يبدو أن العلاقات المغربية السعودية تَمُرّ بأزمة غير مُعلَنة، زاد تأكيدها عدم زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الرباط، في إطار جولته العربية التي بدأها من الإمارات العربية المتحدة، والتي شملت حتى الآن كل من مصر والبحرين وتونس، في الوقت الذي لم تُعلن الجزائر وموريتانيا بعد عن تاريخ استقبال وليّ العهد المتواجد في العاصمة الأرجنتينية للمشاركة في قمة العشرين. غياب تصريح رسمي من أحد البلدين لتحديد أسباب استثناء المغرب من جولة بن سلمان فتح الباب لانتشار التكهنات. كان منها ما جاء في موقع "لكم" المغربي الذي ذكر وِفقاً لمصدر مُطّلع أن "محمد بن سلمان لم يستثنِ المغرب من زيارته وإنما المغرب هو من رفض استقباله في الظروف الحالية"، فيما كتبت صحيفة "العربي الجديد"، نقلاً عن مصدر دبلوماسي مغربي، أن "أجندة بن سلمان لا تَتضمّن المجيء إلى المغرب، وبالتالي لا صحة لأي رفض مغربي لزيارة ولي عهد المملكة العربية السعودية". من جهتها، نشرت صحيفة "القدس العربي" خبراً يتحدث عن "صعوبة" استقبال الملك المغربي محمد السادس لولي العهد السعودي "بسبب أجندته"، وأنَّه ربما اقترحت الرباط أن يتمّ استقباله من طرف شقيق الملك، الأمير رشيد، الأمر الذي رفضته الرياض.
أزمة غير مُعلنة
منذ مطلع عام 2018، راحت تلوح في الأفق بوادر الأزمة بين الرباط والرياض، بداية من هجوم المستشار في الديوان الملكي السعودي ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة في السعودية، تركي آل الشيخ، على المملكة المغربية التي كانت قد تقدّمت بملف ترشيحها لاستضافة مونديال 2026. حينها، كتب آل الشيخ تغريدة، على حسابه في "تويتر"، في إشارة واضحة إلى المغرب جاء فيها: "هناك من أخطأ البوصلة، إذا أردت الدعم فعرين الأسود في الرياض هو مكان الدعم، ما تقوم به هو إضاعة للوقت، دع "الدويلة" تنفعك...! رساله من الخليج إلى المحيط". وقد اعتبر المراقبون آنذاك أن هذه التغريدة تُعبِّر في الحقيقة عن انزعاج السعودية من الموقف المُحايِد الذي اتخذته الرباط من الأزمة الخليجية، خاصة وأن الملك المغربي كان قد قام بزيارة رسمية إلى الدوحة في نوفمبر 2017 تُوِّجت بعقد لقاء قمة مع أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وفي أبريل عام 2018، أي بعد أقل من شهر على هجوم آل الشيخ على المغرب، نشر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، عبر حسابه على "تويتر"، صورة "سيلفي" مع الملك محمد السادس، الذي كان يُوجد في فترة نقاهة في باريس، ومحمد بن سلمان، وكلاهما يظهران مُبتَسميْن؛ وهي الصورة التي اعتُبِرت بمثابة رسالة تدُلّ على أن العلاقات بين المملكتين بخير ولا يَشوبُها أي توتر، إلا أن موعد التصويت على الملف الذي سيفوز بشرف تنظيم دورة كأس العالم 2026 جعل الكثيرين يتساءلون عمّا يحدُث خلف الكواليس بين البلدين.يبدو أن العلاقات المغربية السعودية تَمُرّ بأزمة غير مُعلَنة، زاد تأكيدها عدم زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الرباط، في إطار جولته العربية التي بدأها من الإمارات العربية المتحدة، والتي شملت حتى الآن كل من مصر والبحرين وتونس
لم يعُد يخفى على أحد أن الرياض تنزعجُ من آراء بعض المثقفين والصحافيين والحقوقيين المغاربة الذين يُعبّرون عن مواقف تنتَقدُ النظام السياسي في بلاد الحرمين، آخرها ما كشف عنه الفقيه المقاصدي أحمد الريسوني، الذي انتُخبَ مُؤخراً رئيساً للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين...وفي يوليو الماضي، ظهر أن المملكة العربية السعودية لعِبتْ دوراً محورياً في حشد الدعم لصالح الملف المشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، وصل إلى درجة تأليب دول المنطقة لحرمان المغرب من أصوات دول عربية صديقة كالإمارات والبحرين والكويت والأردن؛ فيما ذكر بلاغ صدر عن الديوان الملكي المغربي لاحقاً أن الملك محمد السادس قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع الشيخ تميم بن حمد، مع الإشارة إلى أن "قطر كانت من بين الدول التي صوّتت لصالح الترشيح المغربي خلال عملية التصويت لاختيار البلد المنظم لكأس العالم 2026 التي أُجرِيت اليوم في موسكو".
الملك سلمان يُلغي عُطلته في المغرب
عندما يزور الملك سلمان مدينة طنجة (شمالي المغرب) لقضاء عطلته الصيفية، تَنتعش الحركة الاقتصادية في المدينة، كما أن مجيئه يُشكّل 1.5% من إيرادات قطاع السياحة الأجنبية للبلاد؛ فقد كشفت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية العام الماضي أن العاهل السعودي أنفق مئة مليون دولار في إجازته التي قضاها في مُنتجعه الصيفي في طنجة، لكن خلافاً لِما كان مُنتظراً هذه السنة، قرّر الملك عدم زيارة المغرب لإمضاء إجازته السنوية، ما يعني أن غيابه سيكون قد شكّل بدون شك ضربة موجعة لاقتصاد المدينة المُطلّة على القارة الأوروبية. وخلال إقامته في طنجة، أغسطس عام 2017، استُقبِل الملك سلمان رسمياً في المطار من طرف رئيس الحكومة المغربية لدى وصوله، وزَارهُ لاحقاً الملك محمد السادس برفقة وليّ عهده وكبير مستشاريه ووزير الداخلية ومدير الأمن الوطني في مقرّ إقامته في إطار زيارة "صداقة ومجاملة". وتعود آخر زيارة رسمية قام بها الملك المغربي إلى الرياض إلى أبريل 2016، بمناسبة انعقاد القمة المغربية - الخليجية الأولى من نوعها؛ بينما تناقلت مصادر إعلامية مغربية أنّ الملك قام بزيارة غير رسمية إلى السعودية في أبريل المنصرم لأداء مناسك العمرة في مكة المكرمة بعد فترة النقاهة التي قضاها في باريس بعد العملية الجراحية التي خضع لها، في حين ناب عنه شقيقه الأمير رشيد لحضور القمة العربية التي انعقدت في مدينة الظهران، شرقي السعودية.شخصيات مغربية تُزعج النظام السعودي
لم يعُد يخفى على أحد أن الرياض تنزعجُ من آراء بعض المثقفين والصحافيين والحقوقيين المغاربة الذين يُعبّرون عن مواقف تنتَقدُ النظام السياسي في بلاد الحرمين، آخرها ما كشف عنه الفقيه المقاصدي أحمد الريسوني، الذي انتُخبَ مُؤخراً رئيساً للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي تحدّث عن تدخل السفير السعودي في الرباط أكثر من مرة، لثنيه عن مهاجمة النظام السعودي والأمير محمد بن سلمان. وكشف الريسوني في حوار له عقب انتخابه أن السفير السعودي اشتكاه إلى رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، بسبب مقالات الرأي التي كان يَكتُبها عن السعودية، معتبراً أن "ذلك الأمر لا يهُمُّه ولا يُقيم له اعتباراً". كما أنَّ جريدة "أخبار اليوم" التي يملكُها الصحافي توفيق بوعشرين، المحكوم بـ12 سنة سجناً على خلفية اتِّهامِه بالاغتصاب والاتجار بالبشر، كانت قد نشرت مرات عديدة عن شكاوى السلطات السعودية من افتتاحيات بوعشرين المنشورة على الجريدة، مركزة على أن افتتاحية "أمير يبيعُ الوهم" التي كتبها في ديسمبر 2017 وحملت انتقادات لاذعة إلى بن سلمان جعلت السعودية توجِّه رسالة احتجاج إلى مكتب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني؛ من دون أن ينفي الأخير الخبر. وفي الوقت الذي سبق لوزير الخارجية المغربي أن صرّح في ندوة صحافية بضرورة "تَوْقير" السعودية في الإعلام المغربي، نشرت "أخبار اليوم" في عدد نهاية الأسبوع الماضي ملفاً مثيراً تحت عنوان "هل انتهى مشروع المحمدين"؟ في إشارة إلى وليي عهد السعودية والإمارات، اعتبرت فيه أن "مشروعهما الغامض للسيطرة والتحكم في المنطقة تلقَّى ضربات قوية دفعت خصومهما إلى الحديث عن نهاية كليهما أو أحدهما على الأقل".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومينحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com