بين المغرب والسعودية... أزمة صامتة يُعكّر صفْوَها ضجيجٌ مدروس
الجمعة 7 ديسمبر 201803:14 م
يبدو أن العلاقات المغربية السعودية تَمُرّ بأزمة غير مُعلَنة، زاد تأكيدها عدم زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الرباط، في إطار جولته العربية التي بدأها من الإمارات العربية المتحدة، والتي شملت حتى الآن كل من مصر والبحرين وتونس، في الوقت الذي لم تُعلن الجزائر وموريتانيا بعد عن تاريخ استقبال وليّ العهد المتواجد في العاصمة الأرجنتينية للمشاركة في قمة العشرين. غياب تصريح رسمي من أحد البلدين لتحديد أسباب استثناء المغرب من جولة بن سلمان فتح الباب لانتشار التكهنات. كان منها ما جاء في موقع "لكم" المغربي الذي ذكر وِفقاً لمصدر مُطّلع أن "محمد بن سلمان لم يستثنِ المغرب من زيارته وإنما المغرب هو من رفض استقباله في الظروف الحالية"، فيما كتبت صحيفة "العربي الجديد"، نقلاً عن مصدر دبلوماسي مغربي، أن "أجندة بن سلمان لا تَتضمّن المجيء إلى المغرب، وبالتالي لا صحة لأي رفض مغربي لزيارة ولي عهد المملكة العربية السعودية". من جهتها، نشرت صحيفة "القدس العربي" خبراً يتحدث عن "صعوبة" استقبال الملك المغربي محمد السادس لولي العهد السعودي "بسبب أجندته"، وأنَّه ربما اقترحت الرباط أن يتمّ استقباله من طرف شقيق الملك، الأمير رشيد، الأمر الذي رفضته الرياض.
أزمة غير مُعلنة
منذ مطلع عام 2018، راحت تلوح في الأفق بوادر الأزمة بين الرباط والرياض، بداية من هجوم المستشار في الديوان الملكي السعودي ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة في السعودية، تركي آل الشيخ، على المملكة المغربية التي كانت قد تقدّمت بملف ترشيحها لاستضافة مونديال 2026. حينها، كتب آل الشيخ تغريدة، على حسابه في "تويتر"، في إشارة واضحة إلى المغرب جاء فيها: "هناك من أخطأ البوصلة، إذا أردت الدعم فعرين الأسود في الرياض هو مكان الدعم، ما تقوم به هو إضاعة للوقت، دع "الدويلة" تنفعك...! رساله من الخليج إلى المحيط". وقد اعتبر المراقبون آنذاك أن هذه التغريدة تُعبِّر في الحقيقة عن انزعاج السعودية من الموقف المُحايِد الذي اتخذته الرباط من الأزمة الخليجية، خاصة وأن الملك المغربي كان قد قام بزيارة رسمية إلى الدوحة في نوفمبر 2017 تُوِّجت بعقد لقاء قمة مع أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وفي أبريل عام 2018، أي بعد أقل من شهر على هجوم آل الشيخ على المغرب، نشر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، عبر حسابه على "تويتر"، صورة "سيلفي" مع الملك محمد السادس، الذي كان يُوجد في فترة نقاهة في باريس، ومحمد بن سلمان، وكلاهما يظهران مُبتَسميْن؛ وهي الصورة التي اعتُبِرت بمثابة رسالة تدُلّ على أن العلاقات بين المملكتين بخير ولا يَشوبُها أي توتر، إلا أن موعد التصويت على الملف الذي سيفوز بشرف تنظيم دورة كأس العالم 2026 جعل الكثيرين يتساءلون عمّا يحدُث خلف الكواليس بين البلدين.يبدو أن العلاقات المغربية السعودية تَمُرّ بأزمة غير مُعلَنة، زاد تأكيدها عدم زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الرباط، في إطار جولته العربية التي بدأها من الإمارات العربية المتحدة، والتي شملت حتى الآن كل من مصر والبحرين وتونس
لم يعُد يخفى على أحد أن الرياض تنزعجُ من آراء بعض المثقفين والصحافيين والحقوقيين المغاربة الذين يُعبّرون عن مواقف تنتَقدُ النظام السياسي في بلاد الحرمين، آخرها ما كشف عنه الفقيه المقاصدي أحمد الريسوني، الذي انتُخبَ مُؤخراً رئيساً للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين...وفي يوليو الماضي، ظهر أن المملكة العربية السعودية لعِبتْ دوراً محورياً في حشد الدعم لصالح الملف المشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، وصل إلى درجة تأليب دول المنطقة لحرمان المغرب من أصوات دول عربية صديقة كالإمارات والبحرين والكويت والأردن؛ فيما ذكر بلاغ صدر عن الديوان الملكي المغربي لاحقاً أن الملك محمد السادس قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع الشيخ تميم بن حمد، مع الإشارة إلى أن "قطر كانت من بين الدول التي صوّتت لصالح الترشيح المغربي خلال عملية التصويت لاختيار البلد المنظم لكأس العالم 2026 التي أُجرِيت اليوم في موسكو".