعمال الأشجار والصخور في عمليات التصنيع والاستهلاك. كما أنّ للقمامة، وهي من مخلّفات الإنسان اليوميّة، أضراراً تزداد نسبتها في البلدان النامية بفعل الكثافة السكانيّة. ولتلوّث التربة تأثيرات ضارّة في البشر مما يتسبّب بالأمراض السرطانيّة الجلديّة والاضطرابات التنفسيّة والعيوب الخلقية للأجنّة عند الحوامل.الحروب سبب إضافيّ لزيادة نسب التلوّث
إنّ للحروب تداعيات سلبيّة على البيئة. فقد كشف برنامج الأمم المتحدة للبيئة أنّ تأثير هذه الحروب ضاعف من التلوّث، فتحدّث عن مخاطر انتشار كميّة المتفجرات على صحّة الإنسان، ونبّه من توسّع نسب الملوّثات في الدول التي تدور المعارك على أراضيها. ففي سوريا مثلا، تمّ استعمال المواد الفوسفورية المسرطنة في القصف على الأحياء السكنيّة، كما تمّ استهداف المستشفيات مع ما تحتويه من أدوية ومواد كيماوية، وتم تدمير محطات تنقية المياه، ومحطّات تنقية المجاري في أكثر من منطقة، وبالتّالي حصل تلويث للبيئة عن قصد أو غير قصد.حلول بسيطة؟
وأمام هذا الواقع البيئي المرير نعدّد بعض الطرق التي من الممكن تطبيقها على الصعيد الفردي كي نساهم ولو جزئيّاً في الحفاظ على بيئتنا: - لتنقية الهواء يمكننا زراعة الأشجار والنباتات ذات الأوراق العريضة في أية بقعة فارغة محيطة بنا خارج المنزل أو داخله، مع العلم أن دراسات أجريت في وكالة الفضاء ناسا وجامعة ولاية بنسلفانيا وجامعة جورجيا أظهرت أنّ هذه النباتات تستطيع فعلاً أن تحسّن من جودة الهواء. - قد نساعد في تخفيف الضوضاء إذا توقفنا عن استعمال الآلات التي تصدر أصواتًا عالية، وإذا اعتدنا على التحدّث بهدوء وبصوت منخفض وإذا التزمنا مبدأ عدم إزعاج الغير بإطلاق العنان للزمامير والأبواق. - علينا الوعي إلى خطورة تلويث المياه، فنهتم بمصادرها ونرفض استعمالها للتخلص من نفاياتنا الشخصيّة، ونشكل قوّة مؤثّرة بوجه المعامل والمصانع التي تستعمل المسطّحات المائيّة لرمي مخلّفاتها. - أما بالنسبة لتلوّث التربة ، فمن الضروري العمل على تقليص كميّة القمامة التي تصدر عن استهلاكاتنا اليوميّة، ونقوم بفرزها ولا نحرقها أو نطمرها خوفاً من تلويث مياهنا الجوفيّة. إنّها بعض الأفكار البسيطة السهلة التطبيق إذا أردنا الحفاظ على صحّتنا الجسديّة والنفسيّة، ويبقى الأساس نشر الوعي حول أهميّة البيئة حتى نتمكّن من العيش في مكان يليق بكرامة الإنسان وحسّه المرهف.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون